يوما بعد يوم ، تتصاعد دعوات النزول الى الشوارع مجددا ، فى كافة أنحاء مصر ، وذلك فى الثامن من يوليو ، أو ما يسمى بجمعة الغضب الثالثة ، التى دعى اليها كالعادة ، العديد من الشباب والناشطين وغيرهم ، عبر المواقع الالكترونية المعتادة ، أبرزها الفيس بوك وتويتر واليوتيوب . فهؤلاء مازالوا الأكثر تمسكا ، بما حملت ونادت به ، ثورة الخامس والعشرين من يناير الخالدة والمجيدة ، من مبادىء وشعارات نبيلة متعددة ، تخدم مصلحة المواطن والوطن ، وكانت من أهمها ، المطالبة بالخبز والحرية والعدالة والكرامة ، مما يعنى ، وضع البلاد فى المكانة التى تستحقها ، وتحقيق أمال وتطلعات الشعب المصرى . وقد عرف تاريخيا ، أن المفهموم الثورى باختصار ، هو هدم النظام الفاسد والرجعى بأكمله ، وليس كيان الدولة ، وعلى أن يحل بدلا منه ، عقد اجتماعى جديد أى الدستور ، ولابد من أن يحظى ، بموافقة أغلبية المواطنين ، من خلال اجراء استفتاء شعبى . وهنا يأتى السؤال الهام ، هل نفذ المصطلح السابق فى البلاد حتى الأن ؟ الاجابة : بالتأكيد لا ، لأن المجلس الأعلى العسكرى انفرد بالسلطة ، ويصدر جميع القرارات الهامة ، معتمدا فقط على مستشاريه الخصوصيين ، كما كان يفعل تماما ، الحزب الوطنى المنحل . ومن ثم عين أغلب المحافظين ، بنفس الأسلوب الرجعى القديم ، وأبقى على المجالس المحلية الفاسدة ، واصدر قانون مباشرة الحقوق السياسية العقيم ، وصدق على قانون تجريم الاعتصامات ، الذى قدمته الحكومة له ، وهو المقيد للحريات العامة ، والمخالف للمعاهدات الدولية ، التى وقعت عليها مصر ، ثم وافقها على تحديدها سبعمائة جنيه فقط ، كحد أدنى للأجور ، وبدون أن تعيد توزيع الدخول ، تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية بين الجميع ، وبالاضافة الى اصراره ، على اتباع المعالجات الأمنية القديمة ، مع الكثير من المواقف ، بدلا من استخدام الوسائل الحضارية ، كما حدث فى الثامن من أبريل ، فى ميدان التحرير ، عندما تم فض اعتصام بعض المتظاهرين وقتها ، بمنتهى القمع والوحشية ، وهو ما تكرر مرة أخرى ، فى أحداث السفارة الاسرائيلية المخزية ، وأيضا تواصل حالة الطوارىء ، والمحاكمات العسكرية للمدنيين ، بجانب تزايد حوادث البلطجة والفتن الطائفية والشغب الكروى ، التى يجرى التعامل معهم ، بشكل مغاير لما سبق ، من حيث اللجوء الى المواءمات ، بعيدا عن الاحتكام الى سيادة القانون . فهذه السياسات السابقة السلبية وغيرها ، اغضبت الكثيرين ، وخصوصا الشباب ، مما جعلتهم من وقت لأخر ، يخرجون فى مظاهرات حاشدة ، فى العديد من أرجاء مصر . وعلى النقيض من الغاضبين ، على المشهد المصرى الحالى ، هناك من هم الراضيين على هذا الواقع ، أو مستعدين للتعاطى معه ، لأسباب خاصة بهم ، ويأتى على رأسهم جماعة الاخوان المسلمين ، ومعظم التيارات الاسلامية عموما ، وعدد من الأحزاب . وأيضا يوجد ما يعرف بحزب الكنبة ، ويقصد به الغالبية الصامتة ، التى اعتادت غالبا ، على مراقبة الأحداث فقط ، من خلال مشاهدة برامج التوك شو مساءا ، ومتابعة وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة عاما ، ولاتتدخل الا فى اللحظات الحاسمة ، مثل ما فعلت فى الأيام الأخيرة ، التى سبقت اقصاء الرئيس السابق حسنى مبارك من الحكم ، وكذلك الاستفتاء . وهى مازالت حتى وقتنا هذا ، تناصر المجلس العسكرى ، أو لاتريد أن تقف ضده ، لأنها تراه هو الأدرى بمصلحة الدولة ، والضامن لاستقرارها ، والقادر الوحيد على قيادتها جيدا !! ولكن بما أن الثورة لم تصل الى قطاعات كثيرة فى البلاد ، وهناك حاليا أفعال وممارسات كثيرة ، تنتمى الى العهد البائد ، فعلى مختلف الفئات والطوائف ، التماسك من جديد ، والتغاضى عن الخلافات الأن ، حتى تجتاز مصرنا الغالية سريعا ، هذه الفترة الصعبة الراهنة . وسيكون خير بداية لذلك ، عندما يتوجه المواطنون ، من كل المحافظات والقرى ، الى الساحات والميادين العامة ، فى الثامن من يوليو ، أو على الأقل ، قيامهم بمساندة وتشجيع هذا الحدث المهم ، لايصال رسالة قوية ، الى الداخل والخارج ، مفادها اثبات مدى ارادة وعزيمة عموم المصريين ، فى مواصلة تكملة مسار ثورتهم ، حتى تتحقق كامل أهدافها العظيمة ، مهما بذلوا من أجلها ، النفيس والغالى .