كنت قد إنتهيت من يوم دراسى جامعى ولملمت ما تبقى لى من طاقة لأوفرها لرحلة العودة إلى المنزل ، فإتجهت إلى طريق الكورنيش منتظراً الميكروباص و سط زحام شديد و تحت شعاع الشمس المرهق. فإذا بشاب –فى الخامسة عشر او السادسة عشر من عمره- يقطع نظرى ، تبدو عليه ملامح الاجرام و لا اقصد هنا الاجرام بالمعنى الجنائى بل اقصد الذين يسبون و يشتمون بألفاظ بذيئة و يعلو صوتهم بهذه الالفاظ بل و لا تنجو من نظراتهم اى فتاه تمر من طريقهم. فإذا به يسحب أخر سيجارة من علبته و يرميها على الارض. توقف نظرى فاحال و تكلمت مع نفسى مستعجباً: الم تقم ثورة الخامس و العشرين من يناير لكى نمحى كل هذه الظواهر السلبية التى أرساها بداخلنا النظام السابق مع تدنى مستوى التعليم بالمدارس بالطبع. عندما رأيت هذا المشهد أخذت على عاتقى ان اكلمه و انصحه لكى لا يكرر فعلته، ناديته و قلت له فيما معناه : لماذا ترمى بقمامتك فالشارع و صندوق القمامة يناديك هناك فكان الرد الطبيعى : (وإنتا مالك) قلت له فى إصرار فيما معناه : الا تحب ان تكون مدينتك و بلدك اجمل بلد فالكون؟ قال لى : لا يهمنى و لا يعنينى ، إستشط غضباً و اعليت بصوتى قائلاً: انت إنسان سلبى و امثالك من سيسحبون البلاد للخلف لا للأمام ، فقال فى سخرية)سالب ولا موجب). سمعت بعدها اقذر الالفاظ الممكنة و كل هذا لأ نى اردت الا يرمى علبته على الارض . اعلم جيداً ان هذه الشريحة من الشعب لن تتغير فى لمح البصر و لكن ماذا نفعل معهم؟ و كيف نعالج تدنى المستى الاخلاقى و الفكرى لديهم؟ بإختصار لن يتقدم هذا البلد خطوة واحدة إلا عندما نعالج مشكلة التعليم و خاصةً بالمدارس لأن التلاميذ هناك لابد و ان يتعلموا الايجابية بالمشاركة فى اى عمل ينفع به بلده او – كأضعف الايمان – ان لا يشارك فى تلويث المحيط و البيئة التى يعيش فيها . فالنهاية وصلت منزلى متأخراً فسألنى ابى عن السبب فقلت له : اسف فقد كنت انفخ فى إربة مثقوبة و اتحاور مع سلبى .