«الجرافيتى».. «فن المشاغبين» يحاصر أبرز فنون الشارع

مع شروق الحضارات القديمة اعتاد الفنانون على الكتابة والرسم على جدران المعابد بشكل منظم، لكن تحول الأمر بعد ذلك فى العصر الحديث إلى وسيلة اعتراض، عرفت باسم «الجرافيتى»، حيث ملأ الشباب المبانى الأوروبية فى ثورتهم الشهيرة بعبارات تدين كبت حرياتهم وأفكارهم، فلقب ب«فن المشاغبين»، حيث دائماً كان يتم محو (الجرافيتى) من قبل السلطات التى كانت تضيق به، لكن الشباب استطاعوا تأكيد هذا الاتجاه رغم هذه المحاولات وامتد الفن ليتخطى حدود السياسة، وبدأ يأخذ شكلا جمالياً وتطورت أشكاله وأنواعه، فانتشر رسم ثلاثى الأبعاد فى شوارع العالم وعلى العمارات ليعطى شكلا جماليا للمكان.
بدأ العالم يحتفى بهذا الفن وخصصت دول عدة يوما سنويا للاحتفال بمهرجان الجرافيتى، ففى بريطانيا على سبيل المثال، دشن 250 فناناً قادمين من 25 دولة مؤتمر الجرافيتى فى يوليو من عام 2015، حيث رسموا أسطح العمارات فى 28 منطقة. وانطلقت حركات ثورية من أوروبا بفن الجرافيتى مثل ثورة الشباب فى السبعينيات، وظهور الجرافيتى على سور برلين بعد اتحاد الألمانيتين، كما ظهر فى منتصف القرن العشرين حركة فنانى ريو فى البرازيل الذين لونوا ورسموا على أغلب شوارع المدينة.
وتتنوع طرق رسم الجرافيتى والذى يعد من أبرز فنون الشارع فى العصرالحديث، حيث يستخدم الفنانون الرش أو الألوان الزيتية، للجداريات الثابتة، ويستخدم الطباشير فى المهرجانات الشعبية، فعلى سبيل المثال يرسم الشباب فى مصر بالطباشير على الشوارع فى مهرجان الكوربة بمصر الجديدة.
فى أغلب الأحيان تستخدم «بخاخ البوية» فى الرسوم وأيضا تستطيع استخدامها للتوقيع، وأيضا هناك قلم البوية يستخدم للتوقيع وهناك أغطية خاصة للتحكم فى مساحة الرش وشكل البقعة للبخاخ وتباع على حدة.
وتعد عشوائيات المكسيك لاس بالميس من أشهر المناطق الملونة بالجرافيتى وقضى الفنانون 14 شهرا فى حى (las Palmitas)، وتنوعت ألوان واجهات المنازل التى يصل عددها إلى نحو 200 منزل، إلى درجات ألوان قوس قزح، لتضم الأصفر والبنفسجى والأخضر. كما يغطى الجرافيتى منطقة تيلاس الإيطالية، وفى مصر اشتهر جرافيتى الفرعون الثائر. ويعد بانسكى الانجليزى من أشهر رسامى الجرافيتى فى العالم والذى رسم جرافيتى الموناليزا المقاتلة.
وانتشر فن الجرافيتى فى مصر بشكل محترف مع اندلاع ثورة 25 يناير 2011، حيث رسم الشباب رسوماتهم الشهيرة فى شارع محمد محمود وفى ميدان التحرير، لكن علاقة الفن بالسياسة فى مصر أجبرته على اتخاذ طرق أخرى بعيدة عن السياسة بسبب قيام المسؤولين فى المحافظات بمسح الجرافيتى.
وساهم هذا الفن فى تطوير علاقة العامة بالفن التشكيلى بمشاهدة الأعمال الفنية على جدران الشوارع بشكل مباشر وهى وجهة النظر التى أكدها الدكتور ياسر شحاتة الفنان التشكيلى والمؤرخ، الذى يقول إن فن الجرافيتى حقق طفرة كبرى فى مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحقق علاقة مباشرة فى العلاقة بين الفن التشكيلى والمتلقى لكن الان بدأ الفنانون برسم مشاهد اجتماعية عن فن الجرافيتى وبدأ البعض الآخر فى الرسم بشكل حرفى على عمارات العشوائيات لتجميلها.
من جانبها، تنظم السفارات الأجنبية فى مصر فعاليات كبرى للرسم فى الشارع سنويا حيث أطلقت سفارة الهند فى العام الماضى فعالية «جدران حية» وأتاحت الفرصة للفنانين المحترفين والهواة للتعبير عن أفكارهم ومشاركتها مع الآخرين من خلال فنون الشارع. وخلال الفعالية، قام الفنان المصرى الشهير محمد عبلة والفنان الهندى اللامع يوجيش ساينى بالرسم على أحد الحوائط فى القاهرة بالتنسيق مع عدد من الوزارات منها وزارتا التعليم والثقافة.