شهدت «دارالعين» للنشر حفل توقيع ومناقشة المجموعة الشعرية الأحدث للشاعر عبد المنعم رمضان «الهائم فى البرية» فى حضورالمفكر والشاعر العربى الكبير (أدونيس) ومجموعة من الإعلاميين والنقاد والأدباء كان منهم إبراهيم عبد المجيد وسعيد الكفراوى ووحيد الطويلة ونعيم صبرى، فضلا عن أدباء ونقاد عرب. وناقش الديوان الدكتور شاكر عبد الحميد والدكتور جابر عصفور وألقى عبد المنعم رمضان مجموعة من قصائد الديوان، ولما طلب مدير الندوة أشرف يوسف من أدونيس إلقاء كلمة بهذه المناسبة اعتذر، غير أن «المصرى اليوم» طلبت من الشاعر الكبير التحدث خاصة أن كثيرين جاءوا ليسمعوه وأن الدكتور جابر عصفور قد ذكر فى كلمته أن عبد المنعم رمضان فى بداية مسيرته الشعرية كان متأثرا بأدونيس، وفى مداعبة قال عصفور لأدونيس: «أنت دللته ثم تتخلى عنه فى احتفالية كهذه؟». ونزل أدونيس على رغبة الحاضرين وألقى كلمة مهمة جاء فيها: «كنت أود فقط الإصغاء لما قاله الناقدان الكبيران ولقصائد عبد المنعم رمضان خاصة أننى لم أقرأ ديوان عبد المنعم رمضان بشكل كاف ولقد سعدت بما قاله الصديقان العزيزان جابر عصفور وشاكر عبد الحميد وقد كونت فكرة مبدئية عن ديوان عبد المنعم رمضان (الهائم فى البرية) من خلال القصائد التى ألقاها كما أننى لا أود أن أتحدث فى سياق ما قاله الصديقان جابر عصفور وشاكر عبدالحميد اللذان استفدت وسعدت كثيرا بما قالاه ولن يكون حديثى امتدادا لما قالاه ولكن الموقف يقودنى للتحدث عن وضع الشعر العربى الراهن ومادامت الجلسة حول مجموعة رمضان الشعرية فهى تتيح الفرصة للحديث عن الحداثة والمشهد الشعرى». واستطرد قائلاً: «لى وجهة نظر فيما يتعلق بكيفية إنتاج معرفة فالمجتمع العربى منذ سقوط بغداد على يد التتار لم ينتج معرفة جديدة على مستوى المؤسسات أو على مستوى الإبداع، خاصة أن العالم العربى لا يعترف بالمثقفين أصلا ولم ينتج أية معرفة يمكن أن تضاف للمعرفة التى حققها وأنتجها عرب رواد أوائل من أمثال ابن رشد والفارابى وابن سينا وابن خلدون فقد توقفت هذه الإضافة المعرفية النوعية والكبيرة بعد سقوظ بغداد وتوقفت أكثر مع سقوط الخلافة العثمانية ليحل محلها الاستعمار الأوروبى، ومنذ منتصف القرن السادس عشر لم ننتج معرفة مضافة للرواد فى تقديرى، والمفكر والشاعر والناقد وكل الذين يعملون فى المجال الفنى والمعرفى واللغوى والتشكيلى والمسرحى والإبداعى يتعين عليهم أن يحدثوا قطيعة مع هذه المرحلة التاريخية، ونحن لم نستطع تأسيس جامعة عربية واحدة على مستوى عالمى لم ننتج شيئا على مستوى المؤسسات أو على مستوى الإبداع». وتابع أدونيس: «الشعر العربى أنتج فى القرن الأول الهجرى شعرا يدخل فى دائرة الشعر الكونى، لكن لم ينتج العرب كتابا واحدا على مدى ال 14 قرنا الماضية عن الجمالية الشعرية، بل أخذنا ما كتبه الجرجانى على اللغة القرآنية وطبقناه على الشعر. ولكن ماذا يعنى الإبداع ولماذا نحمل المثقفين المسؤولية لماذا نطالب أشخاصا غير معترف بهم من قبل المؤسسات المسؤولة مسؤولية هذا الخلل، وما أطمئن إليه من خلال قراءاتى خصوصا لعبد المنعم رمضان أن هذه المرحلة بدأت مع الفنانين التشكيليين والشعراء والمسرحيين والروائيين، كل من ليس له مرجعية بشكل خاص، بدأت تتنج شيئا مختلفا وجديدا، ويسعدنى أن أقدم شهادة بسيطة وهى أن عبد المنعم رمضان الشاعر المتواضع الذى لا يتكلم إلا همسا يلفت انتباهى فى أكثر من شىء الأول فى العلاقات التى يقيمها بين الكلمة والشىء تنتج جمالا مختلفا آخر على مستوى هذه العلاقة التى تتجلى بين النص الشعرى والمتلقى والإنسان واللغة، الشىء الثانى المرتبط بالشىء الأول أن من ينتج جمالا جديدا ينتج معرفة جديدة. أنا أكتب بحزن شديد فى الشعر العربى وأنا أضعه- كما ذكرت - بين المراتب الأولى فى شعر الكون كله، ولكن كتذوق وقراءة نقدية لم ننتج كتابا واحدا على مدى 14 قرنا يقدم دراسة منهجية لجماليات اللغة الشعرية العربية. والنقد العربى القديم والحديث أساء مرتين الأولى أنه لم يؤسس لرؤية جمالية جديدة ولنقد جمالى جديد ولإنتاج جمالية معرفية جديدة والمرة الثانية أنه لم يعتمد سوى على ما كتبه الجرجانى عن اللغة القرآنية وعمموه وطبقوه على اللغة الشعرية بدلا من تأسيس رؤية جمالية جديدة ولنقد جمالى جديد ولإنتاج معرفة جمالية جديدة انطلاقا من النص الشعرى العربى قديما وحديثا ونتمنى أن نبدأ بالتفكير فى هذا الأمر». وكان الدكتور شاكر عبد الحميد قد قدم دراسة عن ديوان عبد المنعم رمضان وقال إنه يرتبط بعالم الحداثة وعالم المدن والأماكن التى تسكنها روح قلقة وربما منقسمة والهيام ليس التسكع وإنما للبحث عن شىء أو فكرة مع حضور لحالة الوحدة والغياب كما تتجلى الحاجة للأم، حيث الأم لها دلالات كثيرة. أما الدكتورجابر عصفور وزير الثقافة الأسبق فقد ألمح فى قراءته لديوان عبد المنعم رمضان لحالة التداعى التى تستدعى اللجوء إلى الرمز وهى تمثل حداثة فى الكتابة والتى تحتاج حداثة فى التلقى وقال إن قصيدة عبد المنعم رمضان حداثية لأنها لا تركز على ما يقال لكنها تركزعلى كيفية القول، كما تشهد هذه التجربة لرمضان عودته إلى العروض فى إيقاع هادئ والجديد فى الديوان ذلك الإحساس القوى بالزمن، ودرجة الشفافية بالصورة مما يمثل نقلة مختلفة فى تجربة عبد المنعم رمضان.