تنسيق الجامعات 2025.. 70 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    صراع بين مرشحي الشيوخ بالشرقية لكسب أصوات الناخبين    وزير الشباب والرياضة يزور رئيس مجلس الدولة لتقديم التهنئة    7.53 صادرات مصر لأعلى خمس دول خلال 4 أشهر من 2025    فنادق مرسى علم تحتفل باليوم الوطني البلجيكي    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    عملية خطف في غزة.. الاحتلال يستهدف مدير المستشفيات الميدانية    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    الكرملين: بوتين وترامب قد يلتقيان فى الصين سبتمبر المقبل    اليوم وديا .. بيراميدز يواجه "باندرما سبور" في معسكر تركيا    محمد إسماعيل مستمر فى معسكر زد.. وحسم موقفه النهائى مع الزمالك الليلة    الشناوي يعلق على كثرة النجوم في غرفة ملابس الأهلي    ريال مدريد يتمسك بأمل التعاقد مع إبراهيما كوناتي.. وليفربول يرفع سقف المطالب المالية    منتخب مصر للسلة يواجه إيران في بطولة بيروت الدولية الودية    بتروجت يعلن ضم عمر بدير لاعب الأهلي لتنس الطاولة    في مشهد صادم.. مصرع وإصابة 10 أشخاص بسبب سيارة تسير عكس الاتجاه| صور    مأساة دلجا بالمنيا تتفاقم.. فرحة ووالدها يصرعون المجهول بحثا عن الحياة والنيابة تواصل التحقيق    اليوم.. تعرف على برنامج عروض وندوات المهرجان القومي للمسرح    «هنو» يجتمع بمقرري لجان «الأعلى للثقافة» ويعلن آلية جديدة لاختيار أعضاء اللجان الدائمة    نادية رشاد: «أنا مش محجبة ولا صغيرة عشان أثير الفتن» (فيديو)    «أمنحتب الثاني».. تمثال يجسد السلطة الإلهية في قلب الدولة الحديثة    آمال ماهر تكشف كواليس ألبوم «حاجة غير» | فيديو    وزير الصحة يتفقد المجمع الطبي ومركز 30 يونيو للكلى بالإسماعيلية    مستشفى كفر الشيخ الجامعي ينقذ مريضة تعاني من ورم ضاغط على الوريد الأجوف العلوي    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    آمال ماهر تتصدر تريند يوتيوب ب3 أغنيات بعد طرح ألبومها الجديد    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على نقل خبراتها المتراكمة في مكافحة الإرهاب لدعم القدرات النيجيرية    مدير صحة شمال سيناء يدعو المواطنين للمشاركة في المبادرة الرئاسية 100 يوم صحة    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضي المضافة لعدد من المدن الجديدة    بالفيديو.. الأرصاد: ارتفاع تدريجي في الحرارة والقاهرة تسجل 40 درجة مئوية    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 39 متهما ب«خلية العملة»    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    الفلفل ب10 جنيهات.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    تمهيدا لرفع الكفاءة.. متابعة علمية لمحطة بحوث الموارد المائية بطور سيناء    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    محافظ مطروح يهنئ السيسى بمناسبة الذكرى ال73 لثورة 23 يوليو المجيدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    وكيل صحة الدقهلية: أكثر من 35 ألف جلسة علاج طبيعي استفاد منها 6 آلاف مريض خلال يونيو    ترامب ينشر فيديو مفبرك بالذكاء الاصطناعي لاعتقال أوباما في البيت الأبيض    زعيم المعارضة الإسرائيلية: نهاجم في الشرق الأوسط حيثما نشاء دون سياسة واضحة    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    اليوم.. «الداخلية» تعلن تفاصيل قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة في مؤتمر صحفي    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار انساني مع فلاح السنبلاوين‏ الأمريكانى

موقفان ذكرتني بهما الرسالة التي بعث بها إلي الأستاذ الدكتور فاروق الباز من مقر عمله مديرا لمركز أبحاث الفضاء بجامعة بوسطن الأمريكية‏. الموقف الأول لقاء لا أنساه في كافتيريا الأهرام عام‏1982‏ حين دخل علينا رجل أنيق ورشيق ومهذب وسألني في أدب. جم عن مكتب الأستاذ كمال نجيب فانطلقت إلي مكتب الأستاذ كمال وعدت إلي الضيف آسفا فلاحظ خجلي الشديد في الاعتذار عن تأخر وصول الأستاذ كمال‏,‏فخفف عني‏,‏ وقال‏:‏ أنا الغلطان‏..‏ لأني دائما أصل قبل مواعيدي بنصف ساعة حين أكون في مصر‏,‏ أما الأستاذ كمال فأنا أعرف أنه‏'‏ إنجليزي‏'‏ نطقها بتعطيش الجيم يأتي في الموعد بالضبط‏.‏
فقلت‏:‏ لكن الأستاذ كمال ليس دقيقا فقط في مواعيده ولكن أيضا يزعجه جدا أن يوضع حرف أو معلومة أو كلمة في غير موضعها أو وقتها‏,‏ لذلك ظل لفترة طويلة من عمره مسئولا عن تدقيق الصفحة الأولي‏.‏
وسألت الضيف بعد أن شدتني طريقة نطقه ولهجته‏'‏ الفلاحي‏'‏ التي يدوس فيهاعلي بعض الحروف مثل الفلاحين في القري المجاورة لقريتنا‏,‏ وقلت‏:‏ من أي بلد حضرتك؟ فرد مازحا‏:‏ أنا فلاح أمريكاني من طوخ الأقلام مركز السنبلاوين‏!‏
ولم أصدق أنه أمريكاني‏..‏ لكني فرحت بصحة توقعي وقلت وأنا فلاح جارك من برهمتوش وهي مركز السنبلاوين أيضا‏!‏
وكان الأستاذ كمال قد وصل ودخل إلي الكافتيريا مباشرة قبل أن يذهب إلي مكتبه وقال وهو يرحب به‏:‏ مفيش فايدة فيك يا فاروق‏..‏ تيجي بدري زي الأمريكان‏..‏ وتظهر إن احنا اللي بنتأخر في مواعيدنا‏..‏ ثم التفت ناحيتي كأنه يفهمني قيمة الالتزام‏:‏ لو لم يصل قبل موعده بنصف ساعة ماكانش بقي عالم فضاء‏!‏وكان الأستاذ كمال نجيب محرر الطيران في الأهرام وقتها قد نجح في تأسيس المنظمة العالمية للطيران والفضاء ثم انتخب بعد أيام رئيسا للمنظمة‏..‏
View طوخ الأقلام بمركز السنبلاوين in a larger map
أما الموقف الثاني فله علاقة بضيفنا‏'‏ الفلاح الأمريكاني‏'‏ فاروق الباز والرسالة التي وصلتني منه‏,‏ فعقب انفجار مكوك الفضاء الأمريكي‏'‏ تشالنجر‏'‏ في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي علق خالي عطا وهو فلاح مزارع أيضا من قرية سنفا دقهلية قائلا‏:‏ أن كل محاولات الإنسان لإقامة علاقات تفاهم مع كائنات في كواكب أخري لن يكتب لها النجاح‏,‏ وسوف يقف الإنسان مهما بلغ من التقدم والعلم عند حدود اكتشاف هذه الكائنات فقط‏,‏ مادام إنه لم يستطع أن يطبع علاقاته مع كل كائنات الأرض المخلوقة معه من نفس التربة والطين والماء والهواء مثل الدود والحمير والعصافير والحشرات‏..‏ وحتي من هم علي شاكلته من بني الإنسان‏..‏ولماذا انفاق هذه المليارات وقذفها في الفضاء بينما الناس حولنا يتضورون جوعا؟‏!‏
أبهرني هذا الرأي من فلاح مصري فكتبته في‏'‏ وجهة نظر‏'‏بالأهرام خاصة أن العالم كان قد شهد خلال العقود الماضية موت ملايين البشر ضحايا اضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان في شكل حروب وتلوث وتجويع وفقر واحتكار‏,‏ ومات مع الملايين من الأطفال والنساء والرجال ملايين من الكائنات الأخري بسبب عدم قدرة الإنسان علي اختلاف درجة تحضره علي تطبيع علاقاته مع بقية بني جلدته المخلوقين معه من لحم ودم وطين وماء‏.‏
ولم أتوقف عند حدود الإعجاب برأي خالي الفلاح الفصيح الذي نطق به منذ‏25‏ سنة بما يعادل الآن تعبيرات مثل‏'‏ عالم واحد‏','‏ قرية صغيرة‏'..‏ و‏'‏عولمة‏'..‏ بل أرسلت بهذ الرأي منذ أيام عبر البريد الالكتروني إلي الدكتور فاروق الباز وسألته ما مدي صدق نظرية خالي عطا ؟ وما هي آخر خطوات الإنسان في إقامة علاقات مع كائنات علي كواكب أخري‏..‏ فكان هذا السؤال بداية لحوار كنت أشك في أن يأخذ أبعادا عديدة خاصة وأنا أعلم مشاغل الدكتور فاروق الباز ومهام هذا العالم الجسيمة التي تغوص في الصخر لتغطي أعماق جيولوجيا طبقات الأرض وترتفع لتحلق الي آفاق الكواكب والمجرات‏.‏
وكانت المفاجأة السارة لي حين وصلتني رسالته من بوسطن لتكشف لي أبعادا جديدة في شخصيته‏,‏ منها مثلا‏,‏ فهمه الصحيح لأصول الدين ورسالة الإنسان علي الأرض وانشغاله وفهمه للهم المصري‏,‏ بأبعاده الدينية والتربوية والتنموية‏,‏ كما عرفت أيضا عشقه للغة العربية نطقا وكتابة وأسعدني الحظ أن جهاز الكمبيوتر الخاص به ليس فيه حروف عربية‏,‏ الأمر الذي جعله يرد علي أسئلتي كتابة عبر الفاكس‏,‏ فاستمتعت بخطه العربي الجميل المنمق الذي يعبر عن فكره المنظم وآمنت بالحكمة التي تقول أن جمال الخط من مفاتيح الرزق‏..‏ وإلي الحوار‏...‏
أولا ماهي شهادتك عن الأستاذ كمال نجيب أحد أعمدة الأهرام الحديث ورائد صحافة الطيران والفضاء في الصحافة العربية وهو يدخل عامه الثالث والتسعين من عمره‏,‏ شفاه الله وعافاه وكنت أعرف منه بعد أن قابلتك معه عام‏1982‏ أنك من أقرب الأصدقاء إلي نفسه‏..‏ فكيف بدأت علاقتكم وما هو تقييمك لدوره كرائد لصحافة الطيران؟
‏{‏ مازلت أذكر لقائي بك ومقابلتنا في كافتيريا الأهرام أثناء إحدي زياراتي للقاء الصديق العزيز الأستاذ كمال نجيب شفاه الله وعافاه‏.‏ إنني أعتز بصداقتي مع كمال نجيب لاهتمامه البالغ وسعيه الدءوب لنقل أخبار الطيران والفضاء بكل حرص واهتمام للقارئ العربي في أحسن صورة‏.‏
لقد تعرفت علي الكاتب المرموق كمال نجيب في عام‏1974,‏ حيث كنت أحاضر عن النتائج العلمية لرحلات أبوللو إلي القمر بصفتي كنت رئيسا لفريق تحديد مكان هبوط أبوللو علي سطح القمر كما كنت مسئولا عن تدريب رواد الفضاء علي التصوير‏.‏ وأسعدني اهتمام كمال البالغ بالتعرف علي التفاصيل بغرض نقل المعلومة العلمية لقارئ الأهرام في صورة مبسطة ودقيقة جدا‏.‏وتكررت لقاءاتي به بعد رحلة أبوللو‏_‏ سيوز الأمريكية الروسية المشتركة في عام‏1975‏ والتي كنت سكرتيرا للجنتها التي ضمت علماء من القوتين العظميين في عالم ذلك الزمان وقد لمست حرصه علي استمرار الاهتمام عالميا بتقدم الطيران واستكشاف الكون‏,‏ سعي الأخ كمال نجيب لإرساء‏'‏ المنظمة العالمية للطيران والفضاء‏'‏ بغرض دعم تدريس أهم التطورات عالميا‏,‏ وذلك بنقل المعرفة إلي مدرسي المدارس والجامعات‏.‏ وقبلت عندئذ عضوية مجلس إدارة المنظمة التي ضمت عديدا من علماء الفضاء في أمريكا و العالم وانتخب كمال نجيب لها رئيسا‏.‏ واستمر عملنا معا لهذا الغرض لسنوات عديدة‏.‏ طوال هذا الوقت كنت أسعد كثيرا بمناقشاتي مع كمال نجيب عن كل جديد في مجال علمي وعملي لأني كنت أطمئن أنه سوف ينقل كل معلومة لقرائه وعبر محاضراته في أحسن صورة وعلي أكمل وجه‏.‏
إلي أي مدي نظرية بلدياتك خالي الفلاح عطا الإمام سليمة عن شرط التفاهم و تطبيع العلاقات بين الانسان والمخلوقات علي الأرض أولا قبل نجاح برامجه في الاتصال بالكائنات الأخري وإهدار المليارات من الدولارات في الفضاء؟‏!‏
‏{‏ إن كلمات الخال عطا تصب في صلب الموضوع ولا تختلف كثيرا عما أسمعه من أقاربي في قرية طوخ الأقلام بمركز السنبلاوين‏,‏ هذه الآراء تدل علي الذكاء الفطري لأهل الريف في مصر‏.‏ إنهم يهتمون بكل المتغيرات التي تحدث من حولهم والتعامل معها بذكاء لحماية أهلهم وجيرانهم واقاربهم وأرضهم ومحصولهم وحيواناتهم‏.‏ بالنسبة لهم جميعا البحث عن حياة في كواكب أخري لا يفي‏,‏ لأن ما يحيط بنا يكفينا جهدا‏.‏
في نفس الوقت فإن أبحاث الفضاء‏,‏ والملايين التي انفقت عليها عادت الي الارض في شكل تطوير لعلوم الطب والكيماء وطبقات الأرض وفتحت آفاقا عديدة في رفع مستوي العلم والتكنولوجيا وطرق البحث لا تقل أهمية عن النتائج‏,‏ مثلا لم يكن التعرف علي سطح القمر هو الغرض الأساسي من مشروع أبوللو لقد كان الغرض الأساسي هو رفع مستوي العلم والمعرفة في أمريكا ليرقي عن مثيله في روسيا‏.‏ كانت الرحلات القمرية هي الوسيلة التي تؤهل ذلك وتثبته إثباتا قاطعا للسواد الأعظم من الناس‏.‏
View معهد أبحاث الفضاء بجامعة بوسطن in a larger map
هل هناك فعلا أي احتمال لوجود حياة علي الكواكب الأخري؟‏!‏
‏{‏ من الناحية العلمية نحن نعلم أن كواكب المجموعة الشمسية لا توجد عليها حياة كما نعرفها‏.‏ في نفس الوقت نحن نهتم اهتماما بالغا بالتعرف علي تضاريسها وطرق تكوينها وما مرت به من تاريخ جيولوجي‏,‏ لأن في هذا كله نفعا لفهمنا تضاريس الأرض‏.‏ علي سبيل المثال بثت لنا الرحلات إلي كوكب المريخ صورا تثبت وجود أودية تكونت من مسار المياه علي سطحه في قديم الزمن‏.‏ تمت مقارنة هذه الأودية بمسارات المياه الجافة في جنوب غرب الصحراء الغربية في مصر بالقرب من حدودنا مع ليبيا‏.‏ أثبتت هذه المقارنة التشابه الجيولوجي بين سطح كوكب المريخ وصحراء مصر الغربية في كثير من الصفات‏.‏ اتضح أنه إذا كانت بالصحراء الغربية مياه جوفية فربما أن تحت سطح المريخ مياها علي شكل ثلج لبرودته‏.‏ هذه المقارنة تساعدنا كثيرا في فهم تضاريس المكانين بالرغم من بعدهما‏.‏
وماذا عن المستقبل في صحراء مصر وصحاريها الممتدة ؟
‏{‏ أكيد هناك أمل في المستقبل فلقد تطور الإنسان كثيرا وهناك أمل كبير أن يتم هذا التطور إلي الأحسن علي الدوام‏.‏ في الوقت نفسه لابد أن نقر أننا قد تعثرنا كثيرا أيضا‏.‏ علي سبيل المثال كانت مصر منذ‏50‏ عاما أحسن بكثير في معظم صفاتها عما هو الحال اليوم‏.‏ لكن هذا لا يعني أننا سوف نستمر في التدهور ولكن هذا يحثنا علي تغيير المسار إلي الأحسن‏.‏
هل تصدق أن بعض أصحاب العقول المتحجرة يعتبرون حتي الآن أن غزو الفضاء حرام ووصل الأمر بأحد رجال الفتوي الكبار بدولة عربية أن أفتي بأن النزول علي القمر كفر؟
‏{‏ لقد كان والدي رحمه الله أول من التحق بالأزهر من أهل البلد وصارأستاذا ومعلما ورئيسا للبعوث الإسلامية في الأزهر الشريف‏,‏ ووصل طلبته إلي مراكز مرموقة مثل المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي‏.‏ ويذكر طلبته كما تذكر ذريته أن أهم أسس الدين لديه هو حسن المعاملة فقد كان يقول‏'‏ إتق الله في كل أعمالك‏,‏ وعامل الناس بصدق وتواضع‏,‏ وساعد كل محتاج‏'.‏ وإذا رجعنا إلي قول الله تعالي‏'‏ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏'‏ فإن هذا يحثنا علي التفكر فيما خلقه الله من حولنا لأننا لا نعلم ما هو الجن‏.‏ علينا إذن أن نفكر في خلقه أينما كان الخلق‏,‏ في هذا الكون الفسيح‏.‏
وكيف ننجح في جعل التعدد الثقافي والحضاري علي كوكبنا ميزة للبشرية وليس عيبا أو كارثة كما هو حادث الآن؟
‏{‏ لا مفر من التعدد الثقافي والحضاري ولابد أن نجعله ميزة للبشرية وليس عيبا‏,‏ فعلينا أن نعود إلي قول الخالق عز وجل‏'‏ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا‏'‏ يذكرنا الخالق بأنه كان بوسعه خلق الناس أجمعين في صورة واحدة لا فرق بينهم‏.‏ لكنه خلقنا شعوبا مختلفة متباينة حتي نتعايش ونتعارف لنتكافل‏.‏ إذن لابد من وقفة لتغيير ما يحصل في أجزاء عديدة من العالم الإسلامي في عصر الجهالة الحديث‏.‏ لابد من تغيير مبدأ معاداة كل من يختلف عنا وأن نطمئن بأن التعدد هو سنة الله وما أمر به وأنه سبحانه وتعالي أمرنا بالتعارف مع كل من يختلف عنا شكلا ودينا وأصلا وثقافة‏.‏
ماذا يعني لك ضياع سفينة فضاء وانفجار أو تأجيل محاولة لإطلاق مكوك؟ وبماذا تفسر فرحة بعض الناس بمثل هذا الفشل؟
‏{‏ إن ضياع أي سفينة فضاء لأي دولة خسارة كبيرة للبشرية جمعاء‏.‏ فرحة أي فرد أينما كان بمثل هذه الخسارة جهل دون إنساني‏.‏ والشماتة في الغير صفة حقيرة تنبع من مرض الشخصية‏,‏ لأن الإنسان لابد أن يحب للناس مايحب لنفسه‏,‏ وهذا من أصول الإيمان وحساب هؤلاء الناس في نظر الأديان السماوية أن كل فرد سوف يحاسب بمفرده‏,‏ كما سيحاسب كل عامل عن عمله أيا كانت مسئوليتة فلا يصح أن نحاسب في الآخرة لخطأ الأخرين‏,‏ كفانا أننا نتدهور في حياتنا لأخطاء الغير أما الحساب الأخير فهو لكل ما يفعله الإنسان شخصيا‏.‏
والمحاولة والتجريب جزء لا يتجزأ من النجاح في جمع العلم والمعرفة‏,‏ كل خسارة فيها دروس للنجاح المستقبلي لأنها جزء من التعلم‏.‏
إذا كانت هناك مسئوليات ورسالات للدول تجاه البشرية فأين رسالة مصر‏..‏ وهل هناك أمل أن تستأنف مسيرتها الحضارية كضمير للعالم؟
‏{‏ منذ قديم الزمن رفعت مصر راية العلم والمعرفة والتعرف علي الكون وما يحيط بنا في كل اتجاه‏.‏ لذلك كان صوت مصر جاهرا تجاه البشرية علي مدي العصور‏.‏ لكن بين آونة وأخري ينطوي شعب مصر علي نفسه وعلي مشاكله اليومية وينسي ما يحيط به من كل اتجاه‏.‏ في هذه الأوقات تخبو شعلة الحضارة في مصر كما هو وضعنا الحالي‏.‏ وأقدر أن أذكر في هذا السياق قصة حفيدتي ياسمين التي تعيش في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة‏.‏ لقد زارت ياسمين مصر معنا عدة مرات واستمتعت بآثار مصر العديدة في كل من العصور القديمة والقبطية والإسلامية‏.‏ عادت من مدرستها يوما تقول لامها أن مدرسة التاريخ تكلمت عن الحضارة المصرية القديمة‏.‏ ثم استمرت قائلة إن المدرسة قالت إن التاريخ يعيد نفسه‏.‏ وسألت أمها‏'‏ هل هذا صحيح أن التاريخ يعيد نفسه‏'.‏ فعندما أجابت الأم بالإيجاب سألت الصغيرة‏(10‏ سنوات عندئذ‏):'‏ هل هذا يعني أن مصر يمكن أن تعود دولة عظيمة مرة أخري؟‏'.‏ لكي نجيب علي سؤال ياسمين علينا التفكر في أسباب وصولنا إلي هذه الحالة المزرية لكي نشخص العلة‏,‏ وكيف وصل أجدادنا إلي قمة البلدان من قبلنا‏,‏ لكي نختار الطريق الصحيح للمستقبل‏.‏
وماذ عن المستقبل‏..‏ أقصد المستقبل في مصر ومستقبل التنمية والعمران علي أرضها؟وكيف تراه في ضوء ما لديك من معلومات وصور لسطحها وباطنها من الأقمار الصناعية وسفن الفضاء؟
‏{‏ مستقبل مصر في التنمية والعمران باهر في نظري وخاصة أنني درست في هذا الموضوع كثيرا‏.‏ علي ضوء الصور التي التقطناها من الفضاء لمصر والدراسات التي اجريناها لسطح المريخ‏,‏ وتبلور عن تفكيري في ذلك مشروع‏'‏ ممر التنمية‏'‏ في الشريط المتاخم لنهر النيل والدلتا والصحراء الغربية‏.‏ هذا الممر الذي تؤهله طبيعة أرضه والطبوغرافيا المستوية للتوسع العمراني والتنموي في الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة بطول‏1200‏ كيلو متر من الشمال إلي الجنوب إضافة إلي ألف كيلو متر في المحاور العرضية التي تربط الممر بأماكن التكدس السكاني في البلدان الأساسية‏,‏ والمقترح المستقبلي معروض علي الحكومة حاليا لدراسة نواحيه المختلفة حتي يتم تبني فكرته والعمل علي إنجازه بواسطة مؤسسة أهلية أو تنموية وبتضافر مؤسسات المجتمع المدني لتأمين حياة أفضل لشباب مصر‏.‏
‏..........................................‏
انتهي حواري مع عالم الفضاء والأرض الدكتور فاروق الباز بممر التنمية الذي أقرأ عن اجتماعات ودراسات حكومية علي أعلي مستوي لدراسة جدواه الاقتصادية‏,‏فهل نبدأ في تنفيذه وحشد الناس من حوله باعتباره المشروع القومي للجيل الحالي الذي يصحو يوميا علي أخبار احتمالات غرق أجزاء كبيرة من الدلتا‏,‏ وأزمات التكدس وادارة الزحام في سجن الوادي الضيق؟ وهل يكون هذا المشروع عودة حميدة الي الصحراء بعد مئات القرون من الهجر والنسيان‏,‏وهل يستحق العالم المصري صاحب هذا الحلم‏'‏ القومي العملي الممكن‏'‏ تكريما أوسع من مجرد‏'‏ مواطن الدقهلية المميز‏'‏؟‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.