محافظ المنوفية يفتتح مسجد «الجامع الشرقي» بالعامرة بعد تطويره بالجهود الذاتية    «التعليم» تستعرض مشروعات «صنع في مصر» بالمدارس الفنية بالمحافظات    بعد صدور قانون رعايتهم.. تعرف على المزايا التي يحصل عليها المسنين    عيار 21 بكام.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 إبريل 2024 (التحديث الأخير)    وزير المالية فى جلسة نقاشية بواشنطن: مصر تتحرك بقوة لبناء نظام قوي للتأمين الصحي الشامل رغم التحديات الاقتصادية والضغوط المالية    وزيرة التعاون تتفق مع وكالة "ميجا" لإطلاق المنصة الموحدة للضمانات خلال يوليو    محافظ الوادي الجديد يعلن توريد 4 آلاف طن من القمح حتى الآن    فصل التيار الكهربائي عن 9 مناطق بمركز ومدينة بيلا غدا    مسئول أردنى: لم نرصد أى اختراق لمجالنا الجوى خلال الساعات الماضية    بسبب الهجوم على إيران.. عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» يطالبون بإقالة «بن غفير»    التحالف الوطنى يطلق ثالت مراحل القافلة السادسة لدعم الأشقاء فى غزة    التشكيلة المتوقعة لفريقي النصر والفيحاء..موعد مباراة النصر والفيحاء اليوم    كولر يكشف الأسباب الحقيقية لاستبعاد بيرسي تاو عن المشاركة مع الأهلي    كلوب: التتويج بالدوري الإنجليزي ليس بأيدينا    ضبط 36 كيلو مخدرات و9 أسلحة نارية في بؤرتين إجراميتين ب شبين القناطر في القليوبية    تجار العملة يتساقطون .. ضبط عدد من المضاربين بحوزتهم 29 مليون جنيه خلال 24 ساعة    إصابة شخصين إثر حادث تصادم 3 سيارات فى شارع التسعين بمنطقة التجمع    تبدأ 9 مايو.. جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2024 محافظة الجيزة    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    تامر عبدالمنعم ينعى عمدة الدراما المصرية صلاح السعدني    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    تعرف على أبرز مخرجات لجنة الثقافة والهوية الوطنية بالحوار الوطنى    موعد ومكان عزاء الفنان صلاح السعدني    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    غدًا.. بدء المرحلة الثالثة من الموجة ال22 من حملات إزالة التعديات ببني سويف    الشعبة الفرنسية بحقوق عين شمس تنظم يوما رياضيا لطلابها    الأزهر ينهي استعداداته لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل    شهدها البابا تواضروس، تفاصيل وثيقة الكنيسة للتوعية بمخاطر زواج الأقارب    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين يوم الأحد بنظام ال"أون لاين" من المنزل    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    إسرائيل تبلغ أمريكا بتنفيذ ضربة على إيران    حاسبات عين شمس تحصد المركز الأول عربيًا وأفريقيًا في المسابقة العالمية للبرمجيات    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    وضع حجر أساس مشروع موقف إقليمي جديد بمدينة المنيا الجديدة    إيرادات السينما أمس.. شقو في المقدمة وأسود ملون يتذيل القائمة    إبراهيم السمان: تحمست لدور محسن فى مسلسل حق عرب بسبب السيناريو    خطيب الأوقاف يؤكد: الصدق صفة المتقين وطريق الفائزين.. والأيمانات الكاذبة للباعة لترويج السلعة تمحق البركة.. فيديو    لماذا خلق الله الخلق؟.. خطيب المسجد الحرام: ليس ليتعزز بهم من ذلة    فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. أفصل الصيغ لها    مارتينيز: حصلت على بطاقة صفراء ثانية بسبب سمعتي السيئة.. ولا أفهم القواعد    استمرار غياب رونالدو.. جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    غداء اليوم.. طريقة تحضير كفتة الدجاج المشوية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    الإثنين المقبل.. وزيرا المالية والتخطيط أمام البرلمان لاستعراض الموازنة العامة وخطة التنمية الاقتصادية 2024/2025    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    فيتو أمريكي يُفسد قرارًا بمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبواب الدهشة المشرعة
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 12 - 2010

حكى لى ابنى مروان أنه بينما كان يقود سيارته على الطريق الدائرى، رأى سيارة لورى تحمل كتلا جرانيتية ضخمة أكبر من حجم اللورى نفسه، انتبه ابنى للمشهد والتفت ليجد هذه السيارة تسير بجانبه، وبدا له المشهد غريبا فلو سقطت على أى شىء لحطمته فى الفور. وتابع مروان بدهشة تتابع سرب اللوريات هذه، وهى تشق الطريق الدائرى كأن تيار الواقع المعاش قد انقطع ليجد نفسه فجأة فى قلب مشهد سينمائى.
نظر حوله يتأمل ردود أفعال باقى قادة السيارات فكانت دهشته الأكبر. كان الجميع ينظر إلى الأمام بتقطيبة مؤكدة دون أن يُظهر أحدهم بادرة واحدة للدهشة. ولكى يثبت لى غرابة المشهد أخرج موبايله وأدار تسجيل الفيديو القصير الذى التقطه من داخل سيارته.
كان يضرب كفا بكف وهو يضيف: «أعتقد أن سكان القاهرة لو رأوا كائنات فضائية فى المدينة تسير بجانبهم وتشرب شايا بالنعناع على المقاهى لن يندهش أحدهم». كان المدهش بالنسبة له هو تدافع سائقى السيارات، كل يلكز الآخر، كى يتمكن من متابعة طريقه فى تعايش مطلق مع أحد المشاهد العجيبة رغم خطورة أن تسير مثل هذه اللوريات بهذا الحجم إلى جانبهم.
دفعتنى الحكاية إلى التفكير فى غياب الدهشة عن حياتنا كمصريين. لم تعد الأشياء الغريبة تثير فينا الدهشة. أعرف أن أيامنا أصبحت تشبه فيلما سينمائيا ثقيل الظل يعتمد مخرجه على تقنية مزج العبثى واللامنطقى بالواقعى، وفى الحياة يؤدى تزايد نسبة العبث إلى التبلد الذى هى مرادف لغياب الدهشة، وللأسف فإن إحدى علامات الاكتئاب الجمعى هو غياب الدهشة. لقد تحولنا إلى ثقافة عاجزة عن تذوق طعم الفرحة ولذعة الحزن، ثقافة ترى الحياة بدرجات الرمادى والأسود فى غياب شبه تام لباقى الألوان.
ويتزامن مع الاكتئاب القاتل للبهجة تزايد حالات الهستيريا. وإلا من هؤلاء الذين يحدثون أنفسهم فى الطرقات، وهؤلاء الذين يتشاجرون لأتفه الأسباب. من هم هؤلاء الملايين الذى يبدو على ملامحهم الغم والهم الثقيل والعدوانية وغياب التسامح؟!
أعرف تماما ما سيرد به الكثيرون: «هو إحنا فى إيه ولا فى إيه! مش شايفة الدنيا والغلاء والظلم الاجتماعى! مش شايفة حال التعليم والصحة والسياسة! بهجة إيه فى الضنك اللى إحنا فيه؟!».
وأعرف أيضا أننى أرفض هذا المنطق، لأنه يضعنى كإنسانة فى موقع الضحية وينزع عنى مسؤولية الوجود. ليس بإمكاننا تغيير واقعنا العام المتأزم الآن، لكن بإمكان كل منا أن يتزحزح إلى منطقة وعى مختلفة، منطقة رؤية للحياة تمكننا من استقبال موجات الدهشة المرسلة دوما وبلا انقطاع، الاختيار فى أيدينا: إما الاستسلام لحالة فقدان الدهشة، حيث تُبهت ألوان الفرحة، وتغيب الضحكات وتتشابه المعانى والمشاعر أو التنقيب الدائم عنها فيما يشبه حفر باطن الأرض من أجل استخراج ذهبها.
هناك دهشة فى قصيدة جميلة، فى الأطراف المنمنمة لوليد صغير، فى لقاء غير متوقع مع صاحب قديم، فى كتاب وفيلم ولوحة تشكيلية، فى غروب شمس واكتمال قمر وربتة حنان تأتى بلا ميعاد.
أبواب الدهشة مشرعة تنتظر من يدخلها. لكن استعادة الدهشة أمر يستدعى قراراً وإرادة تمكننا من كسر الجدران الزجاجية للاكتئاب، والخروج إلى حيث الحياة الحقيقية، ساخنة وجارحة ومفعمة بلحظات الدهشة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.