المصريون والعرب احتفلوا ب«قبلة الوداع»

حدث مثل ضرب رئيس أكبر دولة فى العالم بالحذاء.. لا يمكن أن يمر مرور الكرام. لا يحتاج لمجرد «وقفة» إعلامية، لأن العالم كله وقف مشدوداً على أطراف قدميه لمتابعة الحدث، الذى هو أغرب من الخيال ومن لحظة وقوعه اجتاحت قلوب المصريين والعرب شلالات سعادة لا يستطيع كل وسائل الإعلام الوقوف أمامها.
وعلى سبيل المثال، احتفل عدد كبير من النجوم والإعلاميين المصريين العرب بضرب الرئيس الأمريكى جورج بوش بالحذاء فى العراق، من خلال حلقة أمس الأول من برنامج «الحياة اليوم»، التى استمرت ما يقرب من خمس ساعات، فقبل دقائق من ختام الحلقة، التى استضافت فى آخر فقراتها الفنانة ليلى طاهر بثت وكالات الأنباء خبر ضرب الرئيس الأمريكى جورج بوش بالحذاء، وأخذت الحلقة مساراً آخر، استمر حتى الواحدة والنصف ليلاً، عرضت خلاله لقطات خاصة لواقعة الضرب خلال المؤتمر الصحفى، وما أعقبها من اعتداء على الصحفى العراقى.
الصدمة التى بدت على وجه شريف عامر ولبنى عسل، مذيعى البرنامج، والضيفة ليلى طاهر أثناء عرض هذه اللقطات التى شاهدوها على الهواء لأول مرة لم تمنع شعور السعادة الذى تسلل إليهم، وإلى كل العاملين فى الاستوديو بوصفهم عربا، تفاعلوا مع المشهد.
وقالت ليلى طاهر: فى قاعة مثل هذه بالتأكيد يفتشوا الصحفيين بحثا عن أسلحة، لكنهم لم يلتفتوا إلى السلاح الذى يحمله كل شخص منا، وهو حذاؤه.. ثم حيت الصحفى العراقى واستمرت طوال ساعتين ونصف الساعة تحلل مع ضيوف الحلقة الذين توافدوا فى مداخلات هاتفية المشهد.
وأضافت: ليلى طاهر «فرحانة جداً لأن التاريخ سيسجل هذه الحلقة واللحظة التى أهين فيه رئيس أقوى دولة فى العالم، وأظن أن كتاب السينما والتليفزيون سيحولون هذا المشهد إلى دراما متكاملة ربما بعد 10 سنوات».
أكثر من 46 ألف اتصال ورد إلى البرنامج، نجح منها ما يقرب من 60 مداخلة هاتفية كلها حملت نبرة واحدة: فرحة.. شماتة.. وربما سعادة.. أولى هذه المداخلات كانت من الكاتب الصحفى والمحلل السياسى الكبير جهاد الخازن، الذى استهلها بعبارة طغت عليها الفرحة: «يستاهل».. الخازن أكد أن اعتراف بوش بخطئه فى الحرب على العراق أعاد الأحزان لنحو مليون أسرة عراقية، لقى بعض أفرادها حتفهم على يد الأمريكان فى هذه الحرب، وأن الحذاء هنا هو رد الفعل الوحيد الباقى والممكن تجاه جرائم بوش فى هذه الحرب، خاصة مع الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.
وأكد الكاتب الصحفى والنائب مصطفى بكرى أن الصحفى العراقى قام بعملية استشهادية، لأن الضرب بالحذاء هنا أقوى من أسلحة الدمار الشامل.
وقال: دخلنا مرحلة ما بعد النووى.. مرحلة الضرب بالحذاء وعلى كل ظالم أن يتحسس رأسه من الآن ويعرف أن حذاء سيطير فى اتجاه وجهه فى يوم من الأيام.. إنه ثأر لكل العراقيين وللمناضل صدام حسين، ورسالة إلى باراك أوباما الرئيس الأمريكى المنتخب نحذره من اتباع خطى بوش، لأن وقتها ستكون كل أحذية العرب فى انتظاره.
ورغم أن تصرف الصحفى يخرج عن كثير من الأعراف المهنية حسب تأكيد الكاتب الصحفى مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم» إلا أنه أكد سعادته بهذا التصرف الذى رد فيه الاعتبار لكل عراقى انتهكت أرضه وعرضه على يد الأمريكان، وصرخة فى وجه الظلم.
وطالب الجلاد بأن لا تأخذنا الفرحة بتصرف الصحفى العراقى بعيداً إذ يجب أن نبحث عن مصيره ونقف وراءه مدافعين، ليس بلغة العرب، لكن بلغة الديمقراطية التى تدعيها أمريكا.
وقال: «دى مش قبلة واحدة دول قبلتين، ولو فعلا أمريكا بلد الديمقراطية كان بوش طلب من حراسه والشرطة العراقية التى أوسعت الصحفى ضربا وركلا أن يتركوه يعبر عن رأيه، لا أن يعتقلوه وينكلوا به».
النائب حمدين صباحى بدا سعيدا ضاحكا وهو يقول: «والله ضرب الجزمة قليل عليه، وأقول للصحفى العراقى تسلم إيدك.. وزى ما المسلمين رجموا الشيطان أثناء الحج بالحصى - وهى أطهر من أن يرجم بها بوش - رجم العراقيون بحذاء هذا الصحفى بوش. تمام زى ما الأمريكان ضربوه بالجزم فى الانتخابات».
واكتفى النائب البدرى فرغلى بكلمات مقتضبة: «سبحان الله العراقيون أعدموا بوش رميا بالحزم فى عيد الأضحى، زى ما هو أعدم صدام حسين فى العيد أيضاً».
وانفرد البرنامج بحديث مع د. فراس الجبورى، أستاذ القانون الدولى، والذى كون جبهة من 100 محام عراقى للدفاع عن الصحفى العراقى وأكد الجبورى أن جبهات الدفاع تتكون حالياً لحماية هذا الصحفى من بطش الأمريكان، إذ تبرع 50 محامياً أردنياً للدفاع عنه، فضلاً عن 100 محام تحت قيادة اتحاد المحامين العرب، وعدد من المحامين المصريين.
وأضاف الجبورى أن الصحفى العراقى يعد أحد أبطال المقاومة العراقية وتسرى عليه الأعراف والقوانين الدولية، التى تمنع المساس بهم ومعاملتهم بشكل سيئ، مشيراً إلى اتخاذه أكثر من خطوة تجاه الحكومة العراقية التى وقفت مكتوفة الأيدى أمام ضرب أحد أبنائها على يد الأمريكان، وسيتم التحرك فوراً على مستوى نقابات الصحفيين فى العالم العربى واتحاد الصحفيين العرب، ورغم إدانة مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين هذا التصرف فإنه أكد على وقوف اتحاد الصحفيين العرب الذى يرأسه إلى جوار هذا الصحفى لمحاسبته وفق القانون العراقى، فلا يصح أن تتجاوز العقوبة حجم الجرم.
وأكد الفنان فاروق الفيشاوى فى مداخلته أن ما حدث هو أسعد موقف فى حياتى كلها، وقال: «أعيب على من يقولون إن تصرف الصحفى خارج عن المهنية واللياقة، وأقول لهم، طب هو بوش كان اتصرف بلياقة فى تعامله الوحشى مع العراقيين ولا موقفه السلبى من الفلسطينيين» الأمر نفسه أكد عليه عدد كبير من الفنانين منهم نادية لطفى وحسين فهمى والمخرج محمد فاضل والكاتب عبدالله كمال، رئيس تحرير روزاليوسف، ومحمد صلاح الزهار ومحمود معروف، والفنان أحمد بدير الذى قال ساخراً: أنا بصراحة زعلان، أصل الجزمة ما لبستش فى وشه، كان نفسى تيجى فى وشه وتعلم كمان، عشان يعرف العرب ممكن يعملوا إيه.
واستقبلت الحلقة كماً هائلاً من الاتصالات التليفونية من مواطنين مصريين وعراقيين وعرب عبروا عن سعادتهم من موقف الصحفى العراقى وفرحتهم به، ومساندتهم له فى أى عقوبة قد يتعرض لها، وتم عرض صور فوتوغرافية للرئيس الأمريكى جورج بوش بعد الواقعة وأخبار تناولت رد فعله ورد فعل أوباما. يرأس تحرير البرنامج الكاتب الصحفى محمود مسلم ويخرجه أحمد عبدالتواب ويرأس القناة محمد عبدالمتعال.