«سان أدوريز».. قديس الشمال الجديد

تقول أسطورة دينية شاعت قديما إنه كان هناك فتى يعيش في القرن الثالث وتعرض ظلمًا للسجن من قبل حاكم روماني بسبب قناعاته الدينية ليُودع في السجن، ولكنه تحرر بمعجزة إلهية قبل أن يُلقى في حلبة مصارعة لمواجهة الأسود، إلا أنه تمكن من اجبارهم على طاعة أوامره قبل أن يٌقتل لاحقا.
إنه «سان ماميس» أو «القديس ماميس» والذي يُطلق اسمه على ملعب أتلتيك بلباو الإسباني تيمنا بهذه «المعجزة» ولكي يكون حاميا للفريق ضد خصومه ويُعد أيضا السبب وراء منح لقب «أسود بلباو» للفريق الباسكي الذي تُوج بكأس السوبر الإسباني بفضل أهداف مهاجمه المخضرم أريتز أدوريز صاحب ال34 عاما.
وخسر برشلونة حلم تحقيق السداسية للمرة الثانية في تاريخه بعدما تكفل أدوريز الجمعة الماضية بهز شباك النادي الكتالوني ثلاث مرات على ملعب سان ماميس في المباراة التي انتهت برباعية نظيفة، قبل أن يقضى على آمال البرسا بتحقيق عودة تاريخية الاثنين حينما أحرز هدف التعادل لتنتهي المباراة بهدف لمثله.
31 عاما هي الفترة التي ظل الفريق الباسكي ينتظرها منذ أخر مرة فيها تُوج فيها بالألقاب من أجل ظهور «قديس جديد» يعمل على ترويض منافسيه لكي يلامس لاعبوه الذهب مجددا، حتى جاء «سان أدوريز» لهم بلقب كأس السوبر.
ويتميز أدوريز بكونه رأس حربة كلاسيكي للغاية، فهو ليس من فصيلة السناجب الصغيرة التي تمر من بين كل الدفاعات عن طريق المراوغات المتنوعة مثل ميسي ونيمار أو يركض بسرعة الفهود مثل رونالدو أو بيل، بل هو كما يُسمى فريقه من فصيلة الأسود: قليل الحركة وجيد في التمركز وفعال خاصة في الرأسيات.
لن يتذكر الشمال الإسباني أدوريز ويجعله قديسه الجديد فقط بسبب كأس السوبر، بل لأنه على غرار النموذج الكتالوني الموجود في تشافي هيرنانديز وكارليس بويول، يُمثل هوية النادي واقليم الباسك الذي قضى فيه ثلاثة حقب مختلفة.
هناك في خليج لا كونشا بمدينة سان سباستيان كان الاحتكاك الأول شبه الاحترافي لأدوريز مع الكرة في الدورات المدرسية التي لعب فيها.. أحيانا وسط الصقيع وأخرى تحت الأمطار وغيرها وسط الثلوج، وذلك ضد فرق كانت تضم أيضا أسماء ستصبح لاحقا أبطال ونجوم مثل تشابي ألونسو نجم بايرن ميونخ الحالي.
يتذكر أدوريز تلك الفترة في حوار نشرته صحيفة ال(باييس) الإسبانية عام 2010 بقوله «في بعض الأحيان كنا نلعب في الثامنة والنصف صباحا وكان علينا تجهيز الملعب ونصب المرميين والشباك، وفي مرات أخرى إذا كنا آخر من يلعب كان يجب علينا تفكيكه.. إنها كرة القدم في أنقى حالاتها، تتعلم التضحية والمشاركة والعمل وبذل كل ما لديك من جهد».
وبدأ أدوريز بعدها في اللعب في قطاع الناشئين لفريق أنتيجوكو، أحد أندية مدينة سان سباستيان الذي كانت تجمعه اتفاقية تعاون مع أثلتيك بلباو، ثم بدأ مسيرته الاحترافية مع نادي أوريرا دي فيتوريا الصغير والذي كان هو الأخر تجمعه اتفاقية تعاون مع النادي الباسكي العريق.
بموجب هذا الاتفاق انتقل أدوريز للفريق الثاني لأثلتيك بلباو الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية ويُعرف بإسم بلباو أثلتيك حيث لعب معه بين عامي 2002 و2003 في 90 مباراة سجل خلالها 18 هدفا، كما أن مشاركته الأولى مع الفريق الأول كانت في موسم 2002-2003 وتحديدا في 14 ديسمبر 2002 أمام برشلونة، وكأنما كانت اشارة خفية منذ ذلك الحين بأن النادي الكتالوني ربما سيكون سببا في مجده بطريقة غير مباشرة.
رحل أدوريز معارا بعد ذلك إلى بورجوس الذي شارك معه في 36 مباراة محرزا 16 هدفا قبل أن يلعب في بلد الوليد الذي سجل معه 20 هدفا في 46 مباراة.
عاد المهاجم الباسكي بعد ذلك إلى موطنه أثلتيك بلباو في عام 2005 حيث استمرت حقبته الثانية مع النادي ثلاثة سنوات شارك خلالها في 82 مباراة أحرز فيها 22 هدفا ثم شد الرحال في 2008 نحو مايوركا الذي لعب معه حتى 2010.
واصل أدوريز بعد ذلك رحلته في مختلف أنحاء إسبانيا بانضمامه إلى فالنسيا في 2010 حيث لعب معه حتى 2012 وسجل 17 هدفا قبل قبل عودته الثالثة إلى ناديه المحبب أثلتيك بلباو حيث شارك معه منذ ذلك الحين في 98 مباراة سجل فيها 48 هدفا.
وتشاء الظروف أن يلتقي «سان أدوريز» الذي لن ينساه الشمال أبدا وفريقه الباسكي مع برشلونة في الجولة الأولى من عمر الليجا الأسبوع المقبل فهل سيحقق «القديس» شيئا استثنائيا جديدا أم أن جعبته ستكون فرغت من المعجزات؟