نفذت شركة «غازبروم» الروسية النفطية التهديد، الذى لوحت به قبل فترة بقطع إمدادات الغاز الطبيعى عن أوكرانيا، وذلك بسبب الخلاف حول تسديد ديون سابقة فى خطوة وصفها المراقبون بأنها استعراض ل«عضلات» موسكو، لإظهارها بأنها لن تعتمد أى مرونة فى سياستها حيالها جيرانها الموالين للغرب خلال عام 2009. ونقلت شبكات التلفزة الروسية المحلية أن «غازبروم» قامت بوقف ضخ الغاز لأوكرانيا، بعدما انتهت صباح أمس الأول المهلة التى كانت حددتها سابقاً لحل النزاع، الأمر الذى قد يهدد بعودة أزمة عام 2006 التى أثرت على وصول الطاقة إلى دول أوروبا الغربية التى تستخدم الغاز الروسى، القادم عبر أنابيب تمر بأوكرانيا. ويتركز النزاع حول الديون السابقة على أوكرانيا، والتى بلغت حسب تقديرات الجانب الروسى، 2.4 مليار دولار، ولكنها ستصل مع حساب إمدادات ديسمبر الماضى إلى 3.2 مليارات دولار. ولم تستلم «غازبروم» من هذه الديون حتى الوقت الحاضر إلا مليار دولار فقط. بجانب ذلك، أعلنت شركة غازبروم أنها طلبت من أوكرانيا 418 دولارا كسعر لكل ألف متر مكعب من الغاز فى عام 2009 ، بعد رفض كييف تسوية اقترحها الجانب الروسى الأربعاء وتتمثل بسعر 250 دولارا، على ما أعلن رئيس مجلس إدارة المجموعة الروسية الكسى ميلر. وصرح ميلر «نظرا إلى رفض أوكرانيا التعرفة التفضيلية البالغة 250 دولارا، ستعمد غازبروم إلى إرسال شحنات الغاز إلى أوكرانيا اعتبارا من يناير بالسعر الأوروبى، البالغ 418 دولارا لكل ألف متر مكعب». وفيما حثت واشنطن كل من روسيا وأوكرانيا على حل النزاع القائم بينهما بشأن مدفوعات وديون الغاز الطبيعى بطريقة تجارية تتسم بالشفافية، أعلن مستشار رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا تيموشنكو أن موسكو وكييف ستتوصلان لتسوية نزاعمها وستوقعان عقدا لشحن الغاز لعام 2009 فى 7 يناير الجارى. غير أن شركة غازبروم المملوكة للدولة الروسية أعلنت أنه لا توجد حاليا محادثات مع أوكرانيا بشأن قضية تصدير الغاز. كما أكدت السلطات الأوكرانية أنه لم يتم تسجيل أى اضطراب فى حركة تزويد أوكرانيا بالغاز بعد قرار روسيا وقف شحناتها من الغاز إلى هذا البلد، وقال المتحدث باسم الرئاسة بوغدان سوكولوفسكى «لم تتحدث الحكومة حتى الآن عن وقوع مشكلة». ويرى المحللون والمراقبون أن رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين لم يترك أى مجال للشك عندما هدد أوكرانيا الأربعاء الماضى «بعواقب خطرة» فى حال تجرأت كييف على تحويل جزء من الغاز الذى يمر عبر أراضيها الى أوروبا لتعويض الكميات التى توقفت روسيا عن إمدادها بها اعتبارا من الساعة السابعة فى الأول من يناير الحالى. وقال الرئيس الروسى ديمترى مدفيديف بوضوح الأسبوع الماضى إن بلاده لن تتساهل أبداً عندما تكون مصالحها على المحك، مشيرا إلى حرب أغسطس مع جورجيا، ومهددا أوكرانيا ب«عقوبات» فى حال عدم التوصل إلى حل للخلاف بشأن الغاز. وقال مدفيديف فى كلمة قبل دقائق من حلول السنة الجديدة «لقد أظهرنا مرات عدة ما نحن قادرون عليه» مضيفا «أنا على ثقة أن بإمكاننا مواجهة أى صعوبة». ويقول محللون إن روسيا أثبتت مجددا فى إطار نزاعها مع وأكرانيا حول الغاز انها لن تتردد فى استخدام نفوذها فى مجال الطاقة كسلاح لإخضاع الذين لا يبدون احتراما لمصالحها. ولا تنظر موسكو بعين الرضا إلى المسار المؤيد للغرب، الذى تتبعه الحكومة الأوكرانية، التى وصلت إلى الحكم بنتيجة الثورة البرتقالية نهاية العام 2004، وأكثر من ذلك طموحها المعلن بالانضمام إلى حلف شمال الأطلنطى.