قال محللون إن دول الخليج العربية لن تتراجع على الأرجح عن الحوار لتحسين العلاقات مع إيران بعد فوز قاض من غلاة المحافظين بالرئاسة لكن محادثاتها مع طهران قد تصبح أكثر صعوبة. وقالوا إن آفاق تحسن العلاقات بين إيران الشيعية والأنظمة الملكية العربية السنية فى الخليج قد تتوقف فى نهاية المطاف على إحراز تقدم فى إحياء اتفاق طهران النووى المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد فوز إبراهيم رئيسى فى انتخابات الرئاسة التى جرت الجمعة. ويتولى القاضى ورجل الدين الإيرانى، الخاضع لعقوبات أمريكية، منصبه فى أغسطس، فى حين تستمر المحادثات النووية فى فيينا فى عهد الرئيس المنتهية ولايته حسن روحانى، وهو رجل دين أكثر براجماتية. وبدأت السعودية وإيران، الخصمان الإقليميان منذ أمد بعيد، محادثات مباشرة فى إبريل لاحتواء التوتر فى نفس الوقت الذى انخرطت فيه القوى العالمية فى المفاوضات النووية. وقال عبدالخالق عبدالله، المحلل السياسى الإماراتى: «بعثت إيران الآن رسالة واضحة مفادها أنها تميل إلى موقف أكثر تطرفا وأكثر تحفظا». وأضاف أن انتخاب رئيسى قد يجعل تحسين العلاقات مع دول الخليج تحديا أصعب. وتابع قائلا: «لكن إيران ليست فى وضع يمكنها من أن تصبح أكثر تطرفا لأن المنطقة أصبحت صعبة للغاية وخطيرة للغاية». وسارعت الإمارات وسلطنة عمان بتهنئة رئيسى. وتمثل دبى، المركز التجارى الإماراتى، بوابة تجارية لإيران، ولعبت عُمان دور الوساطة الإقليمية فى كثير من الأحيان. وباتت السعودية والبحرين البلدين الوحيدين بالخليج اللذين لم يعقبا بعد على النتيجة. وقال خالد السليمان فى صحيفة «عكاظ» السعودية: «تعددت الوجوه والرئيس هو (على) خامنئي». وعبر رئيسى، وهو من أشد المنتقدين للغرب وحليف المرشد الإيرانى على خامنئى، الذى يتمتع بالسلطة المطلقة فى إيران، عن دعمه لمواصلة المفاوضات النووية. وقال عبدالعزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث «إذا نجحت محادثات فيينا وكان الوضع أفضل مع أمريكا، فعندئذ قد يتحسن الوضع فى ظل وجود غلاة المحافظين القريبين من الزعيم الأعلى فى السلطة». قال جان مارك ريكلى، المحلل فى مركز جنيف للسياسات الأمنية، إن إحياء الاتفاق النووى ورفع العقوبات الأمريكية عن إيران من شأنه أن يعزز موقف رئيسى ويخفف من حدة الأزمة الاقتصادية الإيرانية ويكون له تأثير فى محادثات الخليج. ولا ترغب إيران ولا دول الخليج العربية فى العودة إلى حالة التوتر التى شهدها عام 2019 جراء سلسلة من الهجمات التى استهدفت ناقلات نفط فى مياه الخليج ومنشآت نفط سعودية، ثم إقدام واشنطن خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب على اغتيال القائد العسكرى الإيرانى قاسم سليمانى فى العراق. وقال محللون إن التصور بأن واشنطن تنفصل الآن عسكريا عن المنطقة تحت قيادة الرئيس الأمريكى جو بايدن يدفع إلى اتباع نهج أكثر واقعية فى منطقة الخليج. ومع ذلك طالب بايدن إيران بالحد من برنامجها الصاروخى والتوقف عن دعم وكلائها فى المنطقة مثل جماعة الحوثى فى اليمن وهى مطالب تحظى بدعم قوى من دول الخليج العربية. وقال ريكلى «لقد أدرك السعوديون أنه لم يعد بوسعهم الاعتماد على الأمريكيين من أجل أمنهم.. ورأوا أن إيران تمتلك الوسائل لممارسة ضغط حقيقى على المملكة من خلال الهجمات المباشرة وأيضا من خلال مستنقع اليمن». وتركز المحادثات السعودية الإيرانية بشكل أساسى على اليمن حيث لم تعد الحملة العسكرية التى تقودها الرياض منذ أكثر من 6 سنوات ضد جماعة الحوثى المتحالفة مع إيران تحظى بدعم الولاياتالمتحدة. وتحافظ الإمارات على اتصالاتها مع طهران منذ عام 2019 فى حين تقيم علاقات أيضا مع إسرائيل، عدو إيران اللدود فى المنطقة. وفى الأسبوع الماضى، كتبت سنام وكيل الباحثة فى مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية تقول إنه كان من المتوقع استمرار المحادثات الإقليمية لا سيما المتعلقة بالأمن البحرى ولكن «لا يمكن أن تكتسب (المحادثات) الزخم إلا إذا أظهرت طهران حسن النية».