كل سنة ومصر كلها بخير.. الغنى والفقير، الصحيح والعليل، السائل والمسؤول، سكان مصر الجديدة والزمالك وما شابه ذلك وسكان العشوائيات والمدافن، كل سنة وكل واحد عايش فى مصر بيشرب من نيلها، ويغنى لها.. عمرك فى حياتك احتفلت بليلة رأس السنة؟ بصراحة ليلة رأس السنة لا تمثل للكثير من المصريين سوى تغيير النتيجة المعلقة على الحائط بأخرى جديدة بجوز جنيهات، أو التمهل قليلاً حتى تأتيه هدية من إحدى الشركات أو الهيئات!! فالأيام أصبحت لا تمثل للمواطن شيئاً، فكثيراً ما ننسى أن نمزق ورقة اليوم من النتيجة، وتتراكم الأوراق ثم نعود ونتذكر ونمزق الأوراق التى تركناها، لا نذكر من الأيام سوى يوم صرف الراتب، فهو يمثل لنا أجمل لحظات حياتنا، التى سريعاً ماتزول مع أول فاتورة كهرباء ندفعها، أو تليفون، أو حتى فاتورة الدروس الخصوصية! عندما نشاهد احتفالات رأس السنة فى التلفاز باختلاف قنواته وتردداته نكتشف أن المتحدثين تحدثوا فى العام الماضى، وقبل الماضى، ومنذ سنوات عن أمنيات وتطلعات لم يتحقق منها شىء، وكانت تتلخص فى مشاكل خارجية!! العراق وفلسطين، ورحيل أمريكا من أفغانستان، وفى هذا العام سيضيفون القبض على قراصنة الصومال، والإفراج عن الزيدى، وتمنياتهم لأوباما بتحقيق الأحلام، ومناشدة إسرائيل إيقاف العدوان على غزة، ولن يذكر أحدهم أى مشكلة أو تعثر لمصر وكأنهم يتابعون صحفاً غير صحفنا، أو يشاهدون قمراً غير قمرنا الميمون «نايل سات».. أجر الواحد منهم فى هذه الليلة - واللهم لا حسد ولا اعتراض - قد يكفى لحل مشاكل محافظة بأكملها، أو منطقة عشوائية بسكانها، وربنا يزيدهم... يكتفون بتمنياتهم لمصر بدوام الصحة والسعادة، لكن لا مصر تمتعت بالصحة، ولا شعرت يوماً بالسعادة!! ودائماً ياعينى بتبكى! فلو خصص جزء من الأرقام الفلكية التى تنفق فى هذه الليلة لخدمة قرية مصرية أو منطقة عشوائية لأدخلنا البهجة على الكثيرين.. فلماذا لا تكون هناك جمعية أو جهة مسؤولة - تخضع للمراقبة - تتولى جمع التبرعات والإشراف على صرفها للمستحقين؟؟ وكذلك فتح باب التبرعات لكل مصرى يستطيع المشاركة «فرب درهم سبق ألف درهم»، وإذا حدث ذلك يوماً ما فأعتقد أن المصريين جميعهم سيحتفلون برأس السنة وستغمرهم الفرحة والسعادة.. ده لو حدث!! محمد الزمزمى