حذر عدد من الخبراء والأكاديميين من الانسياق وراء الشائعات، التى ترددت مؤخرا حول مشاركة جهات علمية من إسرائيل فى إنشاء المفاعل النووى المزمع إقامته فى منطقة الضبعة، غرب المحافظة، أو ما تردد من استغلال المنطقة سياحيا على حساب النشاط النووى، مؤكدين أن مصر إذا لم تتحرك فى إنشاء مفاعلات نووية سلمية ستضطر لاستيراد كامل احتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2020 على الأكثر. فى البداية رفض الدكتور محمد ناجى، الرئيس السابق لقسم الهندسة النووية، الشائعات التى ترددت بشأن تحويل محطة الضبعة النووية إلى موقع سياحى واستغلالها لصالح رجال الأعمال، قائلا: «كفانا سياحة بأه»، خاصة بعد أن غطت السياحة مساحات كبيرة من الساحل الشمالى مطالبا المستثمرين بالابتعاد عن منطقة الضبعة. وقال ناجى إن الحكومة استقرت على إنشاء المفاعل النووى، الذى بدأ منذ عام 1983، وتكلفت الدراسات التى أجريت عليه ملايين الجنيهات، وأن اختيار أى موقع آخر سيترتب عليه خسارة كبيرة تصل إلى 700 مليون جنيه، مؤكدا أن الحكومة ستتحمل تبعات قرارها إذا ما أرادت أن تستمع لنداء ومطالب رجال الأعمال. من جانبه قال الدكتور محمد مسعد محرم، أستاذ الهندسة النووية والطاقة فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، إن مشروع إنشاء مفاعل نووى سلمى فى منطقة الضبعة يراود المصريين منذ أكثر من 16 عاما، مشيراً إلى قيمة الدراسات والاستشارات الفنية والعلمية، ودراسات تقييم الأثر البيئى، التى أجرتها على المنطقة إحدى الشركات العالمية، لتحديد صلاحيتها للمشروع تكلفت منذ 16 عاما نحو 85 مليون دولار، وأن هذه التكلفة ستتضاعف إذا ما تم تغيير الموقع، خاصة فى حالة تنفيذ الدراسة نفسها على موقع آخر بخلاف الضبعة. واتهم محرم - فى تصريحات ل «إسكندرية اليوم»- بعض المستثمرين ممن سماهم «منتفعين» بترويج شائعات تفيد بأن إسرائيل عرضت مساعدتها لتمويل المشروع، نافيا صحة هذه الأقاويل، ومحذرا من خطورتها على المواطنين العاديين، مشيراً إلى أن المعايير والاشتراطات العالمية الخاصة بإنشاء المواقع النووية تنص على توافر 5 شروط أساسية، هى أن يكون الموقع بعيدا عن الكتل السكانية والمياه الجوفية ومنطقة حزام الزلازل والبراكين ومخرات السيول، وأن يكون قريبا من البحر مباشرة، لأن المفاعل النووى يحتاج إلى مئات الأطنان من المياه يوميا لتبريده. وأوضح أن إنتاج السد العالى يمثل من 8 إلى 10% فقط من إجمالى الطاقة الكهربائية المولدة فى حين يتراوح إنتاج المشروع النووى من الطاقة الكهربائية من 30 إلى 35% من إجمالى انتاجها محليا، وتنتج المحطات النووية 70% من الكهرباء بفرنسا مقابل 45% فى اليابان و60% فى ألمانيا و30% فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقال الدكتور عصمت زين الدين، المستشار النووى للرئيس جمال عبدالناصر، إن التفكير فى إنشاء مفاعل نووى فى مصر بدأ فى عام 1964، حيث قام الدكتور صلاح جاد، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، بتوقيع إتفاقية مع إحدى الهيئات النووية الأجنبية لإنشاء أول محطتين نوويتين فى مصر لإنتاج 150 ميجاوات و30 ميجاوات، محذرا من أن مصر بحلول عام 2020 على الأكثر ستكون مستوردة لجميع احتياجاتها من الطاقة، وهذا ما يدعو للقلق والخوف، على حد قوله. وأوضح أن مصر محتاجة بحلول عام 2020 إلى نحو 50 ألف ميجاوات، وأن المفاعل النووى الواحد ينتج حوالى ألف ميجاوات بما يعنى أننا نحتاج إلى حوالى 50 مفاعلا نوويا خلال العشرين عاما المقبلة، وأن الفترة الزمنية لإنشاء مفاعل نووى واحد لا تقل عن 7 إلى 8 سنوات. وانتقد الدكتور محمد صوان، أستاذ الطاقة النووية بجامعة وسكانسن الأمريكية، تجاهل المسؤولين لعلماء الذرة المصريين فى الخارج رغم إمكاناتهم وقدراتهم وعدم الاستعانة بخبراتهم فى بناء المحطة النووية الأولى فى مصر. وأشار إلى أنه لم يكن هناك داع للجدل الذى أثير حول موقع الضبعة، لأن الموقع مناسب جدا وأمن، وتمت دراسته بدقة وتكلفت دراسته مبالغ طائلة، أما عن استغلاله سياحيا فهذا خطأ لأن المستقبل لتوليد طاقة نظيفة ودخولنا فى مجال إنتاج الطاقة النووية أهم من المنتجعات، لكن يبدو أن الناس تعودت على أن يتدخل الرئيس عندما يكون هناك جدل فى مسألة مهمة بالدولة، وتساءل: «هو لازم الريس يقول لا علشان الكل يسكت؟».. لا يجب أن نتأخر أكثر من ذلك فى دخولنا هذا المجال، لأننا علمنا الهندسة النووية للإسرائيليين والعرب، مثل الأردنيين والإماراتيين والسعوديين، وأغلب هذه الدول سبقتنا فى المجال.