غدا، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    رئيس مياه الغربية يتفقد محطات كفر الزيات    جهاز تنمية المشروعات ومنتدى الخمسين يوقعان بروتوكول تعاون لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    «أفريكسيم بنك»: إطلاق مركز التجارة الإفريقي بحضور مدبولي يعكس دور مصر المحوري في دعم الاقتصاد القاري    البنتاجون: مقتل جنديين أمريكيين ومدني وجرح 3 آخرين في هجوم وسط سوريا    عمر الغنيمي: غزة تعيش كارثة إنسانية متعمدة.. والمجتمع الدولي يتحمل المسؤولية بالصمت    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    الشوط الأول| تعادل سلبي بين برشلونة وأوساسونا في الدوري الإسباني    وزير الشباب يشهد ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية باستاد القاهرة    ريال مدريد يجهز خيار الطوارئ.. أربيلوا الأقرب لخلافة تشابي ألونسو    مصرع وإصابة 4 أشخاص في تصادم جرار زراعي وسيارة نقل بطريق جنيفة    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    25 ألف جنيه غرامات فورية خلال حملات مواعيد الغلق بالإسكندرية    يوسف الشريف يشوق محبيه بوسترات «فن الحرب» | رمضان 2026    يوسا والأشكال الروائية    الشناوي: محمد هنيدي فنان موهوب بالفطرة.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه    من مسرح المنيا.. خالد جلال يؤكد: «مسرح مصر» أثر فني ممتد وليس مرحلة عابرة    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مستشار الرئيس للصحة: الإنفلونزا الموسمية أكثر الفيروسات التنفسية انتشارا هذا الموسم    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    توقف قلبه فجأة، نقابة أطباء الأسنان بالشرقية تنعى طبيبًا شابًا    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    منافس مصر - مدرب زيمبابوي ل في الجول: بدأنا الاستعدادات مبكرا.. وهذا ما نعمل عليه حاليا    المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: الطفولة تمثل جوهر البناء الإنساني    استشهاد وإصابة 30 فلسطينيا في قصف إسرائيلي غرب مدينة غزة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    حبس مدرب أكاديمية كرة القدم بالمنصورة المتهم بالتعدي على الأطفال وتصويرهم    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    تعرف على إيرادات فيلم الست منذ طرحه بدور العرض السينمائي    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التلاقى الثقافى.. بين الشعار والواقع
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 07 - 2010

اعتبرت فى المقال السابق، فى سياق صراعنا الكروى مع الجزائر، أن المشكلة الأساسية المجسدة فيه تعبر عن نظرتنا لعلاقاتنا مع الآخر، خصوصا العربى منه، والمبنية على مجموعة من الشعارات التعميمية، العنصرية أحيانا، التى تتكلم عن وحدة الدم واللغة والدين والتاريخ والثقافة دون أن تتطرق لتفاصيل الواقع. ذلك ليس معناه أنى ضد التكامل العربى.. بل، على العكس، أعتقد أن هذه النظرة بالتحديد هى التى أبعدتنا عن هذا العالم.
لماذا؟ لأنها تعبر عن توقعات غير معقولة، لأنها مبنية على أساس شعائرى يتكلم عن تاريخ مثالى مشترك دون الأخذ فى الاعتبار أن الوحدة لا تفرض هكذا. فالكلام عن وحدة الماضى والمصير فى ظل خطاب يتجاهل أهمية الاعتراف بالاختلافات الحقيقية الموجودة حتميا وقبولها، هو كلام منقوص وغير مجد، لأنه من خلال الاختلاف ينبع الخطاب النقدى العقلانى، من خلال مقارنة الشىء بنقيضة تنبع المعرفة ويتكرس التواصل الحقيقى.
فكم ممن يتكلمون عن وحدة الدم واللغة والتاريخ والمصير حاولوا بجدية دراسة الواقع الاجتماعى للبلدان العربية المعاصرة، أو فهم تركيباتها المعقدة؟ الوحدة لا يمكن فرضها من خلال الشعارات أو مقابلات الرؤساء والملوك فى مؤترات ال«قمة».. بل، أليس فشل الأخيرة التاريخى يعكس مشكلة جذرية فى التواصل، النابع عن الأوضاع العربية الرافضة فى مجملها، فى خطابها العام وأنظمتها السياسية، لمبدأ التعددية المبنى على النقد الحر واختلاف الهوى والآراء، سواء كان ذلك على المستوى الداخلى فى كل دولة أو على مستوى العابر للدول، أو المتجسد فى ما كان يسمى بالمنظومة العربية التى حاولت جامعة الدول التعبير عنها؟
وأليس الصراع الدائر بصورة شبه مستمرة على ال«ريادة والقيادة» بين الأنظمة العربية الحاكمة لمجتمعات رافضة للتعددية، منذ أن رفعت بعضها شعارات ال«وحدة» منذ أكثر من نصف قرن، أكبر دليل على تصادم العالم المبنى على الشعارات مع عالم الواقع؟
لنأخذ مثالاً داخلياً بسيطاً، يعكس مأزق رفض التعددية وقبول وفهم الآخر، الذى يفشِل كل محاولات بناء الوئام بين طوائف الناس المختلفة. فى الأيام الأخيرة، ظهر ذلك مرة أخرى من خلال مشكلة عجز المجتمع المصرى فى التعامل مع كل ما هو مختلف، حتى على مستوى الداخل.. ظهرت المشكلة من خلال معضلة بدو سيناء التى تعود تكراريا لتطفو رغم محاولات كبتها، وظهرت هذه المرة من خلال فشل مفاوضات وزير الداخلية مع قيادات بدو سيناء..
ولكى لا نحمل وزير الداخلية أكثر من طاقته، يجب أن نعترف أولا أن المسألة ليست فى النهاية مشكلة أمنية بالدرجة الأولى رغم أن الأمن المصرى كعادته عمل على تفاقمها. الموضوع فى صيغته الأعمق، موضوع سياسى وثقافى. فكم من المثقفين أو الساسة أو رجال الأعمال فى مصر اهتم بفهم أوضاع بدو سيناء، اهتم بتناول تاريخهم وثقافتهم وآمالهم ومخاوفهم، أو حاول التواصل الجاد معهم مثلا؟ أفلا تربطنا بهؤلاء العرب أيضا علاقات الدم والدين واللغة والتاريخ؟ أليس من المعقول أن نحاول التواصل مع هؤلاء قبل الكلام عن الوحدة العربية الشاملة، والمصير المشترك مع دول بعيدة وليست مفهومة لمعظم المصريين مثل الجزائر؟
أعترف بأنى لا أعرف ظروف بدو سيناء جيدا، لكن لى تجربة طويلة مع عرب الساحل الشمالى ومطروح. فمنذ طفولتى ولى معارف وأصدقاء هناك، لأن الوالد كان يعشق مطروح منذ عهد لم تكن فيه تلك المدينة مزارا إلا لقلة قليلة من المصريين من خارجها. ومنذ ذلك الزمن وأنا استمع لشكاوى ساكنى مطروح، المتعلقة بعدم إحساسهم بالمواطنة الكاملة، وبوجود التمييز ضدهم فى جميع مجالات الحياة، وليس فقط من الناحية الأمنية أو الرسمية..
فهناك مشاكل تتعلق بعدم وجود فرص العمل، وأيضا فى صعوبة التلاقى مع باقية المصريين. فحتى الآن، ومع تدفق كم هائل من المصيفين على مطروح خلال الصيف، لا يوجد تلاق يذكر بين أهل البلد والقادمين من خارجها، خارج نطاق بيع وشراء السلع فى «سوق ليبيا» مثلا، أو الأراضى والعقارات.
وهذه مشكلة لا يمكن أن تحلها وزارة الداخلية، لأنها مشكلة اجتماعية وليدة مجتمع يرتاب من الآخر المختلف ولا يجيد التعامل معه. فحتى فى معظم الصناعات والمشاريع الكبرى فى الساحل الشمالى، هناك فصل بين البدوى وبقية المصريين.. وأعتقد أن مشاكل مشابهة تواجه بدو سيناء، وهذا الاستنتاج مبنى على بعض بنود قائمة المطالب المقدمة من قبل هؤلاء للحكومة، ومنها مثلا- حسب ما نشرته «المصرى اليوم» فى عدد يوم الخميس الماضى- «أن يكون لشباب البدو نصيب فى فرص العمل بالمصانع التى تقام فى سيناء».
رغم أن بدو سيناء قدموا هذا المطلب لوازرة الداخلية، أعتقد أنه يجب أن يتوجهوا به أولا، وبمطالب أخرى مشابهة، للمجتمع المصرى ككل.. وأعتقد أيضا أن الكثير ممن يتكلمون عن وحدة الدين والدم واللغة فى سياق عابر للدول، يجب أولا أن يتيقنوا أن التلاقى الحقيقى بين الناس يجب أن يكون مبنياً على التعددية واحترام الآخر.. وذلك أولا داخل الأمة المصرية، قبل الكلام عن أمة عربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.