التفاوت الطبقى أدى إلى «عراك اجتماعى»

لا يخفى على أحد أن سياسات الإنتاج ونظام السوق غير المنضبط قد أدت إلى استقطاب طبقى هائل فهناك شريحة محدودة تنامت ثرواتها بشكل مخيف، وفى المقابل تعانى الأغلبية من آثار الفقر والبطالة وعدم القدرة على الحصول على حقوقها المشروعة فى الخدمات الأساسية: الإسكان - التعليم - الصحة إلخ.. وبات من المعروف أن 15 مليون مصرى أصبحوا تحت خط الفقر بينهم 3.5 مليون يعيشون فقراً مدقعاً، هذا التفاوت الكبير يؤدى إلى عراك طبقى يعرقل أى مشروع نهضوى ويهدد مستقبل الأمة.
وإن كان اقتصاد السوق هو النظام السائد حالياً بافتراض أنه يؤدى إلى التنافسية وزيادة الإنتاج وتعظيم الدخل القومى لكنه لابد من الأخذ فى الاعتبار أن اقتصاديات السوق وحدها لا تحمل الإجابة الكاملة للمسألة الاقتصادية بعد أن ثبت هذه الأيام أن النظام الرأسمالى له سلبياته، وحسبنا فى ذلك الأزمة التى يعيشها الاقتصاد الأمريكى مؤخراً، وانهيار بعض مؤسساته المالية الكبرى.
 فقد كشفت هذه الأزمة عن دور الدولة الذى لاغنى عنه فى حماية الأسواق من الانفلات والفوضى، وحماية الاقتصاد من العبث والفساد أو سوء الإدارة ولذلك من الضرورى وضع الشروط والضوابط لحماية المستهلك من جانب، ولقيام الدولة الاجتماعية فى ظل هذا النظام من جانب آخر، منها نظام ضرائبى محكم، خاصة فى مجال الضرائب المباشرة على الدخل.
فليس من المعقول أن يكون الحد الأقصى لسعر الضريبة على أى شريحة داخلية لا يزيد على 20٪، ومن المعلوم أنه يصل فى الولايات المتحدة إلى 40٪، وقد يزيد على 60٪ فى دول أوروبا.
 ومن غير المتصور أن دخل أى شخص يعادل 50 ألف جنيه سنوياً تنسحب عليه نفس الشريحة المفروضة على دخول تصل إلى الملايين أو المليارات، بالإضافة إلى الضرائب على الأرباح الناجمة عن التصرفات الرأسمالية.
 ومن المهم هنا زيادة سعر الضريبة على الاتجار فى الأراضى وزيادة سعر الضريبة على بيع الحصص فى الشركات، وأرباح التعامل فى الأسهم وصناديق الاستثمار، وما يستتبع ذلك من وضع قوانين صارمة ضد الاحتكار والإغراق وتشجيع تحويل الشركات المغلقة إلى شركات مساهمة وإلزامها بذلك بعد تجاوز رأسمالها أو حجم أعمالها حداً معيناً، ونظام بنكى محكم يسيطر عليه البنك المركزى، إلى جانب تقييد تحويل مدخرات المصريين إلى الخارج.