توقع سامح شكرى، وزير الخارجية، إبرام اتفاق نهائى عادل حول سد النهضة الذى تواصل إثيوبيا إنشاءه، يراعى مصالح مصر ويحمى حقوقها المائية، ويبعث برسالة طمأنة للشعب المصرى، كما يراعى مصالح إثيوبيا والسودان، بعد الجولة الأخيرة من المفاوضات التى عُقدت يومى الأربعاء والخميس الماضيين فى العاصمة الأمريكيةواشنطن. وقال شكرى، فى حوار مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى واشنطن، إن المفاوضات انتهت، ومن المنتظر طرح نص نهائى على الدول الثلاث، خلال الأسبوع المقبل، حسبما أفاد الجانب الأمريكى، ليُعرض على الحكومات ورؤساء الدول لاستخلاص مدى استعدادها لتوقيعه. وأضاف: «لدينا كل الثقة فى أن علاقات الولاياتالمتحدة بالدول الثلاث والروابط الاستراتيجية القائمة بينها وبين مصر ستجعل المخرج من الجانب الأمريكى متوازنا وعادلا وموضوعيا، ونثمن اهتمام الجانب الأمريكى، خاصة الرئيس دونالد ترامب، ووزير الخزانة ستيفن منوشين، وهو أحد الأقطاب الرئيسية فى الإدارة الأمريكية، إلى جانب اهتمام وزير الخارجية مايك بومبيو لتأكيد اهتمام الإدارة الأمريكية بالتوصل لاتفاق». ورداً على سؤال حول موقف السودان من المفاوضات، قال شكرى إنه كان هناك تطابق فى موضوعات كثيرة، وهذا شىء متوقع نظرا للظروف المتماثلة المرتبطة بكونهما دولتى مصب، وبالطبع فى إطار العلاقة الخاصة التى تربط بين مصر والسودان، موضحاً أن الجولة السابقة من المفاوضات فى واشنطن ركزت على الجوانب الفنية المرتبطة بالاتفاق فيما يتعلق بملء وتشغيل السد، وقواعد مواجهة الجفاف والسنوات الشحيحة فى الماء، وكان هناك اتفاق على أنه تم الانتهاء من هذا الجزء وأصبح مغلقا أمام المفاوضات. وتابع: «الجولة انصبت على النواحى القانونية المرتبطة بالاتفاق بما فى ذلك التعريفات وآلية فض المنازعات وهيئة التبادل المعلوماتى والتنسيق فيما بين الدول الثلاث اتصالا بتنفيذ الاتفاق وقواعد الملء والتشغيل والقضايا القانونية الأخرى، كالتصديق على الاتفاق ودخوله حيز النفاذ وكيفية إجراء التعديل عليه»، مشيراً إلى أنه «بعد التوصل إلى الاتفاق الفنى بدا جليا أن هناك نظاما محكما فى إطار ملء وتشغيل السد يأخذ فى الاعتبار مصلحة مصر ويحمى مصالحها المائية، وفى نفس الوقت يتيح لإثيوبيا الاستفادة الكاملة الاقتصادية من المشروع»، لافتاً إلى أن المشاورات جاءت فى إطار الاستماع لرؤية الدول الثلاث ومحاولة تقريب وجهات النظر فيما بينها للوصول إلى الصيغة النهائية للاتفاق، وتحقق ذلك فى بعض النواحى إلا أن هناك مجموعة من القضايا لم يتم الوصول إلى اتفاق بين الدول حولها، ولكن المداولات كانت كثيفة، موضحاً أن الجانب الأمريكى كان متلقيًا للآراء وقرر فى نهاية الجولة أن بمقدوره أن يطرح على الدول الثلاث صيغة متكاملة تتضمن كافة العناصر وتصل لنقطة من المرونة وتراعى مصالح ورؤى الدول الثلاث بشكل متساوٍ. ولفت شكرى إلى أن أمريكا لن تعتد برؤية أى من الدول الثلاث بمفردها، لكنها ستصل إلى صيغة توافقية تراعى الرؤية المطروحة والمصلحة بقدر متساوٍ من التنازل والمكاسب، على أن تطرح رؤيتها والصيغة النهائية للاتفاق على الدول الثلاث لإبداء مدى موافقتها عليها، مشيراً إلى أن أمريكا تركت مجالا لبعض التدقيق البسيط فى أمور غير جوهرية قد تؤدى إلى عقد جولة أخرى وفقاً للجدول الزمنى المحدد للانتهاء من الاتفاقيات لضبط الصيغة النهائية فى أمور جزئية، متوقعاً أن تكون الصيغة التى تطرحها الولاياتالمتحدة موضوعية وعادلة وتراعى مصلحة الدول الثلاث بالتساوى. وتابع شكرى: «عندما يطرح الشريك الأمريكى والبنك الدولى الصيغة الكاملة للاتفاق بشقيه الفنى والسياسى كمخرج نهائى سيتلقى استعداد الأطراف للتوقيع عليه مع إمكانية أن يكون هناك بعض الأمور الشكلية البسيطة التى تحتاج إلى تدقيق وضبط، وعلى استعداد فى هذه الحالة لاستضافة جولة أخيرة لمراجعة شاملة للنص وليس للدخول فى المفاوضات بل لضبط بعض القضايا الهامشية التى تحتاج إلى تناول مجمع بين الدول الثلاث». وأوضح شكرى أن المفاوضات استغرقت نحو 5 سنوات تقريبا حتى الآن، وهى مدة طويلة لتناول قضية بهذا القدر من الأهمية والتأثير على شعوب الدول الثلاث، لكن فى هذه المرحلة نحن بصدد تقييم الاتفاق النهائى، لافتا إلى أنه فى إطار صدور هذا الاتفاق على الأطراف أن ينظروا إلى هذا فى ضوء المدة الطويلة التى استغرقتها المفاوضات والتى أتيح من خلالها تناول كل القضايا بدقة وتحليل وافٍ. وأكد شكرى أن مصر وصلت إلى نقطة نهائية يجب ألا تضيع من أيدينا لأنها تفتح مجالات ضخمة لتحقيق مصالح الشعوب الثلاثة والتعاون فيما بينها، وفتح مجالات الاندماج السياسى والاقتصادى بينها، وتضع معايير جديدة فى التوصل إلى حلول سلمية تراعى مصالح هذه الدول بصورة متساوية، وترسى قواعد قانونية محددة فى هذا الصدد. وأشاد الوزير بما أظهره فريق وزارة الخزانة الأمريكية من قدرة فنية وقانونية وإدراك للأبعاد المختلفة على المستويين الفنى والقانونى، وفى إطار منظومة المياه العابرة للحدود والأمثلة العديدة للتعامل مع هذه القضية. ولفت شكرى إلى أن انخراط الشريك الأمريكى واهتمامه بهذا الأمر على أعلى مستوى وبالوصول إلى اتفاق والتوقيع عليه يؤدى إلى تحقيق الاستقرار فى شرق إفريقيا، وفيما بين الدول الثلاث، مؤكدا أننا مطمئنون وفقا لهذه الرؤية حيث إن الصيغة الأمريكية تحظى بتأييد مصر التى كانت تسعى دائما لاتفاق موضوعى ومنصف يراعى مصالح الأطراف. وحول توقيع مصر بمفردها على الصيغة الأمريكية المقترحة فى ختام الجولة السابقة قال: «إن هذا كان تعبيرا عن اتفاقها مع ما تم التوصل إليه بعد التفاوض عليه وإقراره وليس قابلا لإعادة فتح الباب لمناقشته، ومازال مودعًا لدى الطرف الأمريكى اتصالا بالشق الفنى من الاتفاق».