كل شىء فى مصر الآن يتحول إلى «موضة» إما دوت كوم أو ست كوم، والحكومة المصرية، أصبحت خليطًا من ال«دوت كوم» بحكم علاقتها بالكمبيوتر والاتصالات أو «ست كوم» بحكم طريقتها فى التصرف وتنفيذ السياسات. وقد كشفت الأحداث الأخيرة مدى تعثر الحكومة فى خطواتها فى مواجهة مشاكل مثل القمامة أو أنفلونزا الخنازير، ولولا حالة الاستنفار التى يضع الرئيس مبارك فيها الحكومة لكنا عانينا وواجهنا تطبيقًا فعليًا للمثل القائل «يوم الحكومة بسنة». لقد تحرك الرئيس مبارك وعقد الاجتماعات المختلفة مع الحكومة وقيادات الحزب من أجل دفع ورفع حالة الاستنفار لمواجهة خطر المرض وخطر القمامة وخطر زحام المدارس وغيرها من الأخطار. ولم تكن الحكومة مدركة مدى أهمية الوقت بالنسبة للتحرك خلال المرحلة القادمة، لدرجة أن الدكتور أحمد نظيف كان ينوى عقد اجتماع مجلس المحافظين بعد عيد الفطر، لولا أن أمر الرئيس بأن يكون الاجتماع فى أقرب وقت وهو ما حدث وترتب على ذلك اتخاذ قرارات مهمة بشأن تأجيل المدارس والمهام التى سيقوم المحافظون بتنفيذها. الغريب أن الحكومة لم تكن تدرك مدى خطورة مشكلة القمامة التى غطت الأرصفة والشوارع فى الجيزة لذلك لم تتحرك إلا عندما أمر الرئيس، وأمر رئيس الوزراء المحافظين بأن يسددوا مبالغ لشركات القمامة حتى تتحرك وترفع الأطنان الموجودة فى الشوارع وتهدد بكارثة مرضية وبيئية. الحكومة تعمل بأسلوب رد الفعل وانتظار التوجيهات، ليس لديها القدرة على المبادرة وإلا فما الذى يمنعها من حل مشاكل المواطنين دون عبارة بناء على توجيهات الرئيس!. لقد اعتادت الحكومات السكوت و«الطناش» لقضايا عديدة وذلك عندما لم يكن هناك سوى الإعلام الحكومى، ولكنها لم تعد تستطيع ذلك، لم تعد تستطيع أن تخفى رأسها فى الرمال فى ظل وجود هذا الكم والكيف من وسائل الإعلام، من صحف خاصة تحرص فى معظم ما تنشره على كشف ما تقوم به الحكومة، وهذا فى حد ذاته أمر طيب من جانب الصحف وليس من جانب الحكومة التى تحرص على إخفاء الكثير مما تقوم به أو مما لا تقوم به، أيضا فى ظل وجود الفضائيات التى لا تخفى عليها شاردة أو واردة، وفى ظل وجود شبكة الإنترنت المفتوحة على العالم كله، لذلك أصبح موقف الحكومة صعبًا فى حالة رغبتها فى التغطية على ما تقوم به أو ما لا تقوم به. لقد تطلب الأمر جهدًا كبيرًا بذله الرئيس مبارك خلال الفترة الماضية وكان حريصًا على تكرار توجيهاته بشأن السياسات التى يجب أن تقوم بها الحكومة. وكان الرئيس يتعامل من منطلق مسؤولياته أمام الشعب وواجبه الوطنى، فى حين أن الحكومة تعمل وكأنها متلق للأوامر فحسب، فهى غير منتخبة وهى ضامنة للأغلبية فى مجلس الشعب، لذلك لا يحركها بقوة إلا توجيهات الرئيس، وتجد الدكتور نظيف يطل عليك فى وسائل الإعلام بوجه هادئ ويتحدث عن كل الأمور والقضايا بما يعطيك انطباعًا بأنه لا مشكلة، لا توجد مشاكل فى هذا البلد وأن الدنيا بخير وأننا شعب موسوس يتخيل الأشياء بينما هى لم تحدث ولا تحدث. وهذه سمة الحكومة.. ست كوم.