هوجة التخفيضات ورقم المليون!

مرت علينا عدة أيام على «بداية يناير المرتقب».. وبدأت الحكومة بالفعل فى تطبيق بنود اتفاقية الشراكة الأوروبية على مختلف السلع والواردات.. وتحديدا «السيارات» التى نتحدث بشأنها.. وتم إزالة ال 30٪ الباقية من الجمارك المفروضة على كافة أنواع وأشكال وماركات السيارات ذات المنشأ الأوروبى التى تصل إلى موانينا ومنافذنا الجمركية.. وحدث ماتوقعناه الأسبوع الماضى.. حيث بدأت معظم التوكيلات فى الإعلان عن قوائم جديدة لأسعار سياراتها وفقا للتخفيضات على الجمارك.. وجاءت الأسعار منطقية وسليمة وواقعية.. فالسيارات التى يترواح سعر بيعها فى الأسواق من 250 ألف إلى 400 ألف جنيها انخفضت فى حدود 20 ألف جنيها.. وانحفضت السيارات أعلى من 400 حتى 700 ألف بمبالغ تتراوح من 40 إلى 80 ألف بحسب المواصفات والكماليات.. وهذه الأرقام والتخفيضات أراها واقعية جدا وكانت متوقعة تماما قبل بدء سريان الاتفاقية.. بعكس ماكان يتوقعه البعض بأن قيمة السيارات ستنخفض إلى «النصف» وهذا طبعا كان كلاما خياليا يقترب من الأحلام والأوهام.. وحذرنا من اقناع المستهلك به وإلا سيصاب بخيبة أمل كبيرة بعد «أول يناير» عندما يفاجأ بأن التخفيضات بالألاف.. وليس بمئات الألاف على السيارات التى تندرج فى هذه الفئة السعرية!..
وكالمتوقع أيضا.. كانت الانخفاضات الكبرى فى السيارات الفارهة غالية الثمن.. سمعنا وقرأنا ربما لأول مرة فى تاريخ صناعة وتجارة السيارات فى بلدنا قرار من وكيل يعلن تخفيض سعر بيع السيارة بمقدار مليون جنيه «حتة واحدة».. كان خبرا بالتأكيد جميلا على المستهلك الذى يتعامل مع هذه الفئة الغالية من السيارات.. وحتى لو كانت أعداد المتعاملين مع هذا النوع قليلة ومحدودة.. إلا أن التخفيض حدث بالفعل.. وأصبح للسيارة سعرا جديدا يقل بمبلغ مليون جنيه عن سعرها السابق قبل أسبوع واحد فقط!.. وأنا هنا أتحدث عن بعض طرازات مازيراتى ولاندروڤر.. وبأرقام أقل قليلا حدث تخفيض مماثل على طرازات چاجوار.. وپورشه!.
رأينا أيضا -خلال الساعات الماضية- قيام بعض التوكيلات بالإعلان عن أسعار جديدة وتخفيضات «معقولة» على طرازات لا تدخل ضمن الإعفاءات الجمركية فى الاتفاقية الأوروبية.. سيارات ذات منشأ يابانى أو كورى.. ولكن قرر وكيلها إجراء تخفيضات عليها بمقدار 20 أو 30 أو 40 ألف جنيها ليواكب «هوجة التخفيضات» والعروض والإعلانات التى تملأ السوق فى الوقت الحالى.. وهذا بالمناسبة ليس عيبا على هذا الوكيل.. وليس منطقيا أن نحاصره بالاتهامات ونؤكد أنه كان -مثلا- يكسب 80 ألف وخفض منهم 40 ألف ولا يزال يكسب من «لحمنا الحى»!.. قد يكون كلامنا هذا «ظالم حبتين».. أولا من حق التاجر أو الوكيل أن «يكسب» ما دام كان فى حدود المعقول.. والآن من حقه أن يضحى بكل أو معظم مكاسبه ليستطيع تصريف سيارته وبيع المخزون الموجود لديه.. وهو يعلم أن الزبون اليوم سيجرى بسرعة نحو «يافطة التخفيضات».. فى كل مكان سيجدها سيدخل ويقارن ويفكر ويتخذ قرار.. أما السيارات الأخرى التى لم تنخفض جنيها واحدا.. حتى ولو كان الوكيل يخسر فيها.. فأعتقد أن فرص بيعها خلال هذه «الهوجة» تعتبر قليلة جدا.. وتحتاج لفترة إنتظار أطول داخل المعارض وعلى الأرصفة.. قبل أن يقدم الزبون على شرائها فى ظل الكثير من المغريات و«الزغللة» التى تحدث من معظم وكلاء التخفيضات فى الأيام الحالية!..
وتبقى دائما نصيحتى «المخلصة» لأى قارئ أو مستهلك يفكر ويفاضل ويقارن بين العديد من الماركات قبل أن يختار «واحدة» ويدفع ثمنها ويخرج على متن عجلة قيادتها من المعرض.. أقول له: «أرجوك لا تتسرع.. لقد صبرت كثيرا طوال الشهور الماضية انتظارا لحلم التخفيضات والتنزيلات.. الآن وقد تغيرت الأسعار كلها.. عليك أنت أن تفكر باحترافية وعقلانية.. السيارة التى تناسبك وترضيك ليست بالتأكيد السيارة التى نزل عليها أكبر تخفيض وأعلى خصم.. ولكنها السيارة التى تنتمى لاسم جيد ووكيل محترم ومركز صيانة «موجود أصلا».. وقريب منك ولديه مصداقية.. لا تختار شكل ولون وسعر السيارة فقط.. اختار أيضا وكيلها وصاحبها وراعيها.. هذا ما سيضمن لك تحقيق حلمك فى امتلاك سيارة تسعدك ولا تنكد عليك بسبب أعطالها وكوارث وكيلها واختفاء قطع غيارها والفشل دائما فى اصلاحها.. هذه نصيحة هامة جدا.. فى ظل هوجة العروض والتخفيات والهدايا والبالونات والزمامير.. التى نشهدها هذه الأيام داخل سوقنا المحلية للسيارات!..