التمييز العمرى

تتحدث الصحف البريطانية كلها هذه الأيام عن الحملة الكبيرة من الانتقادات التى تتعرض لها هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» بسبب استبعاد مذيعة عن قراءة نشرة الأخبار لأنها تجاوزت سن الخمسين.
وفى حقيقة الأمر أن التليفزيون البريطانى لا يخلو من وجوه بعضها فى السبعينيات من العمر، وكثير منها فى الستينيات إلا أن كل هؤلاء لا يمكن أن يطلق عليهم وصف «مذيعين»، لأنهم من مؤلفى الكتب واسعة الانتشار وبالتالى هم أقرب للخبراء منهم للمذيعين..
والأهم أن معظم هؤلاء- بل باستثناءات قليلة- من الرجال.. فالرجال عامة أكثر حظاً فى الاستمرار، وتأتى أوصاف مثل «مخضرم» أو «أكثر خبرة» لتعطى لهم فرصة أكبر وسنوات أكثر.. ومع بدء الحملة تحررت المذيعات من الحرج وبدأن يتحدثن عن «التمييز العمرى»، وأشهرهن «آنا فورد» (65 عاما) التى تركت «بى بى سى» قبل ثلاث سنوات بعد أن أمضت سنوات طويلة واحدةً من أشهر مذيعات الأخبار فى تليفزيون «إى تى فى» الخاص..
وردا على الحملة الشرسة قررت «بى بى سى» الإعلان عن فتح باب التوظيف أمام مذيعات تجاوزن سن الخمسين، وقد صدر تكليف رسمى من مارك طومسون، المدير العام ل«بى بى سى» الرئيسية قسم الأخبار، للبحث عن مرشحات مؤهلات.. كما تقرر ألا يتم استبعاد المذيعات «الأكبر سناً» من ساعات الذروة على اعتبار أنهن كن يوضعن فى الأوقات الأقل مشاهدة.. وتصحيح «بى بى سى» يأتى احتراماً لأمور كثيرة، على رأسها القانون وحقوق الإنسان وكى لا تُتهم بالتمييز العمرى وأمور كثيرة أخرى..
تذكرت وأنا أتابع الصحف البريطانية مقالاً كان كتبه الزميل «يسرى فودة» فى صحيفة اليوم السابع منذ فترة بهذا الخصوص، عندما قامت قناة جديدة بإعلان فى الصحف تطلب فيه مذيعات بمقاييس شكلية مظهرية معينة، على ألا يتجاوزن سناً معينة.. وكأن القناة تبحث عن عروس للزواج لا عن موظفة بخبرات معينة..
وتذكرت أيضا جميل عازر مذيع الجزيرة الذى تجاوز الستين بسنوات ولا يزال واحدا من أفضل قراء النشرة، وبحثت فى قنواتنا العربية كلها وعلى رأسها الجزيرة عن قارئة نشرة أو مقدمة برامج أعطيت فرصة السيد جميل عازر فلم أجد..
بل على العكس فمعظم قارئات النشرة فى مصر بشكل خاص والمحطات الإخبارية العربية ممن تحت الخمسين، وكأن سيفا مصلتا على رقابهن اسمه العمر.. بدلا من الاستفادة مما يسمى «Authority» أي سلطة العمر التى تعطى مصداقية عند المشاهد من المذيع.. لذا أطالب بألا يكون للمذيعات المتميزات قارئات النشرة عمر معين.. ونفس الوضع لقارئى النشرة.. تريفور ماكونالد، أشهر مذيع فى بريطانيا: أسود وفوق السبعين ويقدم أهم نشرة مسائية.
rola_kharsa@hotmail.com