«المال قد يجعلك تعيش فى راحة، ولكن كثرته لن توصلك إلى سعادة أكثر».. هكذا يتحدث الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسى، رئيس الاتحاد العالمى للطب النفسى، عن إحدى المعادلات النفسية حول الفلوس. وقال: «منذ فترة قام معهد بيو بالولايات المتحدةالأمريكية، وهو من أكبر المعاهد البحثية هناك، بقياس درجة الرضا النفسى بين شعوب أفريقيا الصحراوية، غانا ونيجيريا وأوغندا وزيمبابوى، ومقارنتها بالدول الأوروبية الإسكندنافية، والولايات المتحدةالأمريكية، ورغم فارق الدخل الذى تفاوت بين دولار واحد و1000 دولار، فإن القائمين على البحث أصابهم الذهول، عندما وجدوا أن نسبة الرضا النفسى متساوية بين البلاد الأفريقية والأوروبية، فأجروا بحثا آخر لمعرفة السبب، فوجدوا أن الشبكة - أو النسيج الاجتماعى - بما فيها من تراحم الأسر والأصدقاء والجيران والجماعات، كانت السبب الرئيسى فى إحساس الفرد بالرضا وليس الدخل المادى». ورغم قدرة المال الشرائية، التى يظن البعض أنها قد تمكنهم من امتلاك الدنيا، فإن هناك اتفاقاً على أنه توجد أشياء لا يشتريها المال، فى مقدمتها الصحة والحب. وهو ما يكشف عنه دكتور أحمد عكاشة بالقول: «كثيراً ما يشك الغنى فيمن يحب، يتملكه الشعور بأنه يحبه لماله، لا لنفسه، ويسيطر عليه هذا الصراع فيصبح فريسة له وتسيطر عليه فكرة مفادها أن من يتقرب منه هدفه المال، وهو إحساس قاتل. ولذا فالغنى هو من يمتلك الحب والإخلاص فى علاقة متبادلة بينه وبين المحيطين به». وعلى الرغم من تراجع المال فى قائمة الأسباب مانحة السعادة للإنسان، فإن دراسات أخرى تؤكد أن غيابه وما ينتج عن ذلك، من فقر، وبطالة، كما يقول دكتور أحمد عكاشة يؤدى إلى زيادة معدل الانحراف والإدمان والعنف فى وجود الفقر. ويضيف: «كلما شعر الإنسان بالاستقرار والأمان نام مطمئناً على حياته، وحياة أبنائه، من دون أن يحمل هم الإنفاق، والمستقبل ورسم الحياة، وتحقيق الطموحات». لكن الفقر يصبح محتملاً - كما يقول دكتور أحمد عكاشة - إن تواجد مع العدل، فلا يمكن تحمل الفقر وتبعاته مع وجود الظلم. ويضيف: «كلما وُجدت الأزمة المالية تمركز الإنسان حول ذاته، فلا يستطيع أن يضحى من أجل الآخرين، فتزيد الأنانية ويتراجع الانتماء للوطن، ولا يحدث ذلك فى حالات الحروب والكوارث، لأن الكل سواء فيها، وهو ما حدث فى مصر وقت حرب أكتوبر عام 1973، حيث كان لدينا نقص فى الكثير من المواد الغذائية والرفاهيات، ولكن لم يكن لدينا إحساس بعقدة النقص لما نفتقده، الهدف الواحد كان يجمع الأمة». وحول علاقة المال بحوادث الانتحار يقول الدكتور عكاشة: «أجريت باليابان والولايات المتحدةالأمريكية العديد من الدراسات حول علاقة الأزمات المالية بالانتحار، وثبت بالفعل وجود علاقة بين خسارة المال والانتحار، وهذا سببه الإيمان، فالقاعدة أن من يمتلك الإيمان يمتلك الرضا والسعادة، ومن لا يمتلك الإيمان ينتحر».
