اسأل «أى واحد» ممن لهم علاقة «بوزارة الزراعة» عن أحوال هذه الوزارة الآن، وما آلت إليه.. والغياب الكامل لدورها.. اسأل أى «فلاح بسيط».. «مزارع» متوسط أو كبير.. «دكتور» فى مراكز البحوث الزراعية.. أى «مستثمر».. «إجماع» يؤكد أن ما نقوله من حقائق ليس رأيى وحدى.. ولهذا يجب التوقف عنده، والحساب عليه، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه!! ثم.. اذهب إلى «وزارة الطيران».. أو أى قطاع بها.. أو أى مطار تابع لها.. لتستعيد الثقة والأمل.. فها هو «وزير» آخر.. خلق من الفسيخ شربات.. وفى ست سنوات «غير» وجه بوابات مصر.. وأجبرنا على أن «نرفع له القبعة» ونحسد كل المتعاملين مع هذا القطاع والمستثمرين فيه.. ونحيى ونفخر بالرجال المعاونين، والسيدات المساعدات له، بعد أن أعلن الجهاز المركزى للمحاسبات أن: «قطاع الطيران» الذى تسلمه «أحمد شفيق» فى 2003 وكان يحقق خسائر سنوية قدرها 182 مليون جنيه.. قد حقق فى 2008 أرباحاً قدرها: 1589 مليوناً «مليار وخمسمائة وتسعة وثمانون مليون جنيه فى عام واحد».. رغم أنه لم يكلف ميزانية الدولة «مليماً فى كل الاستثمارات والأعمال التى حقق بها «الطفرة» التى نشهدها اليوم!! فى الأسبوع الماضى.. دعوة من وزير الطيران لجمعية رجال الأعمال برئاسة المهندس المحترم حسين صبور.. ورغم أننى لست عضواً.. فقد وصلتنى «دعوة».. ربما لأن الوزير «راغب» فى سماع وجهة نظر أخرى «ناقدة» على طريقة الفرنسيين فى «الجهر بالحقائق»!! جلسنا على مائدة الحوار.. الوزير «الفريق» ممسكاً بعصاه يشير بها إلى خريطة القطر المصرى، يشرح خطط الوزارة المستقبلية.. والفرص المتاحة للقطاع الخاص، ومن وقت لآخر يشير إلى مجهود معاونيه، وينسب لهم هذا النجاح، ويعتذر لهم عن «رزالته»، و«قسوته»، و«حميته» وهو يتابع كل التفاصيل، ويلزمهم بأعلى جودة، وبأقل سعر.. و..و.. «سرحت» بعيداً.. أتأمل «وجوه» مساعديه النابضة بالحيوية، و«البسمة» على شفاههم.. و«عيونهم» اللامعة كالصقور تتفحص كل شاردة وواردة.. و«بأصابعهم» يدونون كل كلمة أو استفسار.. و«اللاب توب» جاهز للإدلاء بأى بيانات أو معلومات للرد على أى سؤال.. «سرحت» فى المقارنة بين هذه «الكتيبة» العسكرية صانعة النجاح، وبين ما أراه فى «وزارة الزراعة» المنكوبة، واليتيمة، التى كان لها «شنَّة، ورنَّة» ومصداقية عالية فى أوساط المزارعين وهاهى المقارنة بكل أمانة، وموضوعية، وشفافية: «وزير الطيران».. رغم الطفرة التى حققها، تراه إنساناً مصرياً متواضعاً وعملياً.. ببنطلون أزرق أو كاكى، وبلوفر يشبه «الميرى».. أو: تى شيرت، وكاوتش فى قلب «الموقع».. يتحرك.. يتابع.. يستمع لأى مشكلة أو اقتراح.. ولا يغضب أبداً من أى «نقد» مهما كانت قسوته.. ولا تندهش إذا سمعته يصرخ فى وجه أى مسؤول معه، لأنك ستراه بعدها يصطحبه إلى الكافيتريا ويعزمه على هامبورجر أو حاجة ساقعة!! أما «وزير الزراعة».. فالرجل لم يضبطه أحد يدخل مزرعة، أو يمشى فى «غيط»، منذ توليه «الكرسى».. د. يوسف والى كان كل يوم جمعة من الثامنة صباحاً يزور كل مزارع الصحراوى، وقرى الخريجين، ومن بعده المهندس الليثى يعرف كل مزارع، وغيطان مصر.. فهؤلاء كانت أحذيتهم من «باتا» ومن «زلط».. يدهسون بها الحشرات، يدوسون بها على «روث» الحيوانات!! «كتيبة» المعاونين للوزير شفيق على «الفرازة»، وعلى مسؤوليته، ولهذا يثق بهم، ويشجعهم، ويدافع عنهم إذا أخطأوا فى الاجتهاد.. أما «وزير الزراعة» فعندما اختار.. أتى للوزارة بما يسمونه «الطفل المعجزة» ولم يتعلم من تجربة يوسف عبدالرحمن.. أما معاونوه فى كل هيئة أو مركز فتراهم «محبطين».. «بائسين».. «يائسين».. «مرعوشين».. فهم يشعرون بأن وزيرهم لا يثق فيهم.. ولا يشجعهم بتأشيرات صريحة.. وهم متأكدون أنه لن يدافع عنهم أو يحميهم إذا وقع أحدهم فى خطأ بسيط وغير مقصود.. ولهذا «جفَّت الأقلام».. و«رفعت الصحف».. وتوقف دولاب العمل.. وكل واحد ينتظر الأيام الأخيرة «تعدى» على خير.. وليضرب الناس دماغهم فى الحيط، واللى مش عاجبه يرفع قضية! «وزير الطيران».. يؤمن بنظرية «اليوجا»، و«القوى الكامنة» القادرة على قهر «المستحيل».. أما «وزير الزراعة».. فهو مؤمن «بالقضاء والقدر».. «فقدر» البحوث الزراعية أن تغلق أبوابها بعد أن تقلصت ميزانيتها مما يجب أن تكون عليه 300 مليون إلى 22 مليوناً لا تكفى الرواتب.. و«قدر» المصريين أن «ينسوا» القطن، و«بوركينا فاسو» تحتل مكاننا لتصبح «الأولى» فى أفريقيا، و«قدر» المستثمرين أن يتكلوا على الله ويموتوا قبل تسليمهم عقود التمليك.. و«قدر» المحروسة أن يحصل الوليد بن طلال على 120 ألف فدان بخمسين جنيهاً للفدان، ولا يستصلح أو يزرع، ولا نسحب منه الأرض مثلما نفعل مع أبناء البطة السوداء.. و«قدر» الشباب أن يقف فى طابور البطالة!! أثناء «سرحانى».. انتهى الوزير من الشرح، وخصنى بسؤال: ما رأيك يا دكتور عمارة فيما قلت؟ وجاء ردى تلقائياً، ومضحكاً للجميع: «رأيى: أن تترك «وزارة الطيران»، وكفاية عليهم كده.. وتيجى تمسك «وزارة الزراعة»! فقال: طيب ما تسيبك إنت من الزراعة وتيجى تستثمر عندنا؟ رددت بأسى، وأسف: أنا خلاص «غرزت فى الطين».. يا معالى الوزير! ونستكمل الاثنين المقبل.. french_group@hotmail