الرئيس لقادة قبرص واليونان: حقوقنا فى مياه النيل أولوية قصوى

عُقدت قمة آلية التعاون الثلاثى فى العاصمة اليونانية «أثينا»، أمس، بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونيكوس أناستاسياديس، رئيس قبرص، وكيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان.
أكد الرئيس السيسى أن آلية التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص أسهمت فى الاتفاق على مشروعات للتعاون فى قطاعات الطاقة والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، مشيرًا إلى الآفاق الواعدة بين الدول الثلاث لتعزيز روابط التعاون بين دولنا فى عدد آخر من القطاعات الحيوية كالسياحة والبيئة، ومواجهة ظاهرة التغير المناخى، ننطلق فيها استنادًا إلى حرصنا المتبادل على الاستفادة القصوى من إمكاناتنا ومواردنا التى تؤهلنا لتحقيق تطلعات شعوبنا نحو مزيد من الرفاهية والرخاء.
وأضاف السيسى، خلال أعمال القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان، المنعقدة بالعاصمة أثينا: «يغمرنى شعور متجدد بالسرور كلما تواجدت على أرض هذا البلد الصديق الذى لا يخفى عليكم ما يجمعه بالشعب المصرى من إرث حضارى عريق وروابط تاريخية مشتركة على مر العصور والأزمنة».
وأكد السيسى اعتزاز مصر الكبير بما حققته آلية التعاون الثلاثى حتى الآن، حيث «نجحت شراكتنا منذ تدشينها قبل نحو ثمانية أعوام فى تكريس أهمية التشاور الدورى والتنسيق الوثيق بيننا حول الملفات الإقليمية والدولية التى تؤثر على بلداننا وكافة شعوب المنطقة»، موضحًا أنها عكست التزامًا متبادلًا بتمكين هذا النسق من التعاون من ترجمة تحركاته السياسية والدبلوماسية إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع، وفى مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية.
وبالإضافة لذلك شهدت الآونة الأخيرة تحديات وأزمات طارئة مثل حرائق الغابات، ومن قبلها جائحة «كورونا» المتسببة فى تحديات صحية واقتصادية صعبة، أظهرت استعداد الدول الثلاث لدعم بعضها البعض فى المواقف الصعبة.
وشدد الرئيس على ما توليه مصر من اهتمام خاص بتعزيز التعاون بين اليونان وقبرص فى مجالات الطاقة، سواء بشقها التقليدى أو ارتباطًا بمصادرها المتجددة، معربًا عن سعادته الشخصية أن يكون شاهدًا على توقيع الاتفاق الثلاثى فى مجال الربط الكهربائى للبناء على ما جرى منذ أيام بإبرام اتفاقيتين ثنائيتين لربط الشبكة الكهربائية فى مصر مع اليونان وقبرص على المستوى الثنائى، الأمر الذى نعتبره بمثابة خطوة تمهيدية تقربنا للهدف المشترك الذى نطمح إليه، ألا وهو الربط الكهربائى لاحقًا مع بقية أرجاء القارة الأوروبية.
وقال السيسى إنه من المهم أن نعمل سويًا للبناء على هذه الخطوة الأولية بهدف إيجاد زخم موازٍ فيما يتصل بمسعى إنشاء خط أنابيب بحرى لنقل الغاز الطبيعى من حقل «أفروديت» القبرصى إلى محطتى الإسالة المصريتين بدمياط وإدكو تمهيدًا لتوريد الغاز المُسال من مصر إلى اليونان، ومنها لاحقًا إلى كثير من دول أوروبا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتسق مع الطموحات المنشودة من تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بوصفه كيانًا نُعوّل عليه من أجل حسن التخطيط لمشروعات التعاون الإقليمى، وتعظيم استفادة الدول الأعضاء وشعوب المنطقة من مخزون الغاز الطبيعى والثروات الهيدروكربونية بالبحر المتوسط، وبما يتسق مع قواعد القانون الدولى ومبدأ احترام سيادة الدول على أقاليمها ومواردها.
وأضاف السيسى: «إن لقاءنا يُعتبر فرصة مهمة لتناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلبه تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة بُلدان المنطقة وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية، فضلًا عن مراعاة مقتضيات الأمن البحرى لكل دولة، كونه جزءًا من الأمن الإقليمى».
وتابع: «لا يمكن التطرق إلى منطقة شرق المتوسط دون التأكيد فى هذا السياق على دعمنا المتجدد لمساعى جمهورية قبرص بهدف إيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية استنادًا لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة، وعلى نحو يؤدى إلى إعادة توحيد شطرى الجزيرة، مع التأكيد على أهمية التزام كافة الأطراف المعنية بعدم انتهاك المياه الإقليمية أو المجال الجوى لجمهوريتى قبرص واليونان».
وشدد السيسى على ما توليه مصر من أولوية قصوى لمسألة الأمن المائى وحقوقنا فى مياه نهر النيل، باعتبارها قضية مصيرية تستوجب بذل كافة الجهود الممكنة للتوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى.
وعرض الرئيس آخر المساعى المصرية للوصول لحل عادل لهذه القضية فى مواجهة التعنت غير المبرر أو المفهوم أو المقبول من الأشقاء فى إثيوبيا.
وأعرب السيسى عن تطلعه لما سيشهده الاجتماع من استئناف للنقاش المتواصل حول ملفات مهمة ذات تماس مباشر مع أمننا القومى، ولها تأثير كبير على مجمل حالة الاستقرار فى جوارنا الإقليمى المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبى والوضع فى سوريا وسبل دعم لبنان الشقيق، مؤكدًا أن التبادل الدورى والمنتظم للرأى والتنسيق الوثيق لمواقفنا إزاء هذه القضايا وغيرها مما يرتبط باستقرار المنطقة «يمثل أحد الأعمدة الأساسية لشراكتنا الثلاثية الناجحة».
وأضاف أن مصر تعتبر شراكتنا الثلاثية بمثابة جسر من التفاهم والتناغم عبر ضفتى المتوسط، وبين مصر والقارة الأوروبية. مؤكدًا أن مصر تعول على شركائها اليونانيين والقبارصة لدعم رؤيتها وشرح مواقفها فى الإطار الأوسع للاتحاد الأوروبى، ترسيخًا وتعميقًا للشراكة المصرية- الأوروبية، التى تقوم على التوازن والاحترام والمنفعة المتبادلة.
وعرض الرئيس خلال كلمته الخطوات المهمة التى قامت بها مصر فى ملف حقوق الإنسان بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى سبتمبر الماضى، فضلًا عن بحث سبل اطلاع شركائنا الأوروبيين على هذه التطورات المهمة، بحيث تتضح جدية مساعى الدولة المصرية لإعلاء حقوق وكرامة مواطنيها من منظور شامل.
وقال السيسى إن ظاهرة الإرهاب تستمر كخطر حاضر يحرم شعوب المنطقة من أبسط حقوقها الإنسانية، ألا وهو الحق فى الأمن والعيش الكريم، وسط أزمات عابرة للحدود لا تقل خطورة، مثل ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما يرتبط بها من أنشطة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.
وأكد السيسى تفهم مصر للأهمية التى يوليها شركاؤنا للتكاتف أمام هذه الظواهر المهددة للاستقرار، ما يدفعنا لبذل كل جهد ممكن من جانبنا للحد من تداعياتها، وبما يترتب عليه من أعباء مادية كبيرة، تتحملها مصر عن طيب خاطر، إسهامًا منها فى دعم الاستقرار الإقليمى والدولى.
واختتم السيسى كلمته بتوجيه الشكر لرئيسى قبرص واليونان على قناعتهما الصادقة بأهمية التعاون بين الدول الثلاث، ومن ثم بأهمية الانطلاق بآلية التعاون الثلاثى إلى آفاق أرحب فى إطار الانفتاح والحرص المتبادل على تعزيز ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم بأسره، موجهًا الشكر للقادة القبارصة واليونانيين على تقديم شحنات التطعيمات ضد «كورونا» دعمًا للجهود المصرية لمواجهة الجائحة، وإعلاءً لقيم التضامن بين الأصدقاء فى وقت الشدة، مؤكدًا تطلعه لتبادل مفيد وبنّاء للرؤى فى الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وتطلع مصر لاستضافة الاجتماع العاشر لآلية التعاون الثلاثى خلال العام المقبل.