«إسلام».. اسم لا تتجاوز دلالته التدين بالفطرة، الساكن بقلوب المصريين، «هو» ليس لاعب كرة «محترفاً»، ولا وجهاً «مستفزاً» يحتكر الشاشة الصغيرة بتصريحاته «الفجة». «إسلام» مواطن مصرى «غلبان»، ينحنى لكل أشكال «السلطة»، ليعود إلى أبويه بجنيهات معدودة، لا تصل للرقم «10» ! مثل معظم المصريين، لا يعرف أن الأموال حين تتجاوز الستة أصفار، تمنح صاحبها «حصانة» ضد «الجوع» و «السلطة» معاً! إنه من عالم «غريب» على سكان الأبراج، مجرد «شريطة» على ذراع «رجل أمن» ترعبه، وكأنه الوحيد فى هذا البلد الذى جرّب قسوة أنياب القانون، حين تنهش رقبته، وتسحب منه (التوك توك) ليعود إلى المعلم (لقب كل مالك) بحسرته قبل عيد الأضحى بأيام قليلة. تُرى هل كان يشعر ب «الخجل» من مواجهة والده «القعيد»، لأن يديه خاويتان من (كيلو لحم) تضمهم لجموع المسلمين فى يوم العيد؟ أتصور أن «إسلام» كان يفكر فى قانون تلك المهنة، الذى يقهر الجميع دون استثناء، إنه قانون شفاهى تفرضه «أمراض السلطة» فى الأزقة الضيقة: (إتاوات تفرض على السائقين، والكل يرضخ تحت التهديد بسحب السيارة ووضعها فى «الحضانة»، التى تصل الغرامة بها إلى 1000، فيسلمون «إيراد اليوم» وفوقه «كرامتهم»!). إنها تنازلات يقدمها الفقير، مقابل «لقمة العيش»، دون أن يتطفل بسؤال «بارد»: (أليست سلوكيات بعض رجال الأمن «بلطجة ميرى»؟). لم يكن «إسلام» يملك ترف طرح الأسئلة، فى زمن الخوف قد نبتلع كلمة الحق قبل أن تقتلعنا أيادى البطش من الوجود.. حاولت أن أرسم صورة خيالية لذلك الشاب (25 عاماً)، هل كانت له «فتاة أحلام»، أو كان يحمل «بطاقة انتخابية»؟. ثم حاولت أن أبحث له عن «ذنب»، يكفّر عنه بالموت حرقاً: ربما تحرش ب (بنت الحتة)، قطعا لا، وإلا لماذا انتفض سكان شارع 45 بحى العصافرة، غضبا لحرقه! (20 سيارة أمن مركزى حاصرت الشارع، وواجهت جموع الغاضبين بقنابل الغاز المسيل للدموع، وقبضت على 16 مواطناً)! ربما يكون «إسلام» صاحب «كيف»، أو أن الشيطان حرضه على الانضمام لمظاهرة ما، أو أن «صحيفة سوابق» تقول إنه يواظب على الصلاة فى المسجد، ويطلق لحيته.. وتلك أعراض تفسرها (العقلية البوليسية) ، بأنها انضمام لخلية إرهابية! للأسف لم أجد ل «إسلام» ذنبا إلا «الفقر»! نعم.. فى مصر ملايين الفقراء، لم يشتبك مع «الأمن»، إلا «المشاغبون» منهم. هذا إذا اعتبرت أهالى «الدويقة»، وضحايا عبارة «ممدوح إسماعيل»، وعمال المحلة، جميعهم متهمين ب «التخريب» و«التجمهر بدون تصريح»، لكنهم جميعا «ضحايا» للفساد، قرروا فى لحظة «تهور» المطالبة بالعدالة الاجتماعية والمساواة، والبحث عن «حقوق المواطنة» المهدرة، بفعل الرشوة والاستبداد. إلا «إسلام قنديل» فقد «ركع» ليقبل أقدام «الباشا - الضابط»، ليتركه يمضى فى سلام! كان يعلم أن الدولة تتقاضى الجمارك عن استيراد (التوك توك)، وترفض ترخيصه. شبح اغتصاب «عماد الكبير» فى قسم الشرطة يطارده.. «الموت» أهون – أحياناً - من دخول أقسام الشرطة!البسطاء لا يصدقون منظمات حقوق الإنسان، لا يتابعون محاكمات انحراف بعض رجال الشرطة! البسطاء لا يثقون فى الحكومة.. «رجل الأمن» هو الحكومة الفعلية التى تفرض نفوذها وجبروتها على الشارع، وهو الذى يحدد طريقة التنكيل بالمواطن: من رحلة (كعب داير) إلى قضية (أمن دولة)، حتى تكدست السجون بالمعتقلين (بقانون الطوارئ) والمجرمين والمظاليم! لماذا تصور «إسلام» أن «حياته» لها ثمن، ليسكب البنزين على نفسه ويهدد بالانتحار؟! إنه مجرد «رقم» فى قوائم الموت المجانى، فى بلد شعاره : «الموت للفقراء»! [email protected]