هل يجوز لنا أن نحاكم «مبارك» ووزير داخليته «حبيب العادلى» بتهمة قتل المتظاهرين؟. الآن لا أعتقد، وإلا أصبحنا فى حالة ازدواجية سياسية تحلل «الدم الطاهر» لوزير الداخلية اللواء «منصور عيسوى»، وتحرمه على من سبقه فى سحل المواطنين العزل وقتلهم بالخرطوش والغاز «السام» .. أو بالموت دهساً تحت عجلات المدرعات الميرى!!. هذه ليست دعوة للصفح عن الرئيس المخلوع ورجاله، لكنها تساؤلات تبحث عن «العدالة المفقودة» فى مصر ما بعد ثورة يناير. تساؤلات ربما تخفى صرخات الثكالى والأيتام والأرامل، أو تطلق آهة مكتومة فى صدر «أم» فقد ولدها الشاب نعمة البصر.. تساؤلات لا تبحث عن إجابة، ولا تنتظر اعتذاراً خجولاً أو محاكمة مؤجلة إلى أجل غير مسمى!. مللنا الوعود السياسية والبيانات والتحليلات، كرهنا التوازنات والصفقات والمساومات التى لا توقف نزيف الدم على أسفلت ميدان التحرير، ولا تلملم الجثث المتناثرة على الأرصفة. 35 شهيداً حتى كتابة هذه الكلمات، بحسب تصريحات وزارة الصحة، وإطلاق النار لم يتوقف!. اجتماعات تعقد وتنفض، دون أن يطل علينا نور الفجر أو تنقشع سحب الغاز «السام» الذى يحصد الأرواح جماعة (رغم نفى وزير الداخلية استخدام الغاز السام أو الخرطوش)!. حتى خطاب المشير «محمد حسين طنطاوى»، القائد العام للقوات المسلحة، لم يكفكف دمعاً أو يشفى جرحاً. لقد انتظرنا كلمات أخرى من سيادة المشير، بحكم مسؤوليته عن إدارة المرحلة الانتقالية، انتظرنا أن يعلن فوراً عن محاكمة من أطلق النار عشوائياً على الشعب الأعزل، أن يوقف نزيف المصريين.. لكنه كان عاتباً على الشعب، رافضاً محاولات (التشويه والتخوين)!. القائد العام للقوات المسلحة ينفى الاتهام بالتباطؤ فى تسليم السلطة، رغم أن بيانه قلص المسافة الزمنية للانتخابات الرئاسية عاماً تقريباً(!!). فكيف يقيم سيادته الفارق بين جدول زمنى لنقل السلطة ينتهى فى مارس 2013 وجدول جديد ينتهى فى يونيو 2012؟!. ثم من قال إن القوى السياسية توافقت على الجدول الزمنى الأول؟، لو أن المجلس العسكرى يأخذ برأى القوى السياسية لكان لدينا الآن مجلس رئاسى مدنى، وهو ما نطالب به منذ تنحى الرئيس المخلوع. نحن نعلم يا سيادة المشير أن المجلس العسكرى لا يطمع فى السلطة (وهى مأزق فى هذه المرحلة)، لكن الصلاحيات التى جاءت فى وثيقة «السلمى» لتجعل القوات المسلحة دولة فوق الدولة كانت الشرارة التى فجرت بركان الغضب. نعلم أيضاً أن الاقتصاد المصرى ينهار تماماً، لكن الاعتصامات ليست هى سبب الانهيار الاقتصادى .. بل إنه فشل الشرطة فى السيطرة على ظاهرة البلطجة، وموجات العنف الهمجى ضد المتظاهرين والمعتصمين. وليكن الحكم بيننا «ميدان التحرير»، لماذا أصبح فجأة الشباب الذى أبهر العالم بثورته مأجوراً وممولاً من الخارج .. وصاحب «أجندات»؟!. تُرى كم ثمن «فقء العين» فى سجل الممولين؟.. ربما يعرف ثمنه ضابط الشرطة الذى ينشن طلقاته على العيون والصدور!. لو كانت أرواح المصريين باهظة الثمن فى الأجندات الخارجية، فإنها تُلقى –هنا- فى صناديق القمامة!. نحن لا نصدق – يا سيادة المشير- ما يدعيه اللواء «منصور عيسوى» من وجود قناصة أجانب يقذفون الشعب والشرطة بالرصاص الحى.. نصدق فقط لقطات القتل العمد المنتشرة على «يوتيوب».. ودماء الشهداء لا يمحوها إنكار.. أو اعتذار!!.