أعجب العجب أن يقف العقلاء هكذا مكتوفى الأيدى والأرجل مشلولى التفكير ، وكأن ليس لهم دور إلا أن يقفوا كشعب فرعون الذى وصف بأبشع الأوصاف وصف بها شعب فى التاريخ ، فليس من المعقول ولا من المقبول أن يقف عقلاء مصر كمتفرجين على ما يحدث دون حراك وكأنهم أموات أو تماثيل فى متحف الشمع ، فهل عقمت مصر من الرجال ؟! من يشعل النار 00 ؟ لقد اشتعلت نار الفتنة بالفعل ، فلن يوقفها أحد من الغوغائيين من هنا أو هناك ، فالغوغائيون هم وقودها وهم حطبها وزيتها وزفتها وقطرانها ، فلن تبقى النار على أحد ، فلن تلبث إلا أن تأكل الأخضر واليابس فى مصر والجزائر والأمة كلها ، فلم يكتف مشعلوا النار بالفرقة والانقسامات الداخلية بين البلد الواحد من ملفات طائفية وعصبية قبلية ، وسنة وشيعة ، وحزبية فاشلة ضعيفة، وإعلام هابط و متدنى لا يعمل لحساب مصر ، بل كل انتماؤه لمن يدفع أكثر. لقد امتدت أيد موقدى النار القذرة لتنال شعبين – هما كبيران رغم أنف الحاقدين - ، فشقت صف الأمة ، وتكاد تعصف بالبقية الباقية من الجماعة المتراصة ، والمرابطين هنا وهناك ممن لا ناقة لهم ولا جمل إلا فى حماية أمتهم من أن تنزلق إلى الانهيار التام ، الذى يوشك أن يقع 00 ! والأدهى من ذلك أن يد الفتنة ومشعلوا النار لم يكتفوا بالوقيعة بين مصر والجزائر – الشقيقتين الكبريتين - ، بل بدأت اليد الممسكة بالشعلة الحاقدة أن تضرمها فى أسرة الرئيس حسنى مبارك نفسها ، فتوقع العداوة بين الشقيقين الأكبر والأصغر ، وكأننا أمام قابيل وهابيل مرة أخرى فى مسرحية الزمن الدوارة 00 ! نعم لقد انقسم البلطجية ما بين مهلل لجمال ، ومشجع لعلاء ، رغم أن دور علاء لم يبرز كمنافس أبدا لشقيقه على سدة الحكم ، إلا فى مكالمته الصاخبة لبرنامج البيت بيتك ، فلعل من أوعز له بتلك الكلمات هو نفسه من عز عليه أن تعيش مصر فى أمن وأمان ، فهو يريد أن تعصف ريح الدبور بمصر كلها ، فقد لعبت بعواطف المطبلاتية ، فظنوا أنهم بذلك يرضون النظام ، فتشايع كل على حسب توجهه لأحد الشقيقين. وليلق أى أحد - ممن يريد أن يعرف الحقيقة - نظرة على المدونات ومحركات البحث ، فسيجد ما يذهله ، فهو ما يؤيد ما فهمناه . وأنا أنقل لكم من جريدة اليوم السابع – السبت 21نوفمبر 2009م وما كتبه بعض ممن ينتمون لصحافة آخر الزمان . يقول فى كلام ممل ومكر وكثيف : المهم.. فى الوقت الذى استسلم فيه جمال مبارك إلى نصائح من بجواره بضرورة الهدوء والتزام الصمت على اعتبار أنه شخصية سياسية لها ثقلها ومحسوب عليها أنفاسها، تحرك أخوه الأكبر السيد علاء مبارك بكل تلقائية ونجح من خلال مكالمتين هاتفتين قال فيهما ما قاله عن غضبه من أحداث السودان، وبلطجة الجزائر، وضرورة رد كرامة المصريين أن يكسب ما فشل جمال مبارك خلال سنوات طويلة ماضية فى الحصول عليه.. إعجاب أهل الشارع والدعاء له، لا عليه. مكالمتان فقط خلال 48 ساعة، مدة كل واحدة فيهما لم تتجاوز 10 دقائق، وتكلفتهما لم تتعد خمس جنيهات على اعتبار أن الأستاذ علاء خط مش كارت، كانت كافية لأن تجعل الابن الأكبر للرئيس مبارك هو حديث الشارع المصرى ثم يقول : ادخل على كل المنتديات والمواقع ولاحظ كيف تفاعل الجمهور المصري مع كلمات علاء مبارك واعتبرها نصرا وتعويضا له عن صمت الرموز السياسية فى مصر، انظر لكافة التعليقات على حديثه الذى تحول إلى مقاطع فيديو هى الأكثر انتشارا فى مصر الآن وستدرك كم أن الشعب المصري غلبان وطيب، وتكفيه الكلمة الحلوة التى يشعر من خلالها أن الناس اللى فوق حاسين بالناس اللى تحت. وأنا لا أدرى من أين لهذا الصحافي وتوجهاته الشاذة ، من أين له معرفة بالناس اللى تحت ولا الناس اللى فوق ، وما هذه القسمة الفرعونية الساقطة والبغيضة ، فمن يدافع عن كرامة المصريين لا يقبل تلك القسمة والطبقية الهابطة ، فمن من المفترض أن المصرين جميعا سواسية لهم كل الأهلية المصرية والكرامة الإنسانية 00 ! هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن كثيرين من الشعب المصري لا صلة له بالإنترنت والمواقع ، فيكفي الغلابة قنوات صب الزيت المغلى على نار الفتنة ، وعواطف الغوغائيين المنفلتة لإضرامها تطوها بلا مقابل ، كعادة السفهاء ! وعموما ، لعل البعض يرمى إلى اتهام قوى خارجية كالولاياتالمتحدة مثلا ، وبخاصة ما يتردد هناك وينشر من تقارير مفبركة حول عملية التوريث بمصر ، وما يصاحب ذلك من تكهنات . ونذكر هنا ما جاء فى تقرير جيرمى شارب الذى أعده ( مصر : خلفية وعلاقات الولاياتالمتحدة ) مفبركا ، فقد قرأت الملخص الذى نشرته جريدة المصريون للنسخة التى حصلت عليها من التقرير ، فلم أجد فيه أى شيء يوحى بعبقرية الباحثين والمحللين الإستراتيجيين ، بل هي قصاصات ورق قص ولصق كما يفعل الصحافي الفاشل - وما أكثرهم - أجزم أن معظمها نقول من مقالات المحللين السياسيين بجريدة المصريون ، بل وحتى هواة الكتاب فى جريدة المصريون 00 ! ومن ذلك : 1- إمكانية انقلاب ناعم تقوم المؤسسة العسكرية ، وهو مطلب لبعض المثقفين الذين فقدوا الأمل فى الإصلاح بسبب شياط الفساد وترهل النظام الحالى ، وهو ما لم نوافق عليه فى مقال لنا سابق نشرته جريدة المصريون نرفض فيه فكرة قيام إنقلاب أو ثورة بمصر مرة أخرى ، فقد جربنا الثورات والإنقلابات فى علمنا ، فلم تفلح هنا أو هناك إلا فى خلق محتكرين سلطة وتجار كلام جدد . 2- إن يبق الرئيس فى السلطة مدة أخرى وهو أمر معروف ومعهود فى حكام العالم العربي ، فقد اشتكت كراسى الحكم من عض أسنانهم ، حتى ولو كانت صناعية. 3- أن تنتقل السلطة إلى جمال مبارك بيسر. لعلة تعديل الدستور والمادة 76 ، وهو أمر قتل بحثا ولغطا ورفضا ، فلا أحد من هنا أو هناك يقبل أن يحكم شاب يصاهر المال ويصاحب رجال المال والأعمال على حساب مصالح شعب كافح واستشهد شبابه وسجنت واعتقلت رجاله ونسائه ومفكريه وأحراره لأتفه الأسباب لا لشيء إلا لمعارضتها السلطة والفساد المستشرى فى مصر . ولكن – ما هو الحل الآن ؟ يبدو لنا أن الحل أبسط مما يتصور الكثيرون ، فلكي تتحقق العدالة الاجتماعية وتحل مشاكل التخلف عن ركب التقدم الحضاري وتسرع عوامل الاستثمار والتنمية وتحل مشكلات الشباب والبطالة والإسكان والزواج ، فلا بد من عدة تغييرات جذرية منها : 1- تعديل الدستور الحالي وإطلاق الحريات وحرية تشكيل الأحزاب فى إطار دستور مصري تشريعاته لا تعارض نصا شرعيا لا فى القرآن ولا فى السنة المطهرة. 2- دستور يحمى كرامة المواطن ، ويصل مصر ببلاد العرب والمسلمين وإخواننا فى كل أرض الله الواسعة. 3- دستور يقف فى وجه المحتكر والمستغل ويقوم على أساس من العدالة الاجتماعية السليمة والديموقراطية الحقيقة . 4- دستور يشجع العلم والعلماء ويفتح الباب للموهوبين أن يخرجوا كنوزهم التى وهبهم الله تعالى لا فى الفن والكرة فقط ، بل قبل ذلك وبعده فى علوم التكنولوجيا والذرة والنانو تكنولوجى وغيرها مما لا نعلمه نحن الكتاب من غير المتخصصين فى علوم الحياة العصرية الحديثة. 5- دستور يحمى شبابنا من العري والأفكار المستوردة والعادات التى يعزف عنها أهلها من الأوربيون والأمريكان ويصدروها إلينا مع معوناتهم المشروطة ، وفنونهم الفجة المشوهة للجمال والمعادية للذوق الرفيع والفطرة السليمة . 6- دستور يدافع عن قيم الحق والعدالة ومكارم الأخلاق ويقوم كحائط صد أمام مظاهر العري والفجور التى يحاول رئيس الإذاعة والتلفزيون أن يسوقها بطريق رخيص وهو منع المحجبات من العمل فى القنوات التلفزيونية التى يملكها الشعب ، فليست ملكا له ولا لمن عينوه ، أم يظن أنه ورثها عن جده أو أبوه ، ألا يخجل ، فقد ضاهى العلماني سويرس ، أم لعله يطمع فى وزارة الإعلام أو الثقافة 00 ! لقد صارت مصر كلأ مباحا لكل سائمة ! وإلا ما سر تلك البرامج التى تخصص فى نشر الفاحشة والفجور ؟ لقد صدمت بالأمس 3نوفمبر 2009م مساء عندما شاهدت حلقة من مثل هذه البرامج يديرها الممثل المتصابى ومذيعة البرنامج التى لا أعرفها ، واحدة وخلاص ، وجمهور شاذ من المتزوجين يقصون حكاياتهم الساقطة فى الخيانة الزوجية ، بل يتفكهون وتعلوا ضحكاتهم لجرائم زنا لو صحت لاهتز لها عرش الرحمن . فهل حقا مازالت مصر تدار بالتقارير الأجنبية كما كانت تدار منذ الاحتلال البريطاني بأوامر اللورد كرومر؟ ! وإنا لله وإنا إليه راجعون ( وعلى الله قصد السبيل ) *****