سعر جرام الذهب عيار 21 في مصر اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    ثبات نسبي في أسعار العملات الأجنبية والعربيه بأسوان اليوم الأحد 26 أكتوبر2025    استقرار أسعار العلف والتسمين بأسوان اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    بعد منح 1 نوفمبر إجازة رسمية| هل يتم تبكير صرف معاشات هذا الشهر؟    ترامب يبرم اتفاقين اقتصاديين مع تايلاند وكمبوديا    "النقض" تنظر طعن سعد الصغير على حكم حبسه 6 أشهر بقضية تعاطي مواد مخدرة    طقس خريفي اليوم مائل للبرودة صباحًا وحار نهارًا.. العظمى بالقاهرة 30 درجة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة "قمرالوكالة" بتهمة بث فيديوهات خادشة    اليوم بدء امتحانات شهر أكتوبر لسنوات النقل    اليوم.. نظر الطعن على قرار منع إبراهيم سعيد من السفر    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير    بعد إعلان زواجهما رسميًا.. منة شلبي تنشر صورة تجمعها بالمنتج أحمد الجنايني    المتحدث باسم حركة فتح: وحدة الصف الفلسطيني ضرورية في المرحلة القادمة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 26 كتوبر    ما الشهادات المتاحة حاليًا في بنك مصر؟.. أعلى شهادة في البنوك الآن    الأنبا كيرلس في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي: وحدانية الكنيسة راسخة في قداستها وجامعيتها ورسوليتها منذ مجمع نيقية    نجيب ساويرس ينفي شائعات انضمامه للجنة إعمار غزة.. ويعلق: نفسي قبل ما أموت أشوف دولة فلسطين    القبض على المتهم بقتل سائق لخلافات عائلية فى الوراق    محسن صالح: لن نبدأ من الصفر في دعم المنتخبات وهذا الفارق مع المغرب    نائب رئيس حزب المؤتمر: احتفالية «مصر وطن السلام» أبرزت وجه مصر الإنساني ورسالتها الحضارية للعالم    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    روبيو: أمريكا لن تتخلى عن دعم تايوان مقابل اتفاق تجاري مع الصين    محمد سلام يشوق جمهوره لمسلسله الجديد «كارثة طبيعية»    مصرع وإصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بالمنيرة الغربية    السيطرة على حريق في منزل بمنطقة المنشية بالأقصر دون مصابين    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    الطريق إلى بروكسل    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    هانيا الحمامي تتوج ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش بعد الفوز على أمينة عرفي    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    ندوة بمطروح تناقش التقنيات الحديثة في الحشوات الضوئية للأسنان    الصحة: مصرع شخصين وإصابة 41 آخرين في حادث مروري على طريق (القاهرة - السويس)    استعدادات مكثفة لافتتاح «المتحف المصرى الكبير».. والحكومة: السبت المقبل إجازة رسمية    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    انتخابات الأهلي – الغزاوي: التنمية والاستثمار هما هدف المرحلة المقبلة للمجلس    محمد عبد الجليل: يانيك فيريرا أقل من تدريب الزمالك.. وأنا أفضل من زيزو بمراحل    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    وزيرة التضامن تتابع إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    أسعار الكابوريا والجمبري والأسماك بالأسواق اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    عضو إدارة بتروجت يكشف كواليس انتقال حامد حمدان للزمالك    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    ترامب يؤكد استعداده لخفض الرسوم الجمركية على البرازيل فى ظل الظروف المناسبة    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرة اللواء مصطفى زيد: ترك لنا «تاريخاً مشرفاً».. وكان يستعد ل «العُمرة» الخميس الماضى
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 08 - 2009

فى الأسبوع الأخير من ابريل الماضى ارتدى اللواء مصطفى زيد ملابسه الرسمية.. كان يومها فى كامل أناقته ولياقته ويقظته كالعادة. سيكرمه الرئيس مبارك ومعه عشرات من الضباط «المتميزين».
وقف يومها اللواء مصطفى ثابتا، قويا، أدى التحية العسكرية، وصافح الرئيس بيده اليمنى، وتسلم «الوسام» بيده اليسرى.
الأسبوع الماضى، وبالتحديد يوم الأربعاء وقبل الإفطار بساعة ونصف كان اللواء مصطفى زيد واقفا أعلى المحور يعاين مكان هبوط طائرة الرئيس مبارك ليفتتح «وصلة المحور الدائرى».
وقف الرجل بنفس القوة والثبات واليقظة. يتحرك بهدوء. ويضع «خطة التأمين»، مشهدين كان فيهما الرئيس قاسما مشتركا، لكن المشهد الأخير كان قاسيا على اللواء «زيد» وأسرته وزملائه، الذين يعرفونه.
أتوبيس يتبع جهة سيادية يأتى بسرعة رهيبة يزيح سيارة الشرطة، التى تقف على جانب الطريق ويدهس العميد مجدى عبد الله والمقدم أشرف فودة. ويكتشف جميع أفراد القوة بعد لحظات أن الأتوبيس أنهى حياة اللواء «زيد» فى لحظات.
الحزن والحسرة والدموع، هى عنوان أسرة اللواء مصطفى زيد. زوجته وأبناؤه احمد «23 سنة» مهندس وأمل 18 سنة وايمن. فى لحظة غادرة، فقدوا الأب الحنون.
فقدوا ابتسامته التى لا تتوقف، وهدوءه وحنانه واحتواءه لهم، كان اللواء زيد يرى أسرته قليلا. يخرج من منزله فى التجمع الخامس إلى أكتوبر أو الجيزة فى الثامنة، ليكون فى مكتبه عند دقات التاسعة.
ملف خدمته لا يعرف معنى كلمة إجازة أو «راحة». اللواء زيد، كان يحب عمله، مجتهداً، نشيطاً دؤوباً قريباً من الضباط الذين يصغرونه، يحترمه الضباط الكبار.
تخرج اللواء زيد عام «79» فى كلية الشرطة، لتبدأ أولى خطوات عمله مع الأمن المركزى، ليظل هناك عامين، وبعدها يبدأ عمله فى مديرية أمن الجيزة كمشرف على شرطة النجدة.
كان صوته «إذاعيا» عندما يتحدث عبر الجهاز إلى رؤسائه فى ذلك الوقت، فى منتصف الثمانينات: «تعليماتك يا أفندم. توجيهات سعادتك».. أنا النقيب مصطفى زيد. كان البعض منهم يتعمد أن يستمع إلى «شياكة مصطفى فى الأداء وحلاوة الصوت»، حين يتحدث، وفى عام 1988 تحدث حركة «تطهير» فى مديرية أمن الجيزة يقودها زكى بدر وزير الداخلية، ويحول قرابة «18» ضابطا إلى التحقيق أو إلى نهاية الخدمة، بسبب علاقتهم بتاجر مخدرات كبير، ضبط بحوزته 8 أطنان مخدرات.
وتأتى الفرصة ليصبح مصطفى زيد رئيسا لنقطة المهندسين. شهور قليلة ويحدث خطأ كبير من رئيس مباحث العجوزة ويتم إبعاده عن العمل، ويأتى الاختيار على الضابط الشاب المجتهد الملتزم. مصطفى زيد.
يتنقل مصطفى زيد بين المناصب فى مديرية أمن الجيزة. كان ملفه خاليا من الجزاءات والخصومات والمخالفات. وقبل 3 سنوات يتم اختياره رئيسا لمباحث قطاع شمال الجيزة، وفى عام 2008 ظهرت فكرة إنشاء مديرية أمن 6 أكتوبر، ويعين الفقيد مديرا للمباحث الجنائية بها.
الخبر كان سعيدا بالنسبة للواء «زيد»، ويتلقى التهانى من المقربين والأصدقاء والزملاء. ويسقط دون مقدمات داخل منزله ليصاب بكسر مضاعف.
أتذكر تلك الأيام جيدا، هكذا يتحدث احمد الابن الأكبر للشهيد: وسط الفرحة، أصيب والدى بكسر مضاعف، ودخل غرفة العمليات لتجرى له جراحات وتركب له مسامير وشرائح ويظل ذراعه فى «محنة» طوال شهرين.
كنت أشاهده «يدرب» يده اليسرى على الامضاء والكتابة، حتى يوقع بها ويسير العمل دون أزمات. والدى كان يخرج فى الثامنة صباحا ويعود فى الرابعة فجرا، كنت أنا الوحيد الذى أشاهده يوميا. أما أيمن وأمل فكانا يشاهدانه كل فترة. كنت استيقظ مبكرا لأذهب إلى عملى، وكان لقاؤنا قصيرا. كأنك تلتقى صديقك فى الشارع مثلا.
لكن كنا نتحدث اكثر من مرة يوميا ب«الموبايل». كانت علاقة والدى بأمه غير عادية . كانت فى شقتها فى العمرانية حتى وفاتها قبل عام وشهرين . كان لا يأتى الينا فى التجمع الخامس قبل ان يزورها . تأكل من يديه . ويطمئن عليها ويقبل يدها ورأسها ويقول:«أنتظر دعواتك».
يوم الاربعاء الماضى الكلام لاحمد وعند الثالثة ظهرا، اتصلت به، ودار حوار بيننا مدته 30 ثانية، اقسم بالله العظيم لا أتذكر تفاصيله، أو ما الذى قاله لى أبى أو ما الذى قلته. كنت فى طريقى إلى المنزل عند الرابعة ونصف، اتصلت به، كان هاتفه غير متاح.
واتصل بى أحد الضباط فى مديرية أمن الجيزة، وسألنى عن أبى، واستغربت وحاصرته بالأسئلة، فقال: حادثة بسيطة. هو والسواق بتاعه». هذه المرة كاد قلبى أن ينخلع. لا أعرف لماذا، كان والدى يصاب كثيرا فى حوادث، وكان قلبى يحدثنى وقتها بأن الأمر سهل ويكون كذلك، لكن هذه المرة شعرت بخوف ورعب، كنت «مقبوضا».
وأجريت عدة اتصالات، وتأكدت بعد ربع ساعة أن والدى توفاه الله. شعرت أننى فى «دنيا ثانية» لا أعرف ما الذى حدث.
سارعت إلى المستشفى واتصلت بوالدتى وشقيقى أيمن وأمل. أخبرتهم أن والدى تعرض لحادث، وهو فى مستشفى العجوزة. كنت أتعمد أن أعطى لهم «خبر الصدمة» بالتدريج. نعم. المصاب كبير. فوالدك الذى ودعك صباحا وتنتظره على الافطار لن يعود.
تجلس إليه تستمع إلى نصائحه وكلماته الهادئة. فجأة يضيع كل شىء. ولا تجده حولك، شقيقى أيمن كان «منهارا» فهو «الأصغر». جلست معه بعد الوفاة، وقلت له إن أمر الله نفذ، وأن والدى لقى وجه ربه وهو صائم وهو فى عمله، هو بين يدى الله، وسيكون بخير أكثر عندما نتماسك ونكون أكثر قوة.
والدى توفى مساء الأربعاء الحديث مازال لأحمد وكان موعد طائرته المتجهة إلى السعودية فى العاشرة من صباح الخميس. كان فى طريقه لأداء العمرة، فهو كان حريصا على أدائها مرة أو أكثر كل عام.
لا اعرف ما الذى سيحدث، هل سيصدر قرار استثنائى خاص بوالدى، لم يحدثنى أحد حتى هذه اللحظات، تحدث اللواء محسن حفظى مدير الأمن واللواء كمال الدالى واللواء عبد الوهاب خليل وكثير من زملاء أبى. لكن ما أعرفه أن يصدر قرار بالترقية. قرار استثنائى، والدى كان سيرقى إلى رتبة اللواء فى شهر أغسطس المقبل.
مصطفى زيد. لن يستيقظ فى السابعة ونصف صباحا. ويذهب إلى عمله، لن يتصل بمرؤوسيه فى العمل عند التاسعة صباحا ويقول لهم: صباح الخير. شدوا يا رجالة... مصطفى زيد لن يعود الى أسرته فى الرابعة فجرا. مصطفى زيد لن يجلس على مائدة واحدة مع أبنائه أحمد وأمل وأيمن وزوجته... مصطفى زيد لن يقف أمام الرئيس مبارك لينال وسام الشجاعة.
ولن يعاين مرة أخرى مكان هبوط طائرة الرئيس أعلى المحور... مصطفى زيد «مات». وتنتظر أسرته «تكريما لائقا» من وزارة الداخلية، تكريما بقدر «العطاء». وتنتظر قرارا جمهوريا. قرارا لن يعيد «مصطفى زيد» الى الحياة لكنه قرار يعطيه جزءا من حقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.