محافظ دمياط يستقبل مساعد وزير الاتصالات ورئيس معهد ITI لبحث تعزيز التعاون    وزير الخارجية الألمانى يتوجه إلى إسرائيل والضفة الغربية    منصة "كوين ديسك": ارتفاع قيمة العملات الرقمية المشفرة بعد خسائر أمس    قناة السويس تحقق قفزات تاريخية.. تحوّل أخضر وتوسيع الإنتاج المحلي لتعزيز الاقتصاد المصري    أسعار الفضة اليوم الخميس 31 يوليو 2025.. بكم السبيكة وزن كيلو جرام؟    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي.. (تفاصيل)    قافلة إنسانية خامسة من مصر إلى غزة تحمل 6 آلاف طن مساعدات    رئيس وزراء السويد: الوضع في غزة مروع ويجب تجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل    مطرانية مطاي وأهالي قرية داقوف يعلنون الحداد لوفاة 3 طالبات في حادث الصحراوي الشرقي بالمنيا    صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق متفرقة    ننشر حركة تنقلات ضباط المباحث بمراكز مديرية أمن قنا    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يبحث الاستعدادات لانطلاق امتحانات الدور الثانى    أشرف زكي من جنازة لطفي لبيب: فقدنا نجم كان مدرسة في الصبر    محلل فلسطينى: من يشكك فى الدور المصرى فضحته مشاهد دخول شاحنات المساعدات إلى غزة    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    مانشستر يونايتد يفوز على بورنموث برباعية    رد مثير من إمام عاشور بشأن أزمته مع الأهلي.. شوبير يكشف    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تقترب من 2 مليار جنيه    ئيس الهيئة الوطنية للانتخابات يعلن اكتمال الاستعدادات لانطلاق انتخابات مجلس الشيوخ    تنسيق جامعة أسيوط الأهلية 2025 (مصروفات ورابط التسجيل)    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    تفحم شقة سكنية اندلعت بها النيران في العمرانية    خلال يوم.. ضبط عصابتين و231 كيلو مخدرات و 58 قطعة سلاح ناري خلال يوم    «الداخلية»: ضبط 37 كيلو مخدرات وأسلحة نارية في حملات أمنية بأسوان ودمياط    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    فيديو.. طارق الشناوي ينعى لطفي لبيب: اقرأوا له الفاتحة وادعوا له بالجنة    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    عروض فنية متنوعة الليلة على المسرح الروماني بمهرجان ليالينا في العلمين    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    «لافروف» خلال لقائه وزير خارجية سوريا: نأمل في حضور الشرع «القمة الروسية العربية الأولى»    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد بمستشفيات جامعة القاهرة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    مواعيد مباريات الخميس 31 يوليو 2025.. برشلونة ودربي لندني والسوبر البرتغالي    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    خالد جلال يرثي أخاه: رحل الناصح والراقي والمخلص ذو الهيبة.. والأب الذي لا يعوض    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    ذبحه وحزن عليه.. وفاة قاتل والده بالمنوفية بعد أيام من الجريمة    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    الصيدلة 90 ألف جنيه.. ننشر مصروفات جامعة دمنهور الأهلية والبرامج المتاحة    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التلاقى الثقافى.. بين الشعار والواقع

اعتبرت فى المقال السابق، فى سياق صراعنا الكروى مع الجزائر، أن المشكلة الأساسية المجسدة فيه تعبر عن نظرتنا لعلاقاتنا مع الآخر، خصوصا العربى منه، والمبنية على مجموعة من الشعارات التعميمية، العنصرية أحيانا، التى تتكلم عن وحدة الدم واللغة والدين والتاريخ والثقافة دون أن تتطرق لتفاصيل الواقع. ذلك ليس معناه أنى ضد التكامل العربى.. بل، على العكس، أعتقد أن هذه النظرة بالتحديد هى التى أبعدتنا عن هذا العالم.
لماذا؟ لأنها تعبر عن توقعات غير معقولة، لأنها مبنية على أساس شعائرى يتكلم عن تاريخ مثالى مشترك دون الأخذ فى الاعتبار أن الوحدة لا تفرض هكذا. فالكلام عن وحدة الماضى والمصير فى ظل خطاب يتجاهل أهمية الاعتراف بالاختلافات الحقيقية الموجودة حتميا وقبولها، هو كلام منقوص وغير مجد، لأنه من خلال الاختلاف ينبع الخطاب النقدى العقلانى، من خلال مقارنة الشىء بنقيضة تنبع المعرفة ويتكرس التواصل الحقيقى.
فكم ممن يتكلمون عن وحدة الدم واللغة والتاريخ والمصير حاولوا بجدية دراسة الواقع الاجتماعى للبلدان العربية المعاصرة، أو فهم تركيباتها المعقدة؟ الوحدة لا يمكن فرضها من خلال الشعارات أو مقابلات الرؤساء والملوك فى مؤترات ال«قمة».. بل، أليس فشل الأخيرة التاريخى يعكس مشكلة جذرية فى التواصل، النابع عن الأوضاع العربية الرافضة فى مجملها، فى خطابها العام وأنظمتها السياسية، لمبدأ التعددية المبنى على النقد الحر واختلاف الهوى والآراء، سواء كان ذلك على المستوى الداخلى فى كل دولة أو على مستوى العابر للدول، أو المتجسد فى ما كان يسمى بالمنظومة العربية التى حاولت جامعة الدول التعبير عنها؟
وأليس الصراع الدائر بصورة شبه مستمرة على ال«ريادة والقيادة» بين الأنظمة العربية الحاكمة لمجتمعات رافضة للتعددية، منذ أن رفعت بعضها شعارات ال«وحدة» منذ أكثر من نصف قرن، أكبر دليل على تصادم العالم المبنى على الشعارات مع عالم الواقع؟
لنأخذ مثالاً داخلياً بسيطاً، يعكس مأزق رفض التعددية وقبول وفهم الآخر، الذى يفشِل كل محاولات بناء الوئام بين طوائف الناس المختلفة. فى الأيام الأخيرة، ظهر ذلك مرة أخرى من خلال مشكلة عجز المجتمع المصرى فى التعامل مع كل ما هو مختلف، حتى على مستوى الداخل.. ظهرت المشكلة من خلال معضلة بدو سيناء التى تعود تكراريا لتطفو رغم محاولات كبتها، وظهرت هذه المرة من خلال فشل مفاوضات وزير الداخلية مع قيادات بدو سيناء..
 ولكى لا نحمل وزير الداخلية أكثر من طاقته، يجب أن نعترف أولا أن المسألة ليست فى النهاية مشكلة أمنية بالدرجة الأولى رغم أن الأمن المصرى كعادته عمل على تفاقمها. الموضوع فى صيغته الأعمق، موضوع سياسى وثقافى. فكم من المثقفين أو الساسة أو رجال الأعمال فى مصر اهتم بفهم أوضاع بدو سيناء، اهتم بتناول تاريخهم وثقافتهم وآمالهم ومخاوفهم، أو حاول التواصل الجاد معهم مثلا؟ أفلا تربطنا بهؤلاء العرب أيضا علاقات الدم والدين واللغة والتاريخ؟ أليس من المعقول أن نحاول التواصل مع هؤلاء قبل الكلام عن الوحدة العربية الشاملة، والمصير المشترك مع دول بعيدة وليست مفهومة لمعظم المصريين مثل الجزائر؟
أعترف بأنى لا أعرف ظروف بدو سيناء جيدا، لكن لى تجربة طويلة مع عرب الساحل الشمالى ومطروح. فمنذ طفولتى ولى معارف وأصدقاء هناك، لأن الوالد كان يعشق مطروح منذ عهد لم تكن فيه تلك المدينة مزارا إلا لقلة قليلة من المصريين من خارجها. ومنذ ذلك الزمن وأنا استمع لشكاوى ساكنى مطروح، المتعلقة بعدم إحساسهم بالمواطنة الكاملة، وبوجود التمييز ضدهم فى جميع مجالات الحياة، وليس فقط من الناحية الأمنية أو الرسمية..
 فهناك مشاكل تتعلق بعدم وجود فرص العمل، وأيضا فى صعوبة التلاقى مع باقية المصريين. فحتى الآن، ومع تدفق كم هائل من المصيفين على مطروح خلال الصيف، لا يوجد تلاق يذكر بين أهل البلد والقادمين من خارجها، خارج نطاق بيع وشراء السلع فى «سوق ليبيا» مثلا، أو الأراضى والعقارات.
وهذه مشكلة لا يمكن أن تحلها وزارة الداخلية، لأنها مشكلة اجتماعية وليدة مجتمع يرتاب من الآخر المختلف ولا يجيد التعامل معه. فحتى فى معظم الصناعات والمشاريع الكبرى فى الساحل الشمالى، هناك فصل بين البدوى وبقية المصريين.. وأعتقد أن مشاكل مشابهة تواجه بدو سيناء، وهذا الاستنتاج مبنى على بعض بنود قائمة المطالب المقدمة من قبل هؤلاء للحكومة، ومنها مثلا- حسب ما نشرته «المصرى اليوم» فى عدد يوم الخميس الماضى- «أن يكون لشباب البدو نصيب فى فرص العمل بالمصانع التى تقام فى سيناء».
رغم أن بدو سيناء قدموا هذا المطلب لوازرة الداخلية، أعتقد أنه يجب أن يتوجهوا به أولا، وبمطالب أخرى مشابهة، للمجتمع المصرى ككل.. وأعتقد أيضا أن الكثير ممن يتكلمون عن وحدة الدين والدم واللغة فى سياق عابر للدول، يجب أولا أن يتيقنوا أن التلاقى الحقيقى بين الناس يجب أن يكون مبنياً على التعددية واحترام الآخر.. وذلك أولا داخل الأمة المصرية، قبل الكلام عن أمة عربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.