فى الجزء الأول من المقال أشرت فيه إلى أن ثقافة أى شعب من الشعوب أو أمة من الأمم تعد خير رسول لها إلى العالم الخارجى، وبما أن مصر تمتلك الأرضية الثقافية التى تؤهلها لأن تتبوأ مركزا متميزا بين ثقافات العالم، لكن هناك بعض العناصر التى أدت إلى تراجع الثقافة المصرية. لن أطيل فى عرض البناء النظرى، الذى بدأت به مداخلتى، وسوف أمضى على الفور فيما أريد أن أتوجه به إلى المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافى المصرى سواء على المستوى التنفيذى، أو جمهور المثقفين بصفة عامة، وفى هذا الإطار فإننى أطرح فكرة أراها قابلة للتنفيذ، بل أدعو إلى المضى فوراً فى بدء خطواتها، أقول وأفكر بصوت عالٍ فى أمر تسيير سفينة أو اثنتين أو ثلاث، حسب الإمكانات المتاحة تجوب هذه السفينة موانئ العالم، حيث تتوقف السفينة فى ميناء من الموانئ عدداً من الأيام، ثم تمضى بعد ذلك إلى المحطة التالية فى مسيرة ربما تتوقف فيها السفينة فى عشرة موانئ، على سبيل المثال، وسوف أطلق على هذه السفينة «سفينة الثقافة المصرية» تطوف هى وأخريات حول العالم، للتعريف بالثقافة المصرية بأسلوب جديد، وأود الإشارة إلى أن سفن السلام فكرة معروفة تهدف إلى التقريب بين الشعوب لإحلال السلام والوئام فى ربوع العالم. ثقافتنا تعبر عنا، وأن الوقت الحاضر يحتاج منا جميعا إلى المساهمة فى تنشيطها وتعزيزها داخل البلاد وخارجها وأدعو أن تحمل «سفينة الثقافة المصرية» فرقة أو اثنتين من فرق الفنون الشعبية، وبعض الشعراء والكتاب والأدباء، وبعض الفنانين، وكثيرا من الإصدارات الأدبية والفنية المترجمة، وحتى بعض الطباخين، الذين يجيدون تقديم الأطباق المصرية الشعبية بحيث تتوقف كل سفينة بمن عليها وما عليها من فنون وآداب وتراث فى المدن التى تجوبها، وتقدم عروضها الفنية والأدبية فى الأماكن العامة والميادين والشوارع، على أن يتم ذلك كله بالتحضير والتنسيق مع بعثاتنا الدبلوماسية بتلك الدول. وفى تقديرى أن إطلاق سفينة الثقافة من شأنه أن يحمل رسالتى سلام ومحبه من شعب مصر إلى كل شعوب الأرض، وبقدر ما يحمله من رسالة سلام، فإنه من جهة ثانية يرسل رسائل إلى شعوب العالم أن مصر بثقافتها وحضارتها لا تزال باقية، ومن جهة ثالثة فإن سفينة الثقافة تضيف إلى القوة الناعمة لمصر. وربما تُثار الأسئلة حول تمويل سفينة الثقافة، أو قل قوافل الثقافة المصرية البحرية، فإننى أشير إلى أن الوطن على امتداده ملىء بالشخصيات الوطنية المحبة لبلادها، وإذا لم تتمكن وزارة الثقافة من تدبير المال اللازم لتسيير هذه القوافل البحرية، فإننى أدعو، إذا ما لاقت الفكرة الاستحسان، رجال الأعمال، خاصة العاملين فى مجالات السينما والمسرح ودور النشر وغيرهم إلى المشاركة فى تسيير هذه القوافل. وإننى أنتهز هذه الفرصة لدعوة الشباب من أبناء شعب مصر، الذين يجيدون اللغات الأجنبية، وهم كثر، إلى المشاركة فى هذه القوافل، كى يكونوا حلقة التواصل مع الشعوب، التى تحط على مياهها قوافل الثقافة المصرية، وفى الختام فإننى أود التأكيد على أن ثقافتنا تعبر عنا، وأن الوقت الحاضر يحتاج منا جميعا إلى المساهمة فى تنشيطها وتعزيزها داخل البلاد وخارجها.