أيها السادة : مللت تحليل الأحداث، أتضح لى أن الأمر السائد الآن هو صلابة الرأى، جهالةً أو أدعاء بطولة أو على أحسن التقديرات، حماسة وتأثراً بضخامة الأحداث ، تلك التى لم نمر بما يشبهها من قبل، والآن سوف أبدأ بنفسى لأتحدث معكم حول مصر التى يجب أن نكون الآن مشغولون بالتأسيس لها، فى مقال سابق - المهام الجسام أمام الشعب المصري - تحدثت معكم عن ثلاث مهام نحن بصددها شئنا أم ابينا ، وهى : انتخابات الرئاسة، انتخابات مجلس الشعب، ثم الأستفتاء على الدستور الجديد .. أتناول معكم ما أراه واجبا علينا من اعمال ، لانجاز هذه المهام التى سوف نختبرها لأول مرة هذا العام من هذه الأعمال ما يخص الشعب ومنها ما يخص الحكومة أما ما يخص الشعب ، فأراه متمثلا بشده فى انفاق الوقت و الجهد العقلى و غير ذلك مما يلزم فى محاوله هضم جرعه سياسيه مكثفه تمكننا من ممارسه حقوقنا الدستورية بأكبر قدر من النجاح، ذلك عن طريق ايجاد حوار مجتمعى فى المنتديات الثقافيه و المقاهى و الندوات السياسيه التحليليه و البيوت و الجامعات و غيرها . يكون محور هذه الحوارات ، وضع تصور لما يبتغيه المواطن المصرى من الرئيس القادم ، و من مرشحى المجالس النيابيه و من كل مرشح للعمل العام . بحث نخرج من هذا الحوار و قد رسمنا خطوطا عامه محدده لشخصيه شاغلى هذه الوظائف ، يعيها كلا من المواطن العادى - فيأخذها بعين الاعتبار اثناء الاختيار - و كذا يعيها المرشح لأى منصب عام - فلا يخرج علينا برغبته فى شغل المنصب إلا من يجد فى نفسه هذه المحددات يستفيد المواطن من مثل هذا الحوار ، كيفيه الاختيار على اسس التفكير العميق فى شخصيات و برامج المرشحين ، و يتخلص المواطن بهذا من تأثير تاريخ طويل من الاختيار على اسس شخصيه بحته اعتدنا عليها فى ظل ثقافه تجميد العقول و تجويع البطون التى كانت سائده و بهذا نجبر من ليست لديه الكفاءه المطلوبه على التزام بيته لممارسه العمليه الانتخابيه كمشارك لا كمرشح ، مما سيضيق دائره الاختيار امام الشعب لتكون بين عدد من المرشحين الاكثر كفاءه . و المستفيد هو مصر و المصريين ذلك ان تعدد المرشحين بشكل مبالغ فيه لمنصب مثل منصب رئيس الجمهوريه لن يؤدى الا الى تفتيت كتله الاصوات الانتخابيه بحيث يفتقد المرشح الناجح للحصول على اغلبيه صلبه تمكنه من ممارسه عمله بقوه كافيه كما انه يجب ايضا علينا فى المرحله القادمه التفكير فى طريقه آمنه و محترمه لتوفير الدعم المالى اللازم لكل مرشح ، بالشكل الذى يضمن لنا شفافيه اجراءات جمع هذه الاموال و يضمن للمرشح استقلال صوته و حريه قراره بعد ان يتولى منصبه ، و هذه نقطه حرجه - حقيقهً - لما تمثله من تحدى فى ايجاد مثل هذه الطريقه بشكل ابتكارى و سريع ، نظرا لقرب ميعاد الانتخابات . يجب ايضا على شعب مصر ، ان يوجد آليات ضغط جديده مقبوله لدى الشارع و الحكومه تكون سبيلا متفق عليه لاعلان عدم رضا الشعب عما يتخذ من اجراءات فى شأن معين ، دون اللجوء الى التظاهر - الذى هو حق مكفول للجميع آخراً و ليس ابتداءً - و ذلك فى اطار ممارسه الشعب حقه فى مراقبه عمل الحكومه - و ليس توجيه عملها - ذلك انه ليس ابتداعا من عندى انه لا يوجد شعب فى العالم يمارس سلطه توجيهه لحكومته ، و انما يمارس الشعب سلطه رقابيه . و يجب ان يسلم كل منا بدوره - الشعب و الحكومه - ذلك انه لا توجد اداره مؤسسيه قاعديه ، و انما الاداره الفائقه المعروفه دائما تتخذ الشكل الهرمى ، بما يمكن القاعده العريضه من الشعب من الاشتغال بالاقتصاد و يمكن النخبه من الاشتغال بالسياسه و ليس العكس هذه بعضاً من نقاط تتواتر مسرعة الى ذهنى بقدر تواتر الاحداث فى مصر ، و بقدر حبنا لها ، الذى حرك فى كل منا وطنيته . أما عن دور الحكومه فلنا، فيه شأن آخر وميعاد قريب