الأصل فى معظم الدول أن يكون وزراؤها من السياسيين لكن فى مصر أصبحت هذه القاعدة هى الاستثناء. فلا يوجد وزراء تم اختيارهم وفقاً لخبراتهم السياسية إلا د. مفيد شهاب ود. محمود محيى الدين وعائشة عبدالهادى وهم من أفضل وزراء الحكومة الحالية حيث يعرفون قيمة الرأى العام ويدركون أهمية الاتصال بالجماهير ويملكون القدرة على اتخاذ القرارات ومواجهة أصعب التحديات والقضايا واقتحام عش الدبابير. لقد حرص د. أحمد نظيف فى تشكيل حكومته الأولى على أن يعلنها من مقر الحزب الوطنى فيما يبدو لتأكيد التزامه بنظرية «حكومة الحزب» وهو ما لم يتكرر بعد ذلك فى حكومته الثانية وتعديلاتها بل إن نظيف لم يحرص على ضم قيادات حزبية أو نواب بمجلسى الشعب والشورى إلى الوزارة أو المحافظين، باستثناء د. على المصيلحى، وزير التضامن الاجتماعى، نائب الشرقية ود. فتحى البرادعى، محافظ دمياط، ولهما ظروفهما الخاصة، فالأول صديق رئيس الوزراء، وكان يعمل معه رئيساً لمصلحة البريد والثانى قد يكون الرئيس مبارك وراء ترشيحه. وفى حين استبعد نظيف فى وزارته الثانية أسماء سياسية لها ثقلها مثل د. حسام بدراوى ود. مصطفى الفقى ود. محمد كمال ود. فرخندة حسن ود. حمدى السيد.. ويبدو أن نظيف أراد تقليص النفوذ الحزبى داخل وزارته وأصبح جواز المرور إلى الحكومة إما أن تكون من رجال الأعمال أو مهندساً بشرط ألا تكون سياسياً أو حزبياً. لا أحد ينكر أن بعض الوزراء من غير السياسيين قد نجحوا فى التواصل مع الرأى العام أبرزهم د. حاتم الجبلى ورشيد محمد رشيد وعبدالسلام المحجوب وأحمد المغربى بينما هناك وزراء تميزوا من الناحية الفنية وإن افتقدوا الحس السياسى والشعبى مثل د. حسن يونس ود. طارق كامل ود. أحمد درويش، وفايزة أبوالنجا.. وهناك وزراء يملكون رؤية مهنية لكنهم دخلوا فى أزمات عديدة مع الرأى العام أبرزهم د. يوسف بطرس غالى، وزير المالية، والمستشار ممدوح مرعى، وزير العدل، وفاروق حسنى، وزير الثقافة. مما لاشك فيه أن هناك وزراء فى الحكومة لا يهتمون سوى بالأرقام ويتعاملون مع المواطن مثل تعاملهم مع جهاز الكمبيوتر «على طريقة محمد صبحى فى مسرحية الهمجى.. هذه نكتة إذاً علىَّ أن أضحك».. وأبسط قواعد السياسة أن الناس لا تأكل الأرقام وأن التعامل معهم يحتاج إلى مهارة يفتقدها معظم وزراء حكومة د. نظيف وهو ما جعلهم يهربون دائماً من الذهاب لمجلس الشعب وكأنهم اكتفوا برضا د. نظيف وبالتالى أصبح لا الشعب ولا مجلسه يفرق معهم رغم أن د. فتحى سرور يؤكد دائماً أن البرلمان ساحة يمكن أن يستثمرها الوزراء لمواجهة أى اتهامات تلاحقهم ليثبتوا براءتهم أمام الرأى العام بل ليسوقوا إنجازاتهم، لكن يبدو أن وزراء د. نظيف لا يهتمون بالرأى العام على الإطلاق. الأغرب من كل ذلك أن هناك وزراء غير سياسيين ولا يملكون الكفاءة الفنية لأداء عملهم ولا رؤية لتطويره، ومع ذلك لا أحد يعرف كيف وصلوا لأماكنهم ولماذا استمروا وأبرز أمثلة على ذلك د. يسرى الجمل وماجد جورج ود. عثمان محمد عثمان وأنس الفقى!!