الثورة تمنح السينما المصرية «قبلة الحياة»

مثلما نجحت ثورة 25 يناير فى تحريك المجتمع المصرى سياسيا على أرض الواقع، نجحت فى منح السينما المصرية خطوات كبيرة نحو العودة إلى المهرجانات العالمية المهمة من جديد، مستغلة تطلع العالم بأكمله للتعرف على تفاصيلها وأسرارها.
تعاملت السينما الروائية الطويلة مع الثورة بشكل ضعيف لا يتناسب مع قيمة الحدث أو أهميته، فكانت معظم الأفلام تحصد من الثورة ما يناسبها لتنسج خيطا جديدا فى الأحداث، ومنها من تعامل معها بفكرة الأسبقية الزمنية للتناول، لينال لقب«الأول»، ما جعل هذه الأفلام لا تتناسب مع حجم الحدث، ومنها فيلم «صرخة نملة» الذى تم تصويره قبل الثورة، ولكن قبل انتهاء التصوير قرر صناعة تغيير نهايتة بإضافة مشاهد من الثورة بحجة أنها نهاية منطقية للأحداث.
وبشكل كوميدى، ركز فيلم «تك تك بوم» على البلطجية واللجان الشعبية خلال الثورة، بينما تناول فيلم «حظ سعيد» قصة شاب تورط فى النزول إلى ميدان التحرير للبحث عن شقيقته الثورية ثم يتم القبض عليه من قبل الشرطة ويتعرض للتعذيب حتى يجد أن مكانه الحقيقى يجب أن يكون داخل الميدان. وقد مرت هذه الأفلام الثلاثة دون أى تأثير، بينما نجحت أفلام أخرى فى التعامل مع الثورة بطريقة أكثر جدية وتعرض أسئلة ونتائج مختلفة لما نراه على أرض الواقع منها فيلم «بعد الموقعة» والذى ركز على أصحاب موقعة الجمل الشهيرة وعن الأسباب التى دفعتهم إليها.
واستطاعت السينما المصرية بهذا الفيلم أن تعود مرة أخرى إلى المسابقات الرسمية فى المهرجانات الكبرى فقد شارك الفيلم فى مسابقة مهرجان كان السينمائى بعد غياب ما يقرب من 15 عاما منذ أن شارك فيلم «المصير» ليوسف شاهين، كما عرض الفيلم فى العديد من المهرجانات وحصد الجوائز.
وتناول فيلم «الشتا اللى فات» الذى يسرد حكاية مدون مع أخطاء الدولة البوليسية التى كانت سببا فى تفجير الثورة، واختاره مهرجان فينسيا الكبير ليعرض فى مسابقة «آفاق» وهى إحدى أهم مسابقاته، وحقق الفيلم صدى كبير، حتى إن مصر رشحته هذا العام ليمثلها فى مسابقة الأوسكار. وقد عرض الفيلم فى حوالى 20 مهرجانا ما بين دولى ومحلى وحصد العديد من الجوائز.
آخر الافلام التى تناولت الثورة بمنظور مختلف، وطريقة جديدة، هو فيلم «فرش وغطا» للمخرج أحمد عبدالله الذى جمع بين الشكل الوثائقى والدرامى من خلال قصة شاب يهرب من السجن أثناء موقعة هروب المساجين خلال الثورة ليتعرف بعين مختلفة على المجتمع، ورصد المخرج حياة أهل المقابر وعزبة الزبالين وغيرها من المناطق العشوائية ليقدم وثيقة لشريحة خاصة من المجتمع خلال هذه الفترة. ورغم قلة عدد الأفلام الروائية الطويلة التى تناولت الثورة، يفضل عدد كبير من المخرجين الابتعاد عن تناولها مؤقتا حتى تكتمل الصورة.
بدأت السينما الوثائقية تناول الثورة من يومها الأول، عندما وجه المخرجون كاميراتهم إلى الميدان لالتقاط المشاهد والأحداث، وظهرت شرارة هذا الإبداع من خلال فيلم «18 يوم» الذى جمع 10 أفلام قصيرة بتوقيع مخرجين منهم يسرى نصر الله وشريف عرفة ومروان حامد وكاملة أبو زكرى وأحمد عبدالله وشريف البندارى، من خلال 10 قصص مختلفة متعلقة بالتغيرات التى حدثت فى المجتمع خلال الثورة. وقد عرض لأول مرة فى احتفالية خاصة بالسينما المصرية فى مهرجان كان السينمائى عام 2011 وحقق وقتها ردود أفعال واسعة للثورة وللسينما المصرية وعرض بعدها فى العديد من المهرجانات. كما عرض فيلم «الطيب والشرس والسياسي» فى مهرجان فينسيا، والذى يتناول الثورة بمنظور ومنطق مختلف لذلك عرض جماهيريا، ما يعتبر إنجازا جديدا لصالح الثورة والسينما المصرية.
وفى تظاهرة خاصة بعنوان «ثورات الربيع العربى»، عرض مهرجان برلين عددا من الأفلام الوثائقية التى عبرت عن الثورات، منها أفلام عن الثورة المصرية هى «الثورة خبر» وهو باكورة إنتاج «المصرى اليوم» للأفلام الوثائقية وتعرض الفيلم لحكايات الصحفيين الذين قاموا بتغطية الأحداث وهو من إخراج بسام مرتضى، كما عرض فيلم « كلام شهود» إخراج مى اسكندر و«ضل راجل» لحنان عبدالله.
من أكبر الإنجازات التى أضيفت للسينما المصرية مؤخرا بفضل ثورة يناير، وصول أول فيلم مصرى إلى التصفيات النهائية فى مسابقة الأوسكار، وهو فيلم «الميدان» للمخرجة الأمريكية المصرية جيهان نجيم، والذى عرض فى عدد من المهرجانات الدولية والعربية وحصد العديد من الجوائز.
ونجحت أفلام أخرى فى تحقيق رد فعل كبير فى العديد من المهرجانات وصل عددها إلى 20 فيلما وثائقيا وهى «مولود فى 25 يناير» للمخرج أحمد رشوان، و«جمعة الرحيل» للمخرجة منى العراقى، و«إيد واحدة» للزمخشرى عبدالله، و«حظر تجول» لأحمد الطنبولى، و«اسمى ميدان التحرير» لعلى الجهينى، و«موقعة الجمل» أحمد عبد الحافظ، و«عيون الحرية» لأحمد صلاح الدين، و«برد يناير» لرومانى سعد، و«18 يوم فى مصر» لأحمد صلاح، و«غنى حرية» لأحمد الهوارى، و«العودة إلى الميدان» للمخرج التشيكى بيتر لوم، و«أنا والأجندة» لنيفين شلبى، و«نصف ثورة» لكريم عبدالحكيم، و«رغيف عيش وحرية» لطارق الزرقانى، و«الشهيد والميدان» لعلى الغزالى، ومازالت السينما تنتج أفلاما عن الثورة التى بدأت ولم تكتمل حتى الآن.