بعد أموال البث وصيف مخيب للآمال .. هل يتغير شكل البريميرليج؟

«تشيلسي فاز بالدوري الموسم الماضي بفارق كبير، أعتقد أنهم المرشح الأقرب لهذا الموسم»
على عكس سيل التوقعات بتتويج أرسنال هذا الموسم من عدد من أبرز وجوه البريميرليج بدءًا بإيان رايت وفرانك ماك لنتوش نجمي المدفعجية السابقين، ومرورًا بهاري ريدناب أحد أبرز مدربي الدوري، وانتهاءًا بعدد كبير من مشجعي أرسنال أنفسهم والكثير من صحفيي انجلترا، إلا أن التصريح السابق لمديره الفني أرسين فينجر يبدو الأكثر منطقية وواقعية، وبغض النظر عن نتائج الجولةالأولى، بل ويبدو ما قاله الغزال الفرنسي تيري هنري عن حاجة أرسنال للتعاقد مع أربع لاعبين للمنافسة على اللقب أكثر تحديدًا ودقة مما قاله فينجر.
وعلي الرغم من ازدياد دخول أندية البريميرليج من عوائد البث التلفزيوني، إلا أن إنفاقهم سجل إجماليًا أقل من الموسم الماضي بحوالي 335 مليون جنيه إسترليني، طبقًا لتقرير أعدته البي بي سي، ولم يتبقى على نهاية موسم الإنتقالات الصيفي سوي أربعة أسابيع فقط، ما يعد مفاجأة كبرى خاصة في ظل حاجة أربعة من أندية المقدمة الخمسة لتدعيم كبير نسبيًا هم مانشستر يونايتد، ليفربول، أرسنال والسيتي على الترتيب.
فبطل الدوري تشيلسي لم يكن بحاجة سوي لبعض الرتوش البسيطة كتدعيم مركز الظهير الأيسر بعد فشل صفقة لويز وعودته للأتليتي ناديه الأصلي، وتدعيم قلبي الدفاع ومحور الإرتكاز الدفاعي ببديلين إضافيين لكل من زوما وراميريس، بالإضافة لبديل لدروجبا الراحل عن الفريق، تعاقدات تبدو رفاهيات لباقي فرق البريميرليج بما فيها أرسنال نفسه، نجح مورينيو في علاج المشاكل الطارئة وتعاقد مع فالكاو لينافس ريمي على مركز المهاجم الثاني خلف كوستا، بالإضافة لبيجوفيتش الذي حل محل تشيك على دكة البدلاء، ومازال أمامه أهم تحدي وهو إضافة ظهير أيسر متميز يسمح لأزبليكويتا بالإنتقال للرواق الأيمن بدلًا من إيفانوفيتش الذي لم يعد قادرًا على مجاراة عدد لا بأس به من أجنحة البريميرليج بدنيًا، أي من بابا رحمن ظهير أوجسبورج المتميز أو ألكسندر تييس من جالاتاسراي ستشكل تدعيمًا معقولًا لهذا المركز ويبدو أن مورينيو واثق من ضم أحدهما إن لم يكن كليهما، إضافة «ستونز» التوفيز لقائمة البلوز ستضمن بديلًا مستقبليًا لتيري الذي قد ينخفض مستواه فجأة بسبب تقدم سنه.
على الناحية الأخرى، لا يبدو أن السيتيزنز متحمسون لخفض معدل أعمار نجوم الفريق كذلك، وربما يكون بيلجريني محقًًا إذ أن ثبات التشكيل سيمنحه أفضلية على فرق أخرى قامت بعدد كبير من التعاقدات كمانشستر يونايتد وليفربول، رغم ذلك يبدو التشيلي المخضرم هو المرشح الأبرز لمنافسة البلوز جديًا على اللقب، إذ أن إضافة ستيرلنج وديلف للتشكيل وإستبدال ديميكيليس المنهار بدنيًا بمانجالا سيمنحه بلا شك المزيد من الحركية والديناميكية وسيخفض معدل الأعمار بشكل ملحوظ، ورغم فقدان الفريق لكل من ميلنر ودجيكو ويوفيتيتش إلا إنه لا يبدو أن التشكيل سيتأثر كثيرًا لأن السيتي كان يعاني من تخمة أصلًا في خط الهجوم بعد إضافة بوني في يناير الماضي.
ثم يأتي الريدز، الذين برغم ضمهم لعدد كبير من اللاعبين إلا أن عمودهم الفقري لم يضاف له سوي لاعبين إثنين، هم ميلنر وبينتيكي، بينما سيبقي قلبا الدفاع كما هم بشراكة بين سكرتل ولوفرين على الأغلب، لذا من المتوقع إنصهار فيرمينو وكلاين سريعًا في التشكيل الأساسي، ومن المتوقع أن يكون ليفربول هو الفريق الأكثر تطورًا بين الخمسة الكبار نسبة لأدائه البائس في الموسم الماضي.
أما أرسنال، فبإستثناء ضم تشيك في صفقة مهمة لا شك، إلا أن الفريق مازال يعيش على حافة المصيبة كعادته في المواسم الأخيرة، وربما يظل كذلك حتى إذا نجح في ضم بنزيمة، فإصابة أي من جيرو، كوكلين أو أي من كوسيلني وجابرييل ستضعه في مأزق الإستعانة بأسماء من نوعية ويلبيك، أرتيتا أو ميرتساكر على الترتيب، وهي أزمة كبيرة لمن يريد المنافسة على البريميرليج تهدد حظوظه بقوة، وهي مراكز فشل فينجر في تدعيمها بأي شكل حتي الآن دون مبرر منطقي رغم شيوع الإصابات الطويلة في فريقه بشكل مكرر ومكثف حتي صارت من خصائصه، وإنضم له مؤخرًا في نفس المنطقة مانشستر يونايتد بعد رحيل دي ماريا لباريس وتعثر ضم بيدرو كبديل، بالإضافة لفشل الإدارة حتي الآن في التعاقد مع قلبي دفاع وهجوم على مستوى عالي.
لذا، بناءًا على ما سبق، يمكننا القول أن مقدمة الجدول ليست مرشحة للتغير كثيرًا عن الموسم الماضي، لكن هناك عنصرين جديدين أضيفا للمسابقة هذا الموسم وهما من الأهمية بحيث لا يمكن إغفالهما.
بفضل عوائد البث القياسية في العام الماضي، نجح عدد من أندية وسط الجدول في تدعيم صفوفه بشكل رائع، فضم البالاس كل من بامفورد هداف الشامبيونشيب المعار من تشيلسي، وكاباي محور إرتكاز باريس ونيوكاسل وأحد أبرز من شغلوا هذا المركز في البريميرليج مؤخرًا، وأضاف إيفرتون كل من ديلوفو جناح برشلونة الصاعد وتوم كليفيرلي لتشكيلة جيدة بالفعل، بينما دعم نيوكاسل صفوفه بوينالدوم من إيندهوفن، وميتروفيتش ومبيمبا من أندرلخت، ونجح ساوثهامبتون في ضم سيدريك سواريز من سبورتنج، يوردي كلاسي مايسترو فينورد وكوكر المتميز من كوينز بارك رينجرز، بينما ضم ستوك كل من أفيلاي من برشلونة، جلين جونسون الظهير المخضرم وفاز بخدمات فان خينكل من تشلسي لموسم واحد على سبيل الإعارة، بالإضافة لسوانزي الذي نجح في إبرام صفقتين مهمتين بضم كل من أندريه أيو وفرانك تابانو من مارسيليا وسانت إتيان على الترتيب، بينما ضم ويستهام كل من أوجبونا من اليوفي وباييه من مارسيليا ونجحوا في تمديد إعارة جنكنسون من أرسنال وحتى أستون فيلا الذي صارع على الهبوط الموسم الماضي قد تمكن من ضم إدريسا جاي نجم وسط ليل، جوردان أيو، جوردان أمافي، ميكا ريتشاردز وسكوت سنكلير.
ولعل تلك هي الزاوية الأهم للنظر لشكل المسابقة في الموسم المقبل، فتدعيم فرق الوسط لصفوفها بهذا الشكل المتميز نسبيًا، والذي زاد فيه الإعتماد على اللاعبين صغار السن الواعدين أو الوافدين الطامحين لإثبات قدراتهم والإنتقال لأندية أكبر بدورهم، بدلًا من الإعتماد على التدوير المعتاد بين مخضرمي البريميرليج وحرسه القديم، سيكون له أثر كبير على شكل المنافسة، وبالتأكيد سيصعب على الفائز بالبطولة مهمته، الذي على الأغلب سيحسمها بعدد أقل من النقاط وفارق أقل من الأهداف، خاصة في ظل تأرجح أداء الكبار الموسم الماضي بما فيهم تشليسي نفسه الذي هبط مستواه كثيرًا في الدور الثاني.
ولا شك أن الفجوة بين الخمسة الكبار وباقي الأندية مرشحة للتراجع بشكل كبير في المواسم القادمة بسبب عوائد البث، فمن المتوقع أن تخصص أندية الوسط نسبة أكبر من هذه الأموال لتدعيم صفوفها مستقبلًا بشكل أفضل، فطبقًا لصحيفة الديلي ميل فإن آخر حصر لديون أندية البريميرليج في مارس الماضي أظهر أن ال2.5 مليار جنيه إسترليني من الديون يحتل النصيب الأكبر منها أندية المقدمة، بتصدر تشلسي القائمة بإجمالي قياسي في تاريخ كرة القدم بلغ 958 مليون جنيه إسترليني يدين بها النادي لشركته الأم، على الرغم من أن دين تشلسي مرشح لإحتلال 60% على الأقل من إجمالي ديون أندية البريميرليج الموسم المقبل بعد إضافة 550 مليون جنيه إسترليني رصدها الملياردير الروسي لتوسعة ستامفورد بريدج، إلا أنه يظل دين نظري لا عملي نظرًا لأن المالك للجهتين هو رومان أبراموفيتش مالك النادي وشركته الأم.
يلي تشيلسي، مانشستر يونايتد الذي مازال يعاني مما ألحقه به الجليزرز، من دمار ب342 مليون جنيه إسترليني، لكنه مبلغ سهل التدبير نظرًا لعوائد النادي الضخمة، بالإضافة لأنه لم يمنعه من إنفاق 83 مليون جنيه إسترليني في هذا الصيف فقط بعد أن أنفق ما تجاوز المئتي مليون جنيه إسترليني في الصيفين الماضيين.
حل أرسنال في المركز الثالث ب240 مليون جنيه إسترليني متبقية من دين بناء ملعب الإمارات الجديد، ثم نيوكاسل، ليفربول، كوينز بارك رينجرز، ويستهام، أستون فيلا وليستر ب129، 127، 120، 110، 104 و103 مليون جنيه إسترليني على الترتيب، فهال سيتي ب71 مليون جنيه إسترليني، مانشستر سيتي ب67 مليون جنيه إسترليني، ساوثامبتون ب57 مليون جنيه إسترليني، وساندرلاند ب39 مليون جنيه إسترليني، ثم جاء كل من إيفرتون وستوك سيتي ب28 مليون جنيه إسترليني، بيرنلي ب8 مليون جنيه إسترليني، كريستال بالاس ب7 مليون جنيه إسترليني، وست بروم بمليون جنيه إسترليني وأخيرًا سوانزي وتوتنهام بلا ديون مطلقًا.
العنصر الثاني المفاجيء كان فشل أندية المقدمة في ضم أي من لاعبي الصف الأول في الليجا والبوندزليجا كما كان مخططًًا، فقد نجحت الليجا في الحفاظ على أوتامندي وفاران وراموس ولابورت وبيل ورونالدو وإيسكو وبوسكيتس أمام محاولات ضمهم بل وخطف برشلونة أردا توران بعد أن فاوضه عدد من أندية البريميرليج ومن المحتمل إنضمام دي خيا له في إسبانيا بالإضافة للأتليتي الذي خطف مارتينيز من فم كبار البريميرليج ونجح في الإبقاء على جريزمان وجودين وأوبلاك وكوكي، كما إحتفظ البوندزليجا للعام الثاني على التوالي بكل من هوملز ورويس ودراكسلر ومولر وريكاردو رودريجيز والأخوين بندر وبن عطية وجوندوجان وأوباميانج وجوتزه وليفاندوفسكي وحتي روديجير مدافع شتوتجارت الواعد، ونجح البايرن في خطف فيدال ودوجلاس كوستا اللذين رغب في ضمهما أرسنال وتشليسي على الترتيب، ولا يبدو أن إضافة بيدرو ودي بروين لليونايتد والسيتي – إن تمت – ستعوض كل الأسماء التي كان من المخطط ضمها، بل ويمكننا القول بضمير مستريح أن البريميرليج فشل فشلًا ذريعًا في موسم الإنتقالات الحالي.
إذا أضفنا لما سبق عجز كباره عن ضم أي من نجوم الدوري الفرنسي أو الإيطالي حتي، والذي كان سوقًا مفتوحًا لهم في السنين الأخيرة، فنجح باريس في الإحتفاظ بكنوزه فيراتي وكافاني وماركينيوس وماتويدي ومورا، بل ونجح في إستقطاب دي ماريا من اليونايتد، كما أبقي ليون على فقير ولاكازيت الذان كانا هدفًا لعدد من أندية البريميرليج، ناهيك عن خسارة ديبالا وماندزوكيتش وخضيرة لصالح اليوفي وبقاء بوجبا، باكا ولويز أدريانو ورومانيولي للميلان، وكوندوجبيا وميراندا للإنتر، بالإضافة لفشل مانشستر في سعيه لضم فيليبي أندرسون وستيفان دي فري من لاتسيو ونجاح روما في الإبقاء على بيانيتش وناينجولان وستروتمان.
بالنظر للعنصرين، فهذا التوزيع الصادم للديون يمنحنا فكرة لا بأس بها عن التغير الهائل الذي سيحدثه التوزيع الجديد لعوائد البث، وبالنظر للفرق غير المدينة التي دعمت صفوفها بشكل جيد في الصيف نجد أن كل من توتنهام وسوانزي وكريستال بالاس وإيفرتون بترتيب قوة الوضع المالي، هم المرشحون لمناوشة الكبار جديًا على المراكز الأولي المؤهلة لبطولات أوروبا في المواسم القادمة، بالإضافة لإنقلاب كبير في سوق التعاقدات أعجز أندية المقدمة في البريميرليج عن ضم أغلب نجوم الليجا والبوندزليجا، لذا ينتظر الخمسة الكبار عملًا كبيرًا للفوز بالبطولة مستقبلًا، وعمل أكبر للفوز بدوري الأبطال، وينتظرنا الكثير من المتعة في مشاهدتهم يحاولون ذلك.