لا يمكن للحكومة أن تتحدث عن دولة القانون وسيادة العدل والمساواة.. وهناك كبار لا ينطبق عليهم القانون، فبعد هروب يوسف عبدالرحمن وراندا الشامى ومن بعدهما محمد عبدالمنعم الملاح، رئيس نادى الشمس، رغم صدور أحكام قضائية نهائية ضدهم، ومن قبلهم ممدوح إسماعيل مالك العبارة المنكوبة.. لم يعد هناك مجال للحديث عن العدالة ولا حتى كلام عن دور الأجهزة الرقابية فتجاوزات يوسف عبدالرحمن لم تظهر بين ليلة وضحاها، ونفس الأمر ينطبق على الملاح وممدوح إسماعيل، أم أن الأجهزة الرقابية قدمت تقاريرها كالعادة ولم يلتفت إليها أحد أو صدرت لها أوامر بحفظها فى الأدراج. حتى بعد حكم القضاء هرب عبدالرحمن وراندا والملاح ولم يظهر أى مسؤول بأجهزة الأمن ليدافع عن هذا الإهمال الجسيم «إذا تمت عملية الهروب دون تنظيم أو عمد»، ويقول لنا أين التحريات والمباحث وهل لم يكن أحد يعلم أن هؤلاء على وشك حكم يمكن فيه إدانتهم. يبدو أن الشعب المصرى سيظل يتحسر دومًا على ثرواته التى تضيع دون ضابط ولا رابط، حتى عندما ينكشف الأمر يهرب الجناة دون حساب ولا عقاب بينما مازال المسؤولون يتفاخرون بتصريحات حول العدالة والمساواة وسيادة القانون.. ولا أعرف أى قانون ذلك الذى أتاح ليوسف عبدالرحمن كل هذا النفوذ داخل وزارة الزراعة.. وأتاح له الفرصة للقيام بجرائمه مع راندا الشامى وكذلك ممدوح إسماعيل الذى حصل على أراضى الميناء بإيجار زهيد وفعل كل شىء لتيسير مصالحه حتى غرقت العبارة وأيضًا محمد عبدالمنعم الملاح.. وعندما دخل بعضهم إلى قاعة المحكمة - وهو إجراء استثنائى فى مصر - ثم صدر حكم الإدانة هربوا وكأنهم كيانات خيالية لم يرهم أحد. لا أجد وصفًا لما يحدث سوى أنه فساد منظم وحماية مستمرة للفاسدين تضمن لهم الرعاية من البداية حتى النهاية.. وأن الفقراء فى هذا البلد هم وحدهم المعرضون فقط للسجن.. وحتى الحالات الفردية التى تمت فيها محاكمة كبار المسؤولين فى مصر وفسرها البعض وقتها بأنها تصفية حسابات بين أجنحة داخل النظام وفسرها البعض الآخر بأنها تمثيلية لحفظ ماء وجه النظام تأكيدًا لتصريحات مسؤوليها بأن هناك عدالة وسيادة للقانون لكن التمثيلية لم تكتمل وهرب الجناة وليتحسر الشعب على أمواله وثرواته التى نهبت وأرواح مواطنيه التى زهقت دون رادع وبعد ذلك يظهر البعض ليحدثنا عن مشكلة الانتماء. لقد ارتضينا مرغمين أن يعاقب الجناة الظاهرون فقط وأن يسبغ النظام حمايته على الجناة الحقيقيين الذين أتاحوا الفرصة لهؤلاء لنهب ثروات دون محاسبة قانونية أو سياسية وكان الخروج من المنصب بعد سنوات كثيرة هو العقاب الأخير دون مراعاة لضمير وطن أو لتاريخ سيسجل كل هذه الأحداث وسيرصد عجز أجهزة الأمن والرقابة عن كشف حالات النهب والسرقة وعن منع هروب الجناة بعد صدور أحكام ضدهم، أى منع إقامة القانون الذى من المفترض أنه أساس الحكم. ■ ■ إذا عجزت أجهزة الأمن عن إعادة الجناة إلى السجن لينالوا عقابهم الذى قررته المحكمة فالمصيبة كبيرة.. أما إذا كان الهروب مخططًا فالمصيبة أكبر.. وعلى مصر السلام!!