أذهل موقع ويكيليكس العالم بنشر وثائق وملفات سرية من جهات مجهولة المصدر تفسر طبيعة العلاقات السياسية والإجتماعية بين الدول . فقد نشر ويكيليكس عن علاقة الولاياتالمتحدة بإيران وببعض الدول العربية ووثائق عن دول أخرى وأسرار عن شخصيات ووزراء ورؤساء دول ومسئولين لهم ثقلهم على الساحة الدولية في خطوة بطولية لجوليان أسانج مؤسس الموقع. فظهور ملفات سرية عن مسئولين من جهات مجهولة المصدر يشبه أحداث فيلم اللعب مع الكبار للفنان عادل إمام وأحد أفضل أفلامه و تأليف وحيد حامد وتدور أحداثه حول على(محمود الجندي) عامل تليفونات في أحد السنترالات العمومية و صديقه حسن بهنسي (عادل إمام). وبالصدفة يسمع على مكالمات هاتفية بين شخصيات ومسئولين لهم ثقل في البلد فسمع عن مؤامرات وجرائم فساد خطيرة ستحدث في المستقبل ثم أخبر بها صديقه حسن الذي قرر أن يخبر أمن الدولة وعندما سأله ضابط أمن الدولة عن مصدر هذه المعلومات التي ثبت صحتها قال (إنها مجرد حلم في المنام). ونظراً لخطورة وأهمية هذه الوثائق خاصة في هذا التوقيت المتزامن مع قرب الإنتخابات الأمريكية ومع تفاقم الأزمات السياسية بالإضافة للصراع النووي بين الدول نتوقع أن تكون وثائق ويكيليكس إحتمالاً من هذه الإحتمالات الأربعة . الإحتمال الأول أن تكون هذه الوثائق حقيقية بالفعل تنشرها شخصيات و جهات غير معلومة أما لصراعات شخصية فيما بينهم . أو صراعات بين الحكومات ولم يعد يفيد السكوت. الإحتمال الثاني أن تكون هذه الوثائق حقيقية ولكنها معلومة المصدر من قبل حكومات تستفيد من ذلك كالولاياتالمتحدة أو أوروبا واليهود ليكون اللعب على المكشوف في الفترة القادمة . الثالث أن تكون هذه الوثائق أكاذيب تروج لها شخصيات وحكومات لتستفيد من ذلك سياسياً واقتصادياً وذلك بشغل العالم بوثائق وتمثيليات لا أساس لها من الصحة عن الانشغال بمشاكل الدول الحقيقية وماسيحدث في المستقبل الاحتمال . الرابع أن تكون هذه الوثائق منها ماهو حدث بالفعل ومنها مالم يحدث ومنها ماهو متوقع حدوثه ليدخل العالم في دوامة كبيرة للتحقق والتفكر في هذه الوثائق. فأياً كانت حقيقة ويكيليكس فنحن أمام ظاهرة غريبة ستغير من إنطباعات العالم عن بعضه وستضيف عليه مزيد من الحرص والغموض والكراهية ولاندري هل هناك ضحايا لانعلمهم يؤذون ويستجوبون بسبب نشر هذه الأسرار التي لايعلمها غيرهم ؟ وهل من قام بنشر هذه الوثائق هم المسئولون أنفسهم أم أتباع لهم أم أشخاص علموا بها بالصدفة أو بالتجسس ؟ وماهو الغرض من نشرها الآن؟ ولاننسى مشهد النهاية حينما قتل عامل التليفونات ظل حسن يصرخ بشكل هستيري ويتصل بالناس قائلاً "على الزهار مات على أتقتل ماعملش حاجة مات علشان بيحلم " ولا يعرف أحد من هو علي؟ ولماذا قتل؟ وينتهي مشهد النهاية بصراع مسلح بين قوى الفساد وبين حسن وضابط أمن الدولة ويظل حسن يردد كلمة "أنا هحلم" في مشهد رمزي رائع يدل على أن الفساد يتعامل بالقوة ولابد أن يقاوم بقوة مثلها باتحاد الشعب والسلطة معاً . وعلى الإصرارعلى كشف الفساد والحقيقة أن هذا المشهد وهذا المعنى وهذا الصراع يتكرر على أرض الواقع في بلاد العالم فكم من أشخاص في بلادنا و بلاد العالم مثل حسن بهنسي وعلى الزهار ولكنهم لايتمكنون من البوح بهذه الأسرار ؟ ويبقى ويكيليكس غير معلوم المصدر غير معلوم النهاية في جو مليء بالغموض والخطر من اللعب مع كبار المسئولين وسط ترقب لما سينشره ويكيليكس من حقائق في المستقبل أو بكشف هذا المخطط الوهمي . بقلم عمرو عماد (اليوم السابع)