تشريعية النواب توافق نهائيا على تعديل قانوني مجلس النواب، وتقسيم الدوائر الانتخابية    تكريم رئيس مصرف أبوظبي الإسلامي مصر كأحد أبرز القادة المؤثرين عربياً    البورصة المصرية تربح 8.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    إيران تحمل واشنطن مسئولية أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية    النيابة الإدارية تحيل مدرسا للمحاكمة التأديبية لاتهامه بالتحرش جنسيا بطالبة ابتدائي في الشرقية    محافظ الغربية يستقبل وكيل وزارة الزراعة الجديد    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    "رجال الأعمال" شركات صينية تعتزم إنشاء والتوسع في استثماراتها بمصر    مدير تعليم القليوبية يتابع امتحانات صفوف النقل    مصادر دبلوماسية في برلين: أحد قتيلي السفارة الإسرائيلية بواشنطن يحمل الجنسية الألمانية    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    شاهدة عيان : إلياس رودريجيز اعترف على نفسه للشرطة وقال فعلتها من أجل غزة    استدعاء سفير إسرائيل بإسبانيا وإيطاليا بعد إطلاق النار على دبلوماسيين بجنين    جيش الاحتلال يوجّه إنذارا بإخلاء 14 حيًا شمال قطاع غزة    علي جبر يلتقط صورة تذكارية مع الكأس الجديدة لبطولة دوري أبطال إفريقيا    كاف يكشف عن التصميم الجديد لدوري أبطال إفريقيا    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    تراكم الديون والتخفيضات الضريبية المريكية عوامل تساعد في زيادة سعر الذهب (تفاصيل)    نوال الدجوي تتجاهل أزمة ميراث الأحفاد وتظهر بكامل أناقتها داخل عرض الأزياء السنوي للجامعة    مصرع طفلين أطاح بهما جرار زراعى ودراجة بخارية بالشرقية    مشاجرة بين طالبين ووالد أحدهما داخل مدرسة في الوراق    الحكم في سب وقذف إمام عاشور لأحد المشجعين.. 19 يونيو    «القومي للمرأة»: استحداث اختصاص اضافي للجنة البحث العلمي    سون هيونج مين يقود توتنهام لتحقيق لقب الدوري الأوروبي ويصف نفسه ب"أسطورة ليوم واحد"    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن صفقة "زيزو".. ومواجهة ودية للفريق    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    مواعيد مباريات الخميس 22 مايو 2025.. نصف نهائي كأس الكؤوس لليد وصراع الهبوط بالسعودية    «سيدات يد الأهلي» يواجهن الجمعية الرياضية التونسي بكأس الكؤوس الإفريقية لليد|    توجيه رئاسى بشأن البنزين المغشوش: محاسبة المتسببين واتخاذ التدابير اللازمة    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    وزارة الخارجية تشارك فى تدشين مسارات مستدامة لأول مرة بمطار القاهرة    «مصر القومي»: التعديلات المقترحة على قوانين الانتخابات محطة مفصلية ضمن مسار التطوير السياسي    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    انطلاق أعمال تصحيح الشهادة الإعدادية الأزهرية بمنطقة الأقصر    الموت يفجع المطربة أروى    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الأزهر للفتوى يوضح أحكام أداء المرأة للحج    المستشفيات الجامعية تنظم الاحتفالية السنوية لنظافة الأيدي    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    محافظ دمياط يتابع تطوير عيادة الطلبة بشطا    طريقة عمل البسبوسة، مرملة وطرية ومذاقها لا يقاوم    الأحد.. وزير الثقافة يدشن تطبيق "ذاكرة المدينة" الخاص بجهاز التنسيق الحضاري    الليلة.. قصور الثقافة تقيم معرض تجربة شخصية بالعريش ضمن مشروع المعارض الطوافة    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    القبض على مالك مصنع غير مرخص لإنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية في المنوفية    الحكومة تستعرض تفاصيل مشروع القطار الكهربائي السريع.. 2000 كم و60 محطة لنقلة حضارية في النقل الأخضر    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    كريم محمود عبدالعزيز: دخلت في إكتئاب.. ووحيد حامد أنقذني باتصال واحد    وزير الصحة يُهنئ رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة» لحصوله على جائزة الطبيب العربي ل2025    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    "صحانا عشان الامتحانات".. زلزال يشعر به سكان البحيرة ويُصيبهم بالذعر    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوجي وطمطم.. أصدقاء الطفولة
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 06 - 2014

من عبارة في تتر مسلسل الأطفال الأقدم والأشهر، والعمل المصري الأهم بالعرائس، وجد أبناء الثمانينيات والتسعينيات تسمية للعمل التليفزيوني المحبب لقلوبهم، فلم يكن اسمه عندهم «مسلسل العرائس بوجي وطمطم»، بل «بوجي وطمطم في رمضان»، إثباتًا وتثبيتًا لارتباط «بوجي وطمطم» وأصدقائهم في وجدان الجيل برمضان، لدرجة أصبح معها المسلسل على مدار أعوام، ناهزت الثماني عشرة، أحد علامات حلول شهر الصيام، وواحد من تفاصيله المهمة جدًا.
العمل الذي بدأ عام 1983 بفكرة من محمود رحمي، فنان العرائس الذي قرر استثمار نجاح عروسته الشهيرة «بقلظ»، وحولها لنص مكتوب الأخوين يسري وشوقي خميس، كان على قدر من الحظ لأن يتحمس فنان بموهبة صلاح جاهين لكتابة أغاني أول أجزاءه قبل أن يكرر نجله بهاء الأمر مع أجزاء أخرى، فيما كان صانعه «رحمي» وأبطاله على قدر من خصوبة الفكر والإخلاص لفكرة تقدم عمل أطفال مصري مكنهم من الاستمرار لأعوام، قدموا خلالها أفكار جديدة غرست قيمًا في نفوس الصغار والكبار، مهما اختلفت أسماء الأجزاء أو تنوعت بين «الفيل الجميل» و«أولاد القمر» و«بوجي وطمطم في رشيد» وغيرها.
ظلت مشاهدة «بوجي وطمطم» لأعوام قبل وقت قليل من انطلاق مدفع الإفطار بالنسبة لأطفال الثمانينيات والتسعينيات طقس رمضاني مقدس يتساوى في أهميته مع اللعب بالفانوس مع أولاد الجيران، وأصبح التفاعل مع أبطال العمل وتقليد الشخصيات مع الزملاء في «الفسحة المدرسية» من عادات جمهور من لحم ودم، لم يلتفت يومًا لأي فرق بينه وبين أبطال العمل «العرائس» التي كان لكل طفل، وقتها، فيه شبيهًا له أو لصديقه أو جاره، وحتى من لاحظ وأدرك فروقًا، رآها بسيطة لا تعكر صفو انسجامه مع العمل، وتعلقه به.
بدأت المحبة ل«بوجي وطمطم» والتعلق به من نجاح صانعه «رحمي» في جذب انتباه الأطفال بشخصيات غير تقليدية تنوعت بين عرائس كالحيوانات وأخرى كالبشر على مستوى الشكل والأسماء تتفاعل مع أبطال بشريين بانسجام وتناغم، في معادلة نجح «رحمي» في تحقيقها بمساعدة في وقت ما في تصميم العرائس من زوجته فوقية خفاجي، لتصبح أسماء تلك العرائس فيما بعد وسيلة لتدليل أو مضايقة الأصدقاء، كما تحولت لأسماء للحيوانات المنزلية الأليفة.
أما أبطال العمل من الممثلين الذين اختفوا عن الكاميرات مفسحين المجال لخيال الأطفال ليربط أصواتهم بالعرائس، فنجحوا في أداء الأصوات بطريقة حفظها الأطفال من كثرة محاولاتهم تقليدها، خاصة فيما مثّل منها علامات مميزة للمسلسل مثل ضحكة طمطم الشهيرة «هاهاهاي هاي هاي» التي تميزت بها وبتشديد نطق حرف الراء هالة فاخر.
وقلد بعض آخر لهجة حديث «طنط شفيقة» التي خرجت بطبقة صوت مفخمة جدًا من حنجرة الفنانة أنعام سالوسة التي نجحت في تقديم طبقة عكسها هادئة جدًا في أدائها لصوت «ريري» العروسة الرقيقة خضراء الشعر، التي ظهر جانب من فلسفة «رحمي» في اختيار لون هذا الشعر ليبدو مناسبًا لهدوء شخصيتها وصوتها، على العكس من اختياره لشعر أصفر مجعد لنقيضتها العروسة المشاغبة «زيزي».
أحب الأطفال العمل لأنهم وجدوا كل شئ به تقريبًا غير منافي لعالمهم على مستوى الشخصيات والسلوكيات سلبًا وإيجابًا، فبين العرائس وُجِد الرزين والمشاغب والطيب والفضولي، لدرجة أن لقب «زيزي» ظل لفترة ليست قصيرة وسيلة الكبار، الذين تابعوا المسلسل كصغارهم، في وصف كل طفلة «غلباوية» مجادلة تهوى التكسير تمامًا مثل بطلة المسلسل التي دللها شخصياته وجمهوره بلقب «الفراشة زيزي».
المحبة ل«بوجي وطمطم» والارتباط بهما الذي استمر ولم يقلل منه الانتقال لمرحلة المراهقة، جاء بعد أن تعامل معهما الجمهور وكأنهما بشريين، فقد كان لدى الشقيقان «بوجي» كثير الأخطاء و«طمطم» الرزينة ومثلهما الشقيقين «زيكو» و«زيزي» ما لدى كل الأطفال من «نقار الأخوات» وبنفس طريقتهم، وهو ما قدمه «رحمي» في العمل كما عكس شخصيات من حياة المصريين، كالنموذج المتواجد دائمًا في محيط كل العائلات المصرية تقريبًا متمثلاً في الثنائي «زيكو» و«زيكا» الرفيقين المتلازمين على اختلاف شخصيتيهما وكثرة شجاراتهما التي لم تفسد صداقتهما.
خلق «رحمي» على مستوى الكبار شخصية «شكشك» الملازم لنافذة بيته بحثًا عن أخبار الجيران، تلك الشخصية التي أحبها جمهور العمل على ما بها من سلبيات أبرزها العصبية والفضول، لدرجة استعانة بعض أبناء الثمانينيات وأهاليهم من وقتها باسم «شكشك» في وصف فرد الأسرة الملازم للبلكونة أو كل جار مهتم حد التطفل بكافة شؤون الشارع ومنزعج دائمًا من لعب الأطفال بالكرة فيه، والغريب أن «شكشك» على ما يبديه من شدة تظهر في تهديده الدائم لأطفال الجيران بالضرب بعبارته الشهيرة «هات العصاية يا ولد» كان ابنًا حنونًا وأحيانًا ضعيف الشخصية أمام والده المسن.
حالة التوحد مع المسلسل بلغت حد أن أحد من أطفال الثمانينيات والتسعينيات لم يناد العروسة «شفيقة» بلقب غير «طنط»، بعد أن جسدت نموذجًا لا يختفي من أي عائلة مصرية لكل «طنط» مسنّة يتجمع الكل عندها بحثًا عن حنان ودعم وفصل في المشكلات، لما يميزها من طيبة وحزم.
إلى جانب الغناء واللعب بفانوس تمامًا كالأطفال، كانت العرائس تتحدث بطريقة المصريين، فلا دوبلاج بلهجة أخرى أو ترجمة عربية في سطور سريعة، وكانت تتحدث في نفس ما يدور داخل أي بيت مصري، لهذا كانت هذه العرائس نفسها أحد أوائل مصادر الإلهام لأطفال ذلك الجيل وحافزه لاتباع قيم بدأت بالتحلي بصفات كالأمانة واحترام الكبير، وتطورت مع الأجزاء المتتابعة للمسلسل إلى الإرشاد لأهمية أمور كتعمير الصحراء والحفاظ على ماء النيل.
جيل الثمانينيات والتسعينيات لم ينجذب لمحاولة في 2009 لتقديم العمل بأصوات جديدة ولم يحفظ التتر من صوت مطربة شهيرة كما اعتاد في الطفولة حفظه بسهولة وبعد مرور أيام قليلة من شهر رمضان من أطفال غنوه أعوامًا مع «بوجي وطمطم»، هذا الجيل نفسه تساءل بعض منه ساخرًا في يوم قريب عن كيفية اقتناعه بأخوّة «بوجي» و«طمطم»، «القرد والأرنبة»، وأرجع ذلك لبراءة بلغت حد السذاجة ربما، لكنه منذ 20 عام تقريبًا لم يشك في أخوتهم أو أنهم شخصيات لها حياة حقيقية، صدقها وتوحد معها لدرجة أن أحداً منهم سأل أبويه يومًا «هو بابا وماما بتوع بوجي وطمطم فين؟»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.