ألقى النزاع الأخير بين شركتى «أوراسكوم تليكوم» و«فرانس تليكوم» حول شراكتهما فى «موبينيل للاتصالات» بظلاله على دور الوساطة بين المستثمرين، خاصة الحكومية التى يفترض أن تستهدف الحفاظ على استقرار مناخ الاستثمار محليا. وأعاد هذا النزاع «مركز الوساطة بين المستثمرين » الذى أعلنت الحكومة اعتزامها إطلاقه إلى دائرة الضوء مجددا، خاصة أن أزمة الشريكين الرئيسيين فى «موبينيل» تعد الأكبر من نوعها بعد النزاع الشهير بين شركاء «إعمار مصر» قبل نحو عامين. وقال الدكتور شريف الهجان الخبير فى مجال التحكيم الدولى أن الوساطة تختلف عن التحكيم، فهى تعد محاولة للإصلاح بين الأطراف المتنازعة وتساعدهم على التفاوض وحل النزاع بطرق ودية. وأشار إلى أن نتائج الوساطة غير ملزمة للمتنازعين إلا إذا اتفقوا على النزول لرأى الوسيط ، وذلك على خلاف التحكيم الذى يكون قراره ملزما للأطراف . ورأى أن نجاح الوساطة فى مصر يحتاج لوقت طويل، لوجود مناخ من التسويف فى حسم النزاع على خلاف العديد من الدول الأوروبية التى غالبا ما يتم الاهتمام بالوساطة أو الالتزام بتنفيذ قرارات التحكيم . وينتظر أن تطلق الهيئة العامة للاستثمار العمل بمركز للوساطة بين المستثمرين الذى أعلنت عن تأسيسه قبل نحو عامين للحد من اللجوء إلى القضاء والحيلولة دون أن تؤثر الخلافات على نشاط المشروعات القائمة ومناخ الاستثمار بشكل عام، غير أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ خطوات حقيقية نحو تفعيل هذا المركز الذى يعول عليه الكثيرون فى البحث عن حلول لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، ويدفع فى النهاية باتجاه تعزيز مكانة مصر فى مؤشرات جاذبية الاستثمار بشكل عام. وقال سيد حنفى رئيس المكتب الفنى للجنة فض المنازعات بهيئة الاستثمار، إن اللجوء لمراكز الوساطة وفض المنازعات يعد أمرا بالغ الأهمية فى ظل سيطرة اقتصاد السوق. وأشار حنفى إلى أن مركز الوساطة الذى أسسته هيئة الاستثمار «لم يتم تفعيله حتى الآن»، مؤكدا أن المركز يأتى كأحد أهم آليات فض المنازعات بالطرق الودية قبل اللجوء لساحات القضاء، مما يوفر الوقت والجهد والمال للمستثمرين. وأكد أن لجنة فض المنازعات القائمة حاليا بهيئة الاستثمار تختص بالنزاعات القائمة بين المستثمرين وأى جهة إدارية أو حكومية، فى حين سيعمل مركز الوساطة المنتظر على حل النزاعات بين مساهمى الشركة الواحدة، كما هو الحال بالنسبة للنزاع القائم بين شركتى «أوراسكوم تليكوم» و«فرانس تليكوم» حول شركة «موبينيل». ولفت إلى أن الخلاف الدائر حاليا بين «أوراسكوم تيليكوم» و«فرانس تيليكوم» تخطى مراحل التسوية والوساطة الودية، مشيرا إلى أن هذا الخلاف يأتى حول تنفيذ حكم هيئة تحكيم. واستبعد تدخل الدولة فى النزاعات بين الشركات، مشيرا إلى أن قوانين سوق المال والشركات تحث المتعاملين على الالتزام ببعض الإجراءات الرقابية، لكن لا تلزمهم إلا فى حالات تحتاج إلى التدخل الرقابى «الإجبارى». وربما كان النزاع الذى نشب بين مؤسسى شركة إعمار مصر الفائزة بصفقة أرض سيدى عبد الرحمن قبل نحو عامين هو الدافع الأساسى وراء التفكير فى إنشاء مركز للوساطة تابع لهيئة الاستثمار. وتوقع العديد من الخبراء ورجال الأعمال المصريين أن يؤدى هذا المركز إلى حل العديد من المشاكل التجارية، مؤكدين أن عملية الوساطة والتوسع فى استخدامها فى مصر ستعمل على تحسين مناخ الأعمال للمستثمرين الأجانب وتشجيع نمو المشروعات التجارية المصرية وتسوية النزاعات التجارية.