بعد اعتذاره.. أحمد فتوح ينتظم في تدريبات الزمالك استعدادًا لمواجهة مودرن سبورت    منافسة ثنائية وصدام مستحيل.. موسم شاق ينتظر عمر مرموش في السيتي (تحليل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يستعرض الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ضمن فعاليات معسكر «قادة المستقبل»    رومانو: بعد إصابة لوكاكو.. نابولي يخاطب مانشستر يونايتد من أجل مهاجمه    قائمة ريال مدريد - ظهور ماستانتونو لأول مرة أمام أوساسونا.. وتواجد الصفقات الجديدة    قبل لقاء زيلينسكي وقادة أوروبيين.. ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا هي حرب بايدن «النعسان»    فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يكشف تعاطي سائق نقل ذكي المخدرات وضبطه بالقاهرة    تقصير أم نفاق؟ أمين الفتوى يجيب على سؤال حول الفتور فى العبادة    إيهاب توفيق وفرقة كنعان الفلسطينية يضيئون ليالي مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء    محافظ الوادي الجديد يعتمد النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة الرسمية الدولية    أسعار سبائك الذهب اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025.. بكام سبيكة 2.5 جرام؟    قرار جمهوري بمد فترة حسن عبد الله محافظًا للبنك المركزي لعام جديد    مدينة إسنا تجرى إصلاحات شاملة لطريق مصر أسوان الزراعى الشرقى    «قد تصل لسنة».. رئيس تحرير الأهلي يكشف مستجدات شكوى بيراميدز لسحب الدوري    برشلونة يرفض ضم نجم إنتر ميلان    تعليم الوادي يعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل الوظائف القيادية    كيف بدأت مطاردة فتيات طريق الواحات؟.. أقوال ضابط المباحث تكشف التفاصيل| خاص    رئيس مجلس السيادة السوداني يصدر قرارات بتشكيل رئاسة هيئة أركان جديدة    أسامة السعيد: الموقف المصرى تجاه القضة الفلسطينية راسخ ورفض للتهجير    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد دار إيواء المستقبل (صور)    الأعلى للإعلام يعلن انطلاق الدورة التدريبية ال61 للصحفيين الأفارقة    «بيطري قناة السويس» تُطلق برامج دراسات عليا جديدة وتفتح باب التسجيل    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    وكيل الأزهر: مسابقة «ثقافة بلادي» نافذة لتعزيز الوعي ونقل صورة حقيقية عن مصر    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    مصرع عامل وطفل فى انهيار منزل بدار السلام بسوهاج    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    وزير الأوقاف ناعيا الدكتور صابر عبدالدايم: مسيرة علمية حافلة بالعطاء في خدمة اللغة العربية    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة بعصى خشبية أمام محل تجاري في الإسكندرية    "كان واقف على الباب".. مصرع شاب سقط من قطار الصعيد بسوهاج    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    وزير المالية: مستمرون في دفع تنافسية الاقتصاد المصري    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    يحتوي على غسول للفم.. كيف يحمي الشاي الأخضر الأسنان من التسوس؟    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    كلية أصول الدين بالتعاون مع جمعية سفراء الهداية ينظمون المجلس الحديثى الرابع    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم».. متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن سرقة الأعضاء البشرية.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 12 - 2010

وأنا حزين علي حزنك يا سيدتي‏..‏ الشباب ضحية وذنبه في رقابنا جميعا‏!‏ *‏اقرأوا معي هذه الرسالة‏:‏
الأخ العزيز الأستاذ‏/‏ إبراهيم حجازي مصر
بسم الله الذي خلق الكون وخلق الأرض لكل البشر والسماء للطيور والبحار والمحيطات للأسماك بأنواعها‏..‏ أرسل خيراته لكل إنسان وحيوان وطير ولم يفرق بين البشر بسبب دين أو جنس أو لون فسبحانك يا الله‏.‏
سيدي أنا سيدة مهاجرة منذ ما يقرب من ثلاثين عاما ولكني أتحين الفرصة بين الحين والآخر لتراب مصر بلدي حنينا يجذبني إليها‏.‏
سيدي في زيارتي الأخيرة وتأتي بعد حوالي أربع سنوات لم آت فيها إلي مصر لاحظت أن هناك تغييرا كبيرا طرأ علي شعب مصر‏..‏ تغييرا ما كنت أتوقعه أو أتمناه أبدا‏.‏
سيدي‏..‏ ذهبت لزيارة صديقة تلميذة الابتدائي والإعدادي والثانوي جمعتنا المحبة ولم يفرقنا الدين‏,‏ كنت أجلس معها في شرفة منزلها بشارع الظاهر المقابل لمدرسة الظاهر الثانوية بنات وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهرا وجدت هرجا ومرجا بالشارع أمام المدرسة سرب من الموتوسيكلات يمر أمام المدرسة وعلي كل موتوسيكل واحد أو اثنان وأغلبيتهم يأتون بحركات بهلوانية ويسيرون علي العجلة الخلفية فقط ويرفعون الأمامية إلي أعلي مما يعرضهم ويعرض المارة للخطر من هذه التصرفات غير المسئولة ولحظات وتجمع بعض الشباب المغيب ووقفوا أمام المدرسة مباشرة وبدأت المعاكسات والتحرشات بطالبات المدرسة بعضهن يجارين الأحداث وبعضهن يتأففن‏(‏ لكنهن قليلات‏)‏ وما هذا الكم الهائل من الألفاظ الخارجة والجارحة والسباب الذي يتناوله الشباب مع بعضهم البعض؟‏!!‏
سألت صديقتي عن هذا الوضع فأخبرتني أن هذا المشهد يتكرر يوميا أيام الدراسة وبخاصة يوم الأحد‏..‏
سيدي كررت زيارتها في الأحد التالي وحدث كما سبق في الأحد السابق وكأنها صورة فيلمية نزلت الشارع حتي أكون بالقرب مما يحدث وللأسف وجدت أن جميع الموتوسيكلات بدون لوحات مرورية إلا واحد يحمل رقم‏303062‏ القاهرة وللأسف يحدث هذا في غياب أمني أعتقد أنه بهذه الصورة متعمد‏.‏
حزني عليك يا مصر كبير كبير
مدام‏/‏ إيفيلين سعيد فرحان
انتهت الرسالة وأقول لصاحبتها‏:‏ يا سيدتي أنا مثلك حزين‏..‏ حزين علي حزنك وحزين علي ما وصلنا إليه وحزين علي السلبية التي ضربتنا والأناملية التي سيطرت علينا‏..‏ حزين علي وطن لا يستحق ما نفعله في أنفسنا وينسحب علي وطننا‏..‏ حزين وشاهدي نقاط كثيرة ربما تكون تلك أهمها‏...‏
‏1‏ يا سيدتي الذي شاهدته في الشارع هنا مستحيل أن تشاهديه في أي بلد هناك ليس لأن هناك قانونا وهنا لا يوجد قانون إنما لأن احترام القانون هناك ثقافة يتم طبعها في عقل وقلب الإنسان من طفولته المبكرة ليصبح احترام القانون واحترام حرية الآخرين جزءا من فطرة الإنسان يستحيل تجاوزها أو إهدارها أو المساس بها‏...‏
‏2‏ يا سيدتي الإنسان هناك لا ينتهك حرية الآخر تحت أي ظرف أو في أي وقت ليس خوفا من العسكري والقانون إنما احتراما لثقافته التي انطبعت من نعومه أظفاره داخله بأن حريته تتوقف أمام حرية الآخرين ومعني هذا أنه لن يقف في شارع ويتبادل السباب والشتائم والصراخ ولن تخرج من فمه كلمة بذيئة ولن يتحرش بأحد‏..‏ لن يجرؤ علي هذا في غياب الأمن أو في وجوده لأن المسألة بالنسبة له سلوك وثقافة هو وحده الأمين عليها وحريص علي الحفاظ عليها والكل مطبوع في عقله وقلبه هذه الثقافة وعندما يكون احترام حرية الآخر ومشاعر الآخر جزءا من ثقافة مجتمع‏..‏ تنتهي المشكلة أو لا تكون هناك أصلا مشكلة لأن عدم التجاوز قناعة ناجمة عن ثقافة تعلمها كل إنسان في السن المبكرة‏...‏
‏3‏ يا سيدتي‏..‏ احترام الآخرين واحترام المكان واحترام القانون يجده الطفل الصغير حوله في أسرته داخل شقته وخارجها في العمارة وفي الشارع‏..‏ الطفل الصغير تعلم ويتعلم ألا يرمي ورقة صغيرة علي الأرض سواء هذه الأرض شقته أو سلم عمارته أو الشارع الذي يضم عمارات الحي‏..‏ تعلم هذا ووجد ذلك مطبقا في كل مكان يذهب إليه وبالتالي أصبحت النظافة في عقله ووجدانه سلوك وثقافة مجتمع لا يجرؤ علي الخروج عنها والذي ينطبق علي النظافة ينطبق علي أي سلوكيات أخري‏...‏
‏4‏ يا سيدتي‏..‏ الرياضة نشاط تربوي مهم بل هو أهم الأنشطة التربوية علي الإطلاق والرياضة التي أقصدها هي ممارسة الإنسان لأي نشاط حركي لأجل اكتساب اللياقة البدنية والصحية والنفسية ولا أظن أنه يوجد نشاط تربوي آخر بإمكانه إكساب الإنسان كل هذه العناصر البالغة الأهمية لأنها أساس تكوين المواطن الصالح القادر علي الإنتاج والقادر علي إقامة علاقات اجتماعية إيجابية‏...‏
الرياضة وفق هذا المفهوم مطبقة هناك وكل طفل حقه أن يمارس الرياضة بأن يجد الأرض التي يلعب عليها أي نشاط رياضي وأن يجد الوقت الذي يخصصونه له ليمارس الرياضة‏..‏ ولهذا كل أطفالهم يمارسون النشاط الرياضي ليس لأجل البطولة إنما لأجل وطن يتطلع لأجيال قوية عفية سوية وعندما يمارس ملايين الأطفال النشاط الرياضي طبيعي ومنطقي أن تبرز وتظهر المواهب الرياضية الموجودة بينهم وهذه المواهب يلتقطونها في سن مبكرة إلي قطاع البطولة ومن لم يذهب للبطولة يمارس الرياضة للرياضة والصحة والإنتاج والتوازن البدني النفسي‏...‏
‏5‏ يا سيدتي نفس هذه الرياضة التي هي أهم نشاط تربوي تعاملنا معها باستعلاء ونظرنا لها بدونية ومنعناها من المدرسة المصرية خوفا فيما يبدو علي أطفالنا من الرياضة‏!.‏
حظرنا ممارسة الرياضة في المدرسة المصرية والحظر لم يصدر بقرار صريح إنما بقرار بناء الفصول علي ملاعب الرياضة الموجودة في المدارس وبين يوم وليلة تم اغتيال كل الملاعب فماتت الرياضة المدرسية بقرار صدر قبل‏40‏ سنة وبسببه‏16‏ مليون ولد وبنت اليوم في مدارس مصر محرومين من ممارسة النشاط الرياضي وهذا معناه أن‏16‏ مليون فتاة وشاب وطفل وطفلة لياقتهم البدنية والصحية والنفسية عدمانة ومعناه أنه بعد عشر سنوات سيكون عندنا‏16‏ مليون رجل وسيدة وفتاة وشاب لياقتهم وصحتهم عدمانة‏..‏ معناه أننا فقدنا المواهب الرياضية الموجودة داخل‏16‏ مليون ولد وبنت ونحن فقدناها لأننا حرمناهم من ممارسة الرياضة والممارسة هي وحدها التي تكشف عن المواهب‏...‏
‏6‏ يا سيدتي‏..‏ الرياضة فيها مميزات لا تحصي وضمن هذه الميزات المهمة أنها تعلم الانتماء لمن يمارسها ومن يشاهدها‏...‏
نعم‏..‏ من يمارس الرياضة يتعلم الانتماء للفريق الذي يلعب له ويبذل كل الجهد لأجل تحقيق الفوز له‏..‏ والذي يتفرج علي الرياضة والفرجة هنا نشاط ترويحي مهم لأن المتفرج له دور في التشجيع والمؤازرة والمتفرج يجد نفسه في الانتماء لفريق وهذا الانتماء احتياج طبيعي وصحي لأن فيه إشباعا لرغبات يصعب علي المتفرج أن يحققها بنفسه والفريق الذي ينتمي إليه ويشجعه يحقق له ما يجعله يفرح ويزهو ويتفاخر به‏!.‏
من منا لا يحب الانتصار لكن كم واحدا بيننا بإمكانه أن يحققه‏..‏ وهذا ما يفعله ويحققه الانتماء لفريق وكل انتصار للفريق هو انتصار لكل مشجع ينتمي لهذا الفريق‏...‏
‏7‏ يا سيدتي‏..‏ هناك حرصوا علي أن يبقي الانتماء في مكانه ومكانته وألا يتحول إلي مرض اسمه التعصب‏!.‏ هناك المشجعون يحضرون كل المباريات ليشجعوا الفريق الذي ينتمون إليه‏..‏ يشجعونه من أول لحظة وحتي آخر ثانية بصرف النظر عن النتيجة ويصفقون له في نهاية المباراة فائزا كان أو مهزوما لأنها رياضة وليست حربا‏..‏ يشجعون فريقهم دون المساس بالفريق المنافس لأنهم في ملعب رياضة وليس في ساحة تبادل السباب والشتائم‏..‏ يشجعون بكل الحب فريقهم حيث لا مكان في صدورهم لغل وحقد وغباء للفريق المنافس‏...‏
‏8‏ يا سيدتي‏..‏ هنا والكلام عن المنطقة كلها لا دولة عربية بعينها‏..‏ هنا جعلنا الرياضة متنفسا لكل الأمراض النفسية التي داخلنا ولذلك أصبحت لعبة مثل كرة القدم أهم وسيلة لتفريق الشعوب العربية ولتمزيق جسد كل شعب ولا أظن أنني أبالغ عندما أقول إن التعصب الكروي عندنا تخطي كل الخطوط وبات فتنة تهدد الوطن‏...‏
‏9‏ يا سيدتي‏..‏ نحن أمام قضية كلنا مسئول عنها‏..‏ حكومة وأسرة ومجتمعا وصحافة وتليفزيونا وإذاعة وسينما ومدرسة وجامعة ومسجدا وكنيسة وكل ما له تأثير من أي نوع علي الشعب‏...‏
‏10‏ يا سيدتي‏..‏ هل تظنين أن المشكلة‏..‏ مشكلة مثل التي سردتيها هي مشكلة غياب أمني؟‏.‏
أنا لا أظن ذلك لأنهم هناك في دول العالم ثقافتهم هي التي تحكم سلوكياتهم وهناك تعلموا أن الحرية أكبر قيد علي صاحبها لأنه لا يستطيع أن ينتهك حريات الآخرين‏..‏ والصوت العالي في الشارع انتهاك لحرية الآخرين والشتيمة انتهاك لهذه الحرية والتحرش انتهاك وأي شيء يؤذي المشاعر هو اعتداء علي حرية الآخر وهم لا يتجاوزون لأن ثقافتهم هي التي تتحكم في سلوكياتهم‏!.‏ عندما نعلم الطفل الصغير ألا يكذب‏..‏ فهو فيما بعد لا يكذب لأنه تعلم من أول يوم تعلم فيه الكلام أن الكذب يغضب الخالق قبل المخلوق وهو لا يكذب لأنه تعلم وتعود علي عدم الكذب بصرف النظر عن أن الأمن موجود أو غير موجود‏...‏
‏11‏ يا سيدتي‏..‏ نحن نعاني حاليا من مشكلة الشغب في الملاعب والغريب والمدهش أنها انتقلت من ملاعب الكرة إلي اللعبات الأخري وتحديدا كرة السلة والأمر وصل ذات يوم إلي قيام بعض صغار الشباب بمحاولة حرق مشجع‏!.‏ طرحوه أرضا في شارع مظلم وسكبوا عليه مادة بترولية وأشعلوا فيه النيران ولولا قدوم بعض المارة وإنقاذه لفاضت روحه‏!.‏ هل هذا انتماء وهل هذه رياضة وهل هذه سلوكيات أو تلك التصرفات ثقافة؟‏.‏
‏12‏ يا سيدتي‏..‏ المحزن في الأمر أن هذه الواقعة الخطيرة مرت دون أن نتوقف أمامها ودون أن تتحرك أي جهة لرصدها ومحاولة العثور علي إجابات لها؟‏.‏ أحد لم يتحرك لرصد التحول الخطير في السلوكيات والتحول الأخطر في مفهوم الانتماء؟‏.‏ أحد لم يحاول أن يعرف لماذا أصبح قرار القتل سهلا لهذه الدرجة أو يعرف كيف تحول الانتماء إلي حقد وكراهية وعداء؟‏.‏ مرت هذه الواقعة دون أن تلفت أنظارنا مثلما فاتت واقعة قيام إنسان مثقف بالقتل ثم التمثيل بجثة المجني عليه والسبب خلاف علي فلوس‏..‏ والحادث لا يمكن اعتباره مجرد حادث لأن قرار القتل هنا تم بمعرفة عقلية متعلمة وصلت لأعلي الدرجات العلمية وهذا مؤشر والتمثيل بالجثة بهذه الصورة غير الآدمية مؤشر آخر‏..‏ المهم أن المؤشرات علي خطورة حادث مثل هذا كثيرة لكنها لم تستوقف أحدا‏!.‏
‏13‏ يا سيدتي‏..‏ عندما قتلت أم ابنها‏..‏ فاتت أول واقعة وتكررت رغم ما فيها من مؤشرات بالغة الخطورة أقل ما فيها أن عاطفة الأمومة الهائلة التي منحها الله لكل أم حدث لها خلل وربما تكون ضاعت وهذا مؤشر أخطر ينعكس علي المجتمع لأن الأم أعطاها الله خاصية الأمومة لأجل حماية ورعاية ابنها من لحظة ولادته وهو لا حول له ولا قوة إلي آخر العمر‏..‏ والأمومة هبة من الله لكل أم في جميع المخلوقات‏..‏ هذه الهبة العظيمة عندما تسقط بقيام أم بقتل ابنها وليدا كان أو طفلا‏..‏ فالأمر خطير ويستحق وقفة لرصده وبحثه لأنه يحمل دلالة قوية علي انهيار واقع بالفعل داخل المجتمع الذي فيه الأم ركيزة أساسية إن اهتزت سقط المجتمع‏...‏
‏14‏ يا سيدتي‏..‏ اللعب بالنار‏..‏ نار تأجيج مشاعر المجتمع‏..‏ وصلت إلي الرياضة والخطورة أنها تستهدف هنا شريحة بعينها هي الجماهير والاستهداف لم يأت من فراغ إنما قائم علي أسس أهمها أن سمات الإنسان الشخصية تختلف جذريا ما بين وجوده منفردا في مكان أو وجوده وسط حشد من البشر في نفس المكان‏!.‏
في الحالة الأولي التي فيها الإنسان يكون بمفرده في مدرج خال بملعب‏..‏ تكون تصرفاته في إطار القانون والعادات والتقاليد بينما الأمر يختلف تماما عندما يوجد نفس هذا الإنسان وسط حشد جماهيري في نفس المدرج حيث المسئولية هنا غير محددة وهنا نجد هذا الشخص قابلا للقيام بأي عمل يستحيل أن يقوم به وهو وحده‏..‏ نجده وسط الجمهرة يشتم ويسب ويردد أقذع السباب وربما يقذف طوبا أو أي شيء‏..‏ يفعل ذلك في ظل سلوك الجمهرة أو القطيع كما يسميه علماء النفس والتربية والاجتماع‏...‏
هناك في الخارج‏..‏ هو لا يخرج عن القانون رغم وجوده وسط حشد جماهيري لأن ثقافته التي تتحكم في سلوكياته وثقافة كل من في هذا الحشد الجماهيري ترفض الخروج لذلك لا نسمع في مدرجاتهم سبابا ولا شتيمة ولا قباحة رغم أن المسئولية الفردية معدومة وسط السلوك الجماهيري‏..‏ لا يحدث تجاوز لأنها ثقافة تحكم السلوكيات‏...‏
هنا ونتيجة الانفلات الذي طال أشياء كثيرة أصبح عاديا أن نجد شخصا يقف في مقصورة الملعب أو المقصورة الأمامية‏..‏ وهو يقف لأجل التأكيد علي أن ما سيحدث هو المسئول عنه ومتصور أن ما سيفعله هو الشجاعة والقوة‏..‏ ويبدأ في السباب بأقذع الألفاظ‏..‏ يفعل ذلك لاعتقاده أنه حر في تصرفاته متصورا أن الحرية تبيح له القباحة وإيذاء مشاعر الغير‏...‏
تلك النقطة تحديدا هي جوهر المشكلة‏..‏ نقطة مفهوم الحرية الشخصية وحدودها وقيودها‏..‏ وهذه النقطة تحديدا لا أحد يتعرض لها أو يتكلم فيها رغم أنها الحد الفاصل بين ما قبل وما بعد‏..‏ وإما أن نتفق علي أن الحرية الشخصية تتوقف أمام حريات الآخرين أو أننا نسلم بأنها فوضي وأن الشتيمة علي الكيف‏...‏
‏15‏ الكل يتصور أو يعتقد أن الشغب الذي يحدث في ملاعب الرياضة عندنا ناجم عن تقصير أمني‏...‏
وأنا أعتقد بل علي يقين بأن دور الأمن يأتي بعد الكثير من الأدوار‏..‏ لأن ما يحدث من شغب وراءه تعصب وحقد وغل وعداء ومستحيل أن نعتبره فرط انتماء‏..‏ ولأجل أن يتوقف الشغب لابد أن نعالج الحقد والغل والعداء وليس أن نواجه العرض بالأمن لأن المواجهة ستتكرر ولن تتوقف طالما أسباب العرض قائمة‏...‏
طيب‏..‏ مواجهة الغل والحقد والعداء مسئولية الأمن أم الإعلام الذي ينفخ يوميا في نار التعصب لأجل أن تبقي متوهجة وليس فقط مشتعلة‏...‏
الحقد والغل والعداء‏..‏ مسئولية الأمن أم مسئولية التصريحات غير المسئولة التي يدلي بها مسئولون‏...‏
مسئولية الأمن هذا الحقد أم مسئولية سلوكيات خاطئة للاعبين‏...‏
‏16‏ يا سيدتي‏..‏ الشاب الذي رأيته يشتم ويتحرش في الشارع هو نفسه الذي يشتم ويقذف طوبا في المدرج وهو نفسه الذي يرمي نفسه في أحضان التطرف أو يجد نفسه في الإدمان وربما يستسلم للاكتئاب‏...‏
هذا الشاب ضحية وكلنا يا سيدتي جناة‏...‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.