صدر الأسبوع الماضى كتاب جديد للكاتب والفنان محمد فتوح (1955 - 2008) الذى رحل فى ذروة عطائه وشبابه بعد مرض لم يمهله سوى شهور معدودة. وقد صدر الكتاب عن «بستان محمد فتوح الإبداعى»، وهو اسم جميل بدلاً من جمعية أو مؤسسة محمد فتوح التى اجتمع على تأسيسها أصدقاؤه من الكتاب والفنانين، خاصة الكاتبة منى حلمى التى قدمت الكتاب بنص أدبى فى وداع المبدع الشاب مثل كل نصوصها التى تتميز بجمال خاص ينبع من جمعها بين عقلانية صارمة وعاطفة مشبوبة وسيطرة كاملة على مفردات اللغة بأسلوب متماسك. وعندما نقول الكاتب والفنان لا نقصد فنية كتابات فتوح فقط، وإنما أيضاً أنه باحث أكاديمى وكاتب مقالات وملحن ومغن لأغنيات من تأليف منى حلمى وماجد يوسف وسمير الأمير وغيرهم، ولذلك يحمل الكتاب بين دفتيه أسطوانة رقمية لمختارات من هذه الأغانى، وقد علمت من الكتاب أن الراحل الكريم حصل على الماجستير والدكتوراه فى علوم البيئة وعلم النفس البيئى من جامعة عين شمس، ووجدت ارتباطاً بين دراسته الأكاديمية التى وصل فيها إلى أعلى الدرجات العلمية وبين أفكاره والتعبير عنها بالكلمات والغناء والموسيقى، إذ يبدو أن دراسة البيئة ربما تفسر نزعة الكاتب إلى التأمل من منظور متسع كأنه ينظر إلى الأرض من الفضاء المحيط بها، وينظر إلى الإنسان كمخلوق من مخلوقات كون شاسع سره عند خالقه. الكتاب عنوانه «استلاب الحرية باسم الدين والأخلاق» وهو مجموعة مقالات نشرت فى مجلة «روزاليوسف» فى باب «حوار الأسبوع»، وهو باب فريد من نوعه من أبواب «بريد القراء»، حيث ينشر المقالات للقراء، بينما المعتاد نشر شكاواهم، وتعليقاتهم القصيرة، وكان الراحل قد أصدر فى حياته كتابين الأول «الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى» عام 2004، و«أمركة العالم.. أسلمة العالم.. من الضحية» عام 2006، والواضح من عنواني الكتابين أنهما يعبران عن موقف إنسان عاش عصره بعد 11 سبتمبر وتداعياته، والواضح من قراءة كتابه الجديد الذى صدر بعد وفاته أنه تناول فى مقالاته العديد من القضايا المهمة التى تشغل أغلب المصريين، من الفساد الصحفى إلى فساد المحليات، ومن الفساد الفلسطينى إلى فساد العمل السياسى باسم الدين. وفى نهاية الكتاب ملحق عن تعرض الكاتب لإهمال جسيم فى أحد المستشفيات الخاصة الكبرى أدى إلى وفاته، ومن واجب وزير الصحة أن يرد على ما جاء فيه، ويوضح الحقيقة للرأى العام. [email protected]