«الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    توفير وظائف للشباب وذوي الهمم .. حصاد «العمل» في إسبوع    إسلام عفيفي يكتب: الطريق إلى مقعد جنيف    دبى تجمع عقول العالم فى «جيتكس جلوبال 2025»    من قمة السلام القاهرة 2023 إلى اتفاق شرم الشيخ 2025.. «القاهرة» تنتقل من دور «وسيط الهدنة» إلى قيادة مرحلة «الإعمار والسلام»    الجيش الأمريكي يعتقل ناجين بعد غارة على سفينة بالبحر الكاريبي    أسلحة نتنياهو الفاسدة    الأهلي يكتسح فلاورز البنيني ويصعد لنصف نهائي بطولة إفريقيا لليد    الانتخابات.. وحلم الفرسان    قرار هام في واقعة مشاجرة رئيس حزب شعب مصر وأعضاء بالجيزة    ماجدة خير الله ل مهرجان الجونة: كانت هتبقى حركة لطيفة لو تم دعوة محمد سلام    أمسية ثقافية عن المتحف المصري في الرياض| صور    محافظ أسوان واللواء خالد فودة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان تعامد الشمس بالسوق السياحى القديم| صور    الصحة تحذر من تفشي الولادات القيصرية غير المبررة بالقطاع الخاص| صور    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    جندى روسى يقتل زميله وينتحر داخل قاعدة عسكرية قرب موسكو.. اعرف التفاصيل    شبكة عالمية: محمد صلاح ضمن أفضل 5 صفقات في تاريخ الدوري الإنجليزي    ريم أحمد تكشف عن تحديات الأمومة في ستات ستات: ابنتي أقوى مني    وكيل المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثى    وكيل المخابرات المصرية السابق: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح    جومانا مراد: بقدم شخصية جديدة ومختلفة في مسلسل خلايا رمادية    روسيا: مستعدون لتسهيل التوصل إلى تسوية لقضية البرنامج النووي الإيراني    الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة بجميع المحافظات لتصحيح المفاهيم الخاطئة    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    مبابي جاهز لقيادة ريال مدريد أمام خيتافي بعد التعافي من إصابة الكاحل    قبرص: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر والجهات الإقليمية الفاعلة أساسي لتعزيز السلام والأمن الإقليميين    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا توعويًا لمحاربة العنف في المجتمع    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    المؤسسات الرياضية فى مخاطبات رسمية: التجنيس أحد أنواع الهجرة غير الشرعية    لمدة 14 ساعة.. ضعف وانقطاع المياه غدًا السبت عن 3 مناطق بالإسكندرية    الخطيب: مشروع الاستاد حلم يقترب من التحقق.. ومؤسسة الأهلي للتنمية المجتمعية هدفها خدمة الوطن    الصحة تنظم ورشة عمل تدريب مدربين لمسئولي التثقيف الصحي    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    الاتصالات والسياحة توقعان بروتوكولين لرقمنة التراث المصري ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع الأثرية    شركة حدائق: تحويل حديقتي الحيوان والأورمان إلى نموذج عالمي للحدائق الذكية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    مصر تتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم للكرة الطائرة جلوس في أمريكا    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    تعرف على الحالة المرورية اليوم الجمعة 17-10-2025    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    «الطفولة والأمومة» ينعي ضحايا حادث أسيوط ويؤكد متابعة الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكّار.. كَفّ الدولة الرقيق
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 07 - 2014

لم تَكُن شخصية «بكَّار» صاحبة الترتيب الأول في المسابقة التي أقامها التليفزيون المصري في النصفِ الثاني من التسعينيات لإنتاج مسلسل كرتوني، لم تكُن الشخصية حتى في ترتيبِ الخمسة الأوائل، ومع ذلك كان العمل هو ما قرر التليفزيون إنتاجه في النهاية.
سواء كانت المعلومة المتدولة في الفقرة السابقة حقيقية أو لا، فإن المؤكد هو الحاجة التاريخية المُلِحَّة في ذلك الوقت لتجاوز عرائس رَحمي في «بوجي وطَمطم»، الذي استمر لقرابةِ 18 عاماً، ومواكبة النجاح الاستثنائي الذي تحققه أفلام الرسوم المتحركة القادمة من هوليوود، والخطوة الأولى الحقيقية نحو ذلك، بعد عدة تجارب بدائية، كانت مسلسل «السندباد البحري»، للمخرجة منى أبوالنصر، التي كانت تؤمن بأن «مسلسلات الكرتون قادرة على تحقيق نجاح استثنائي إذا تم الاهتمام بها، لأنها تشكل قرابة ال85% مما يراه الطفل العربي»، مما يجعل التجربة «قادرة على النجاح ودعم نفسها بقوة».
حَمَل «سندباد» عوامِل نَجاحه منذ البداية: الاعتماد على شخصيات تراثية من عالمِ ألف ليلة وليلة، الإلهام والسَّير المُباشر على خُطَى مسلسل ياباني ناجح أُنتج في منتصف السبعينيات، كلماتِ الشاعر بهاء جاهين «اللّعِبَيّة جداً» في التتر الخاص بالمسلسل، صوت سامية الأتربي وهي تبدأ الحلقات وحولها مجموعة من الأطفالِ لتحكي لهم، قبل أن تبدأ الرسوم ومغامرات «سندباد»، بشخصياتٍ يعرفها الأطفال مسبقاً، وخيال مختلف عن عرائِس رحمي التاريخية، كل هذا حقق نجاحاً كبيراً للعمل، تماماً كما توقَّعت منى أبوالنصر، مما جعلها أكثر ثقة نحو الخطوة اللاحقة، الأكبر على الإطلاق، وهي تنفيذ أول مسلسل ذي شخصيات مصرية بالكامل: «بكّار».
كان العمل في البداية هو فيلما قصيرا مدته 18 دقيقة فقط، في مبادرة عام 1997 للاهتمامِ بالطفل الجنوبي، قبل أن تفكر منى أبوالنصر، مع المؤلف عمرو سمير عاطف، في تحويله لمسلسل كرتوني يعرض في رمضان، ووصفت الأمر بأنه «حلمها الأكبر»، كعملٍ كرتوني مصري بشكلٍ كامل، لا يعتمد حتى على تراث قصصي أو عوامل أخرى لنجاحه، ورغم أنه لم يكن في المراكز الأولى ضمن مسابقة التليفزيون حينها، فإنه ما قررت الدولة إنتاجه في النهاية.
كان «بكار» صورة مثالية لحِمل التصوُّرات التربوية الأبسط التي تملكها منى أبوالنصر عن شخصية الطفل المصري، صورة أيقونية، حتى وإن لم تكن حقيقية، للفتى الأسمر، مُجعَد الشعر، الذي يرتدي جلباباً و«صِديري» وطاقية، لتكون نموذج «الطفل المصري المثالي»، ومن تلك النقطة يمكن «تناول بعض القضايا المهمة وتوظيفها بطريقة محببة وبصفة غير مباشرة وفي قالب درامي»، بحسبِ وصفها، «وتنمية الوعي في أمورٍ مثل الآثار، العلم، القدس وفلسطين، البيئة، السلام»، وهو ما يتفق تماماً مع وجهة النظر الرسميَّة تجاه تكوين ووعي وأخلاقيات الأطفال، ليصبح الشكل المُباشر في التربية الذي تتبناه الدولة في التعامل مع الطفل هو الشيء الأبرز في تجربة أول مسلسل كرتوني ذي شخصيات مصرية بالكامل، والذي توفَّرت له كل الإمكانيات المُتاحة من أجلِ دَعمه.
المسلسل نَفسه حَمَل في داخله عامل جذب مُهما: الشخصيَّة والبيئة، الطّفل الجنوبي، بطل مُصَدَّر من منطقةٍ تم التعامل معها لعقودٍ طويلة كجزءٍ مَنسيّ على الخريطة، وعلى الرغم من أن تفاصيل هذا البطل غير حقيقية، وأن الأطفال في الجنوب لا يُشبهون «بكَّار»، فإن الاختيار نَفسه ساهم في نجاحِ العمل مع الجمهور: من هم في جنوبِ مصر تعاملوا معه بملكية وشعور بأنه مِنهم حتى لو لم يَكُن يُشبههم، ومن هُم في الشمال، وفي دائرة مركزية القاهرة، كان تناول عالم وشخصية غريبة عَنهم أمراً مُثيراً للاستكشاف والمُتابعة.
ورغم أن «بكَّار» لم يتحوَّل، على نَسَقِ الشخصيَّات الكرتونية الأبرز، إلى بَطَل يُقَلّده الأطفال ويَقتدون به، فإن مرور السنوات، وميعاد العَرض الأميز الذي جَعَله شريكاً للأُسَرِ المصرية ساعة الإفطار، جَعله ينجح ويَكبر ويستمر، ويحقق أعلى نِسَب مُشاهدة في الكثير من سنواتِ عَرضه.
وإلى جانِب كل هذا كانت الحلقات ذاتها، وقدرة صناع المسلسل على خلقِ الكثير من التفاصيل والشخصيات الأيقونية المهمة لأي عمل كرتوني، شخصيات مثل حَسُّونة صديق البطل، المعزة رشيدة، الأم، مَشرط الشرير، البيت وتفاصيل الأماكن التي تدور بداخلها الأحداث، الجملة المفتتحية لكل حلقة «هُويْ أصحابي»، أو اللكنة المميزة التي يتحدَّث بها بكّار نفسه، وكان الأهم ربما من أي شيء، خصوصاً في موسم المسلسل الأول عام 1998، هو محمد منير وظهوره في تترات العمل، والطريقة التي اقترن بها صوته، كلمات كوثر مصطفى، لحن عمرو أبوذكري، بلحظة ما بعد الإفطار، في ذلك العام ولسنواتٍ طويلة بعدها، ليصبح «منير»، وفي واحدة من أكثر لحظات مسيرته تماساً مع الناس، سبباً أساسياً في أيقونية المسلسل والشخصية.
استمر عرض بكَّار ل9 مواسم، توفيت منى أبوالنصر عام 2003، وتبعها في إخراجه ابنها شريف جمال دون أن يتغير الكثير، ولكن كما كان وجود «بكار» أقرب لحتمية تاريخية، كان اختفاؤه أيضاً كذلك، بعدما زادت القنوات الفضائية بصورةٍ ضخمة، وأصبحت مُتاحة في كل البيوت، وانصرف الناس عن التليفزيون المصري، لم يعد هناك هذا «الاتفاق الجمعي» على شيءٍ محدد للحظة الإفطار، ورغم محاولات عديدة بعد ذلك لإنتاج مسلسلات كرتون مصرية، احتفظ «بكار» لنفسه، ورغم توقفه منذ 2007، بالنجاحٍ والأيقونية الأكبر، وربما يكون آخر عمل جماهيري التف الناس حوله في رمضان بتلك الصورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.