عندما تقرأ أو تسمع أو تشاهد «الشيخ الدكتور» زغلول النجار، وهو يقطع واثقاً بأن من يأكل لحم الخنزير تصبح طباعه خنزيرية، ويكتسب تدريجياً ملامح الخنزير، ويظهر ذلك على وجهه الذى «يتخنزر» مكتسباً شكل الخنزير.. فلابد إذن أن تتحسس عقلك. وعندما تقرأ بيان «الناشط القبطى» المقيم فى الولاياتالمتحدة موريس صادق، الذى يصفنى فيه وكل المسلمين المصريين بأننا أحفاد العرب الغزاة الذين احتلوا وطنه واغتصبوا أرضه، ويعيثون فى بلاده فساداً، فيضطهدون الأقباط، ويغتصبون فتياتهم، ويجبرونهن على اعتناق الإسلام.. فلابد أيضاً أن تتحسس عقلك، خاصة حين تراه يصف نظام الرئيس مبارك ب«الوهابى»، الذى يذبح الخنازير انتقاماً من الأقباط وتكريساً لاضطهادهم.. والأدهى من ذلك لوجود ثأر ما، بين المسلمين عموماً وبين الخنازير. لا تسأل نفسك، إذا كنت مسلماً، عن أصدقائك المسيحيين أو جيرانك أو زملائك فى العمل.. لا تدقق فى ملامح مئات الآلاف من السياح الذين يسيرون أمامك فى الشوارع كل يوم.. لا تتأمل فى وجوه الملايين على وجه الأرض الذين يأكلون لحم الخنزير وتفيض ملامحهم وسامة وجمالاً.. فقط اسأل نفسك سؤالاً واحداً: هل يصدق زغلول النجار نفسه.. ولماذا يجد من يصدقه؟ لماذا يفترض النجار أن هناك من سيصدق أن طعاماً، مهما كان محرماً فى عقيدته، يمكن أن يؤثر فى ملامح من يتناوله، حتى لو غلف قوله بعدد من المصطلحات العلمية والتعبيرات الطبية ذات الجرس الرنان؟ هل تريد رأيى؟.. المؤكد أنه لا يصدق نفسه لكنه يدرك أن هناك من يصدقه.. وإلا ما كان فعل ذلك وكرره. لا تسأل نفسك أيضاً: لماذا يصف موريس صادق رجلاً مثل ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل، ب«البطل» وهو الذى ينطق العبرية بالكاد، وجاء من روسيا قبل سنوات قليلة، ولا يصفه بالغازى أو المحتل، ويفترض أن كلنا غزاة ومحتلون.. لا تسأل نفسك أيضاً: لماذا يغلف موريس - أمريكى الجنسية، الذى أقسم على الدستور الأمريكى الذى يحترم عقائد مواطنيه - خطابه السياسى وخلافه مع النظام المصرى بخرافات دينية يختلقها ويستغلها ويسىء بها لنبى يؤمن به نحو 6 ملايين أمريكى «لم يحتلوا وطنه ولم يضطهدوا أهله ولم يغتصبوا نساءه»، إلى جانب ما يزيد على مليار مسلم فى أنحاء العالم؟ لا تسأل نفسك كذلك: لماذا يعتقد موريس صادق بعد أكثر من 1400 عام على دخول العرب مصر، أنهم غزاة ومحتلون، وأن حكوماتهم الحالية ليست إلا حكومات احتلال، ولا يرى ذلك فى نفسه ولا فى الأمريكيين الذين بنوا له «وطنه الجديد» قبل بضع مئات من السنين على أنقاض شعب آخر؟.. هل تعتقد أنه لم يشاهد الأفلام الهوليوودية عن إبادة الهنود الحمر، وكيف تعامل معهم الأمريكيون الأوائل على أنهم كائنات شيطانية نجسة، وكيف أقحموا المسيح فى استحلال دمائهم.. والمسيح منهم براء؟ لا تسأل نفسك: لماذا يفترض موريس صادق أنه مصرى أصيل «محسب ومنسب» وليس «خواجه» حفيدًا لأحد جنود جيش قمبيز الفارسى، أو لقائد من الهكسوس، أو لتاجر إغريقى، أو حتى لامرأة رومانية مجوسية اعتنقت المسيحية بعد إقرارها ديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية.. هل لديه ما يثبت أنه مصرى من نسل مينا موحد القطرين؟ لا تسأل نفسك كل هذه الأسئلة.. فقط اكتفِ بسؤال واحد: هل يصدق موريس صادق نفسه.. ولماذا يجد من يصدقه؟ ولا تندهش حين أخبرك أنه قطعاً لا يصدق نفسه، مثله مثل كل سياسى، لكن المؤسف أنه يجد من يصدقه. عندما تستمع إلى زغلول النجار أو موريس صادق، لابد أن تشك للحظات أنك تعيش فى عام 2009، لكن ما لا يمكن الشك فيه أن كليهما موريس وزغلول وجهان لعملة واحدة، يحركهما خطاب مصبوغ بالتدين والنضال، ومعبأ بالحقد والكراهية، ولا يستنكفان عن استخدام أى شىء فى المعركة، حتى لو كان لى عنق التاريخ والتقول على الأديان، لكنهما ينجحان فى دغدغة مشاعر جماهير مشحونة بالاحتقان والطائفية.. ومحملة كذلك بالإثم. قلت لك من البداية تحسس عقلك، وعندما تفعل ستعرف أنهما ليسا عدوين متصارعين، وليسا ضدين متنافرين بقدر ما هما حليفان متناغمان، يمتلكان خطاباً مشتركاً وهدفاً واحداً، لا يصب قطعاً فى مصلحة وطن أو عقيدة، والمؤكد أن من يصدقهما لم يتحسس عقله.. ولم يحاول.. وكما تعرف، فالعقل هو الشىء الوحيد الذى ميز الله به الإنسان عن باقى مخلوقاته. [email protected]