شاب 25 يناير أعادوا فن الجرافيتي واستخدموه في التعبير عن آرائهم التي لم تجد من يتبنّها، كانت رسوماتهم متنفسا عن انفعالتهم واعتراضهم وتمردهم بل واحتجاجاتهم التي لم تتوقف على مدار 20 شهرا، منذ يناير 2011، الأحداث كانت تتوالى مسرعة ومازالت مستمرة، وفي كل مرة كانوا يظنون أنها المرّة الأخيرة، وأن مطابهم سوف تتحقق، لكن هيهات هيهات.. يبدو أن المشوار ما زال طويلا، ويحتاج لصبر ووسائل مبتكرة، تعينهم على التعبير السلمي، وعرض مطالبهم بل مطالب رفقائهم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل التغيير، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، والحرية.. استخدم الثوار ألوان تعبر عن أفكارهم واحتجاجاتهم.. أحمر بلون دماء الشهداء، وأبيض بلون أروحهم، وإسود بلون الثورة المضادة، ألوان استخدمها رسامي فن لون الثورة، وأصبح ذاكرة لأمة لا تموت، "الجرافيتي" فن رسم الصور والحروف على الحوائط والجدران، وارتبط في بداية ظهوره بموسيقى الهيب هوب في بنيويورك، فناني الجرافيتي يعتبرونه تعبير حر يسعى مثل سعي افشاعة في مصر، لذا لابد من مكان ملحوظ، الجدران والأبواب والقطارات، والباصات والشوارع وغيرها، ويتعبر البعض أن الجرافيتي صوت المهمشين وصغار السن لإيصال أراءهم للآخريين. الجرافيتي، رسم موجود من آلاف السنين على حوائط الكهوف باستخدام عظام الحيوانات، عاد للظهور مرة أخرى في العصر الحديث في مدن الحضارة الإغريقية "أفسس" تركيا حاليا، وانتشر منذ 1979 عندما افتتح الفنانان "لي كوينس وفريدي" أول معرضا له في روما، ومن حينها تعرف العالم على فن الجرافيتي، وانتشر استخدامه في العديد من المجالات كالدعاية والإعلان ولكن بدى ظهوره وخاصة في العالم العربي مرتبطًا بالتعبير عن الرأي والاحتجاج والثورات. يشتمل الفن على نوعان "مكتوب ومرسوم"، المرسوم باستخدام بخاخ البوية، والمكتوب يعتمد على قلم البوية ويستخدم القدم أيضا للتوقيع في المرسوم، ولكنه لا تستطيع استخدامه في رسم النوع المرسوم بشكل كامل، ومن ضمن ادوات فن الجرافيتي الأغطية الخاصة للتحكم في مساحة الرش وشكل البقعة، وتسمى بالقبعة "Cap"، وأيضا تستطيع لتقليل مساحة البقعة بطريقة يدوية. بعض الدول خصصت أماكن بعينها لرسم الجرافيتي، فيما وضعت دول أخرى قوانين لرسومات الجرافيتي ووضعت غرامات قانونية حول رسمه في الأماكن العامة والشوارع، في السعودية تصل الغرامة المالية 2000 - 5000 ريال سعودي. في مصر منحت الثورة المصرية الفرصة لإطلاق العنان لفن الجرافيتي ليصبغ حوائط القاهرة، بألوان ثورية خالصة، وخاصة الشوارع المرتبطة بأحداث الثورة المصرية، بميدان التحرير والشوارع المحيطة، وخاصة شارع محمد محمود وسور الجامعة الأمريكية. وبات جدار الجامعة الأمريكية وباقي جدران بنايات شارع محمود محمود، لوحة فنية رائعة، تؤرخ معركة الثورة المصرية، لتعبر عن فترة انطلاق الموجات المتعددة للثورة المصرية، فمنها من عبر عن أحداث محمد محمود في 19 نوفمبر الماضي، التي فقدنا على إثرها عيون شبابابنا سواء كليًا أو جزئيًا، من طلقات خرطوش الأمن المركزي بجانب من سقطوا شهداء . علاوة علي شهداء بورسعيد من أولترس الأهلي، وشهداء مجلس الوزراء، الشيخ عماد عفت وعدد من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم خلال الثورة المصري، شارع محمد محمود وجدار الجامعة الأمريكية مؤرخ للثورة، وشاهداً علي أحداثها من خلال رسومات الجرافيتي. وشملت الصور التعبيرية جميع طوائف المصريين كما عبرت عن الشباب الملتحي والشباب المسيحي، ورسومات تناصر حقوق المرأة المصرية، بجانب من يظهر عليه ملامح وتعبيرات شهداء الأولترس. هناك رسومات على الجدران تنتقد علياء المهدي، الفتاة التي نشرت صور عارية لها على مدونتها الخاصة على شبكة الانترنت، وتنقد المجلس العسكري، ومبارك وأعوانه وأنصار الثورة المضادة، علاوة علي بعض الرسومات الخيالية لجنازة الشهداء في السماء على حد رؤية وتصوير الفنان.