وصلنى المزيد من المزايا التى تتمتع بها شوارع مصر أم الدنيا، من عدد من القراء الذين تابعوا ما نشرته فى الأسبوع الماضى، حيث عدّد كل منهم بعض المزايا الإضافية، فكانت حصيلتها كالتالى: من أهم المزايا التى يمكن التمتع بها فى شوارع أم الدنيا أن بإمكان أى مواطن أن يقفل الشارع بإرادته إذا كان عنده حالة وفاة مثلاً، ففى هذه الحالة يتحول الشارع على الفور إلى دار مناسبات، يقام فيه سرادق بعرض الطريق كله، لكن هناك البعض ممن يتركون ممرًا صغيرًا لعبور الناس حتى يضمنوا ألا يدعو أحد على المرحوم أو يسبّ أهله. أما إذا كنت من أصحاب الأكشاك فلك حق مكتسب فى استخدام ما تستطيع من المساحة المحيطة بالكشك، فبإمكانك أن تضع كل بضاعتك خارج الكشك «هوّ يعنى الكشك حايساع إيه ولا إيه؟». ولو عندك سوبر ماركت يمكن أن تزين مدخله بصفين على جانبى المدخل، صف علب سمنة روابى وصف كراتين «برسيل». ومن مميزات الشارع المصرى أيضًا أن من حقك أن تمنع أى سيارة من أن تركن أمام محلك أو ورشتك، معللاً ذلك بأنه «باب رزق يا أستاذ ما تقفلوش أحسن بعدين ربنا يقفلها فى وشك!»، كما أن بإمكانك على الجانب الآخر أن تحجز مكانًا لسيارتك كى تركن فيه، وفى ذلك فأنت لا تحتاج أكثر من قائمين من الحديد الصدئ وسلسلة من نفس الخامة، فتقوم بغرز القائمين فى المكان الذى تريده ولن يعترض أحد، بل سيقوم جيرانك بالبحث عن مكان مماثل يصلح لتحويله إلى موقف لسياراتهم. ولدينا ميزة أخرى أيضًا هى سارينة الإسعاف التى من حق الجميع أن يشتروها ويركّبوها فى سياراتهم، فهى تساعد كثيرًا فى زحام القاهرة على إفساح الطريق، ليس لأن الناس سيظنون أن هناك سيارة إسعاف تحمل مصابًا إلى المستشفى ولكن لأنهم سيتصورون أن هناك موكبًا لمسؤول كبير. لذلك فليس لدينا ميزة على الإطلاق فى الالتصاق بمؤخرة سيارات الإسعاف، كما يحدث فى بعض الدول الأخرى، لأنه لا أحد من السائقين يوسع لها الطريق. ومن المشاهد الممتعة حقًا فى شوارعنا أن هناك بعض الناس يركبون فى شنطة السيارة، لو كانت السيارة ممتلئة فى الداخل، وهناك المجانين الذين يجلسون فوق الشنطة، والسيارة مسرعة، ثم هناك أيضًا الموتوسيكلات التى تحمل أسرة مكونة من خمسة أشخاص على الأقل فوقها. أما الميكروباصات فهناك من يركب إلى جوار السائق، ليس على يمينه ولكن على يساره، أى بينه وبين الباب، وقد يخرج نصف جسمه من الشباك، وفى الخارج على سبيل المثال يحظر تمامًا الركوب إلى جوار سائق التاكسى، وتلك دواع أمنية لا نحتاجها هنا، فمعظم أحداث الإرهاب عندنا تحدث فى الشارع نفسه وليس فى السيارات. وبإمكانك أن ترى العجب فى سيارات الميكروباص، فالمقعد الأمامى عادة ما يتسع لثلاثة أشخاص إلى جانب السائق، اثنان جنبًا إلى جنب والثالث على حِجْر أحدهما أحيانًا وعلى التابلوه أحيانًا أخرى. ثم هناك الأقوال المأثورة المكتوبة على سيارات النقل، التى كثيرًا ما تحمل معنى الحكمة مثل «كده رضا» أو الطيبة مثل «يا بركة دعاكى يا أمى!» أو الوقاحة مثل «صغير بس يحير» أو خفة الدم مثل «المجروحين يمسكوا يمين» أو المياصة مثل «من حق الكبير يدلع» والغموض مثل «للكبار فقط!». وهناك شبه اتفاق بين الجميع على أنه «مافيش مشاكل»، أى أنك إذا كنت تقود السيارة فى عكس الاتجاه فلا مانع، وبإمكانك أن «تسرق الحتة دى عكس الاتجاه» أو «تخطفها» أو قد يقال لك «إنت مالكش دخلة من الفتحة دى بس خش خش، الوقت متأخر ومش حاتلاقى حد واقف»، والمقصود بالحد طبعًا هو أمين الشرطة. ومع ذلك، ورغم كل شىء، فإنك لا تستطيع أن تنكر حالة الشعور بالأمان التى تسيطر على الشارع المصرى، ألم يحدث لك مرة أن نسيت سيارتك مفتوحة فى الشارع وعدت إليها فى اليوم التالى فوجدتها كما هى؟ إن اللصوص عندنا - وهذه ميزة أيضًا- لا يسرقون السيارات المفتوحة.