.. فأنتم الطلقاء

فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا
لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب
هذان فى الدنيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنابر هزةٌ
تعرو الندى وللقلوب بكاء
وإذا أخذت الحق أو أعطيته
فجميع عهدك ذمة ووفاء
يا من له عز الشفاعة وحده
وهو المنزّه ما له شفعاء
لى فى مديحك يا رسول عرائس
تيّمن فيك وشاقهن جلاء
هنّ الحسان فإن قبلت تكرما
فمهورهن شفاعة حسناء
ما جئت بابك مادحاً بل داعياً
ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومى الضعاف لأزمة
فى مثلها يلقى عليك رجاء
هذه الأبيات لأمير الشعراء أحمد شوقى من قصيدة ولد الهدى.. أذكرها فى يوم ميلاده- صلى الله عليه وسلم- الذى لم يكن مصادفة أن تواتر يوم مولده الاثنين الماضى مع الاحتفالات بثورة الشعب المصرى المجيدة.. فقد كان ميلاده ومجيؤه هو أعظم ثورة فى تاريخ السماوات والأراضين.. ثورة الحق والنصر والتوحيد والعدل والحرية.. ثورة على الجور ومعانيه وأحاسيسه..
ولعل من حسن الطالع نحن المصريين فى عهدنا الجديد أن نلتزم بآداب النبى الكريم فيما بيننا، ولقد أحسن الدكتور عمرو خالد عندما تحدث مع الزميل الأستاذ محمود سعد قبل يومين عن قضية العفو والتسامح، وأن يعذر بعضنا بعضاً وأنه ضد الثورة أو مع الثورة، لأن الجميع يعلم أن الثورة مجيدة وأن آيات الظلم التى كانت واقعة ما كان ليقبلها أى صاحب نفسٍ سليمة.
ولعل موقف الرسول الأكرم، عندما دخل مكة فاتحاً وقد دانت له مكة بأسيادها ووقف مستضعفوها وهم الذين أخرجوه وآذوه من قبل ودار الحوار الأشهر فى تاريخ البشرية بين مهزوم ومنتصر:
ما تظنون أنى فاعل بكم.. فقالوا أخٌ كريم وابن أخ كريم.. فقال صلى الله عليه وسلم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
هذه الأخلاق التى تقف فوق السحاب أحوج ما نحتاج إليه الآن.. لأن الثورة يجب أن تهب على الأخلاق التى كان المجتمع المصرى يتخلقها كان خلفها نظام فاسد أفسد كل شىء.. إن سنة التغيير التى جرت على مصر الأيام الماضية يذكرها القرآن الكريم بقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). وعليه فإن هذه السنة قد جرت ببعض منا فتحققت.. ومن لم تجر عليه هذه السنة فإن الثورة لأهلها حتى وإن تحولت الخطوب.