حملّت نيفين الطاهرى، خبيرة الاستثمار وأسواق المال، سوء الإدارة، مسؤولية فشل بيع بنك القاهرة، مؤكدة أن الصفقة كانت تحتاج قراراً شجاعاً، خاصة بعد الغضب الشعبى الذى أعقب بيع شركة عمر أفندى، وأن العرض الذى تقدمت به اليونان لشراء البنك لن يعوض. وقالت الطاهرى، التى قادت فريق عمل اللجنة الاقتصادية فى الحزب الوطنى، لإعداد ورقة سياسات حول المرحلة الثانية من الإصلاح المالى والمصرفى، إنه لابد من نقل آلية الثقة إلى البنوك وإعادة النظر فى أسعار الفائدة، نافية وجود أى علاقة بين تجاوز مصر تداعيات الأزمة الاقتصادية وعدم ارتباطها بقوة بالاقتصاد العالمى.. وإلى نص الحوار: ■ لماذا نجح ملف الإصلاحات المالية والمصرفية دون غيره من الملفات الأخرى التى تحدثت عنها الحكومة؟ - أعتقد أن القطاع المالى له صبغة مختلفة عن غيره من القطاعات الأخرى، لأنه قطاع خدمى، من الممكن إصلاحه دون ضخ سيولة كبيرة، على عكس إصلاح التعليم فبالرغم من أنه خدمى فإنه يحتاج لسيولة ضخمة. ■ هل حققت المرحلة الأولى من الإصلاح النتائج المرجوة؟ - قطاعنا المالى حقق نتائج جيدة لأن الإصلاحات بدأت من تحت الصفر، ولأننا وقعنا فى المشاكل التى وقعت فيها الدول الأجنبية فى مرحلة سابقة، وتعلمنا منها بشكل جيد مما ساعدنا على الاستفادة بصورة جيدة للنجاح فى تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية. ■ ماذا تبقى من المرحلة الأولى ولم يتم استكماله؟ - لايزال التمويل العقارى لم ينم بالشكل المطلوب، فرغم التوقعات التى حددتها ورقة الإصلاح الأولى للحزب الوطنى بسبب ضعف دخل المواطن بصفة رئيسية. ■ إذن كل قوى القطاع المصرفى تلاقت عند نقطة الإصلاح دون أى تعارض؟ - هذا حقيقى.. والقطاع المصرفى بطبيعته جزء من البنوك العالمية وكانت لدينا بنوك كثيرة دون تقديم خدمات جيدة، يعنى الخواجات كانوا يقولون عن قطاعنا كما يقول المثل الشعبى «ريش على مفيش». ■ هل كان الإصلاح فى هذه المرحلة سهلاً أم صعباً؟ - كان الإصلاح أسهل لأننا بدأنا بحل المشاكل الجوهرية والضرورية فى حالة رغبتنا فى رفع نمو وقدرات القطاع. ■ هل كانت هناك مقاومة لإصلاح القطاع المصرفى؟ - لا، لأن البرنامج كان إجبارياً، والإجبار جاء من الخارج عن طريق اتفاقيتى بازل 1 و2، وأصبحت البنوك المحلية على محك التنفيذ والتواجد على الخريطة مع البنوك العالمية الأخرى أو لا، فالعملية ليست اختيارية، فإذا كنت تسعى للتعامل مع هذه البنوك فعليك الالتزام بالقواعد العالمية. ■ المرحلة الثانية التى أعلن عنها محافظ البنك المركزى ما ملامحها؟ - المحافظ أعلن عنها فى مؤتمر سابق بشكل واضح ويتمثل أبرز محاورها فى تدعيم البنية الأساسية للسياسة النقدية وتنمية الكوادر اللازمة، ومتطلبات هذه السياسة تتمثل فى تخفيض عجز الموازنة ليتواءم مع معدلات نمو اقتصادى غير تضخمى وتحسين إحصاءات متغيرات الاقتصاد الكلى وصياغة نماذج متطورة للتنبؤ بالتضخم وتشكيل مجموعة عمل متخصصة فى الأرقام القياسية للأسعار المتعلقة بالتضخم بالتنسيق مع الجهاز المركزى للمحاسبات. ■ لكن ما آليات تفعيل هذه المرحلة؟ - لابد من نقل آلية الثقة إلى البنوك، وإعادة النظر فى الفائدة، فلو نظرنا إلى البريد مثلاً فلديه 17 مليون حساب، بينما تبلغ فى البنوك 7 ملايين فقط، وهذا معناه أن الثقة أكبر من البريد الذى لديه مميزات غير موجودة فى البنوك. ■ ما أبرز الملامح التى تطالب بها ورقة الحزب الوطنى للإصلاح المالى والمصرفى؟ - تتناول القطاع المالى والمصرفى، وتتحدث عن النمو والتطوير وليس الإصلاح فقط، علماً بأننى أقود فقط المجموعة المالية والمصرفية، وأنا «مشهلاتى فهمان» لكل إصلاح تقترحه إحدى الفرق المشاركة، فالمهم تحقيق النتائج التى يستهدفها فريق العمل والتى تصب فى النهاية لصالح الاقتصاد والمواطن. ■ هل المرحلة الثانية لها توقيت معين للانتهاء منها على غرار المرحلة الأولى؟ - 5 سنوات.. وهى مجرد مسودة أولية لا يمكن القول إنها نهائية لحين موافقة الحزب عليها فى المؤتمر المقبل. ■ لكن جمال مبارك أبدى، حسب بعض المعلومات، إعجابه بهذه المسودة؟ - ميزة جمال أنه حاد.. لا يريد كلاماً كثيراً بل محددات وهو ما يتفق عليه أعضاء اللجنة. ■ بالعودة إلى القرارات التى أعلنها الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى، مؤخراً.. هل ترين أنها تتفق مع ما يستهدفه الحزب الوطنى؟ - العقدة ليس عضواً فى الحزب الوطنى، ولكن القرارات التى أعلنها تتوافق مع ورقة الإصلاحات التابعة للحزب. ■ يقال إن سبب نجاحنا فى تجاوز تأثيرات الأزمة الاقتصاد هو ضعف ارتباطنا بالاقتصاد العالمى؟ - ليس بالضرورة.. فهناك دولة أقل منا ارتباطاً، لكنها لم تنجح فى تجاوز التداعيات السلبية للأزمة. ■ لماذا لم تضع هيئة سوق المال خطة مماثلة.. هل بسبب ظروف السوق أم القائمين عليها؟ - أنا أتحدث عن البنوك، لأننى كنت فى المطبخ المصرفى وشاركت فى مجالس إدارات البنوك منذ بداية برنامج الإصلاح، ولا أستطيع الحديث عن البورصة، ولكن إصلاحاتها لم تكن مرتبة مثل القطاع المصرفى، فالبنوك بدأت عام 75 لذلك لديها نضوج، أما أول شركة أخذت ترخيص فى البورصة كانت عام 94، ولا توجد أوجه مقارنة بين القطاعين. ■ هل البنك المركزى هو المنوط به محاربة التضخم أم الحكومة؟ - لا.. المركزى هو صاحب الدور الأكبر. ■ ماذا عن فشل بيع بنك القاهرة؟ - ده سوء إدارة.. وكان ينبغى الموافقة على العرض الذى تقدم به البنك الأهلى اليونانى وبلغ 2 مليار و250 ألف دولار فى 2007، فهذا العرض لن يتكرر مرة أخرى بنفس المبلغ فى المستقبل. ■ هل التراجع عن البيع جاء على خلفية الغضب الجماهيرى من صفقة «عمر أفندى»؟ - لا ألوم المتحفظ والحريص.. لأننا نرى طريقة التعامل مع الخطأ فى بلدنا بتخوف الناس، وبيع البنك كان يحتاج قراراً شجاعاً فى ظل السخط الجماهيرى على الخصخصة.