الخطوة الأولى كى يستمر أى نظام فى قمع الشعب هى حجب المعلومات الحقيقية عن الشعب والتضييق على وسائل الإعلام كى تبث فقط ما يريده النظام أو على الأقل ما لا يتناقض مع مصالحه، ومن بين أكثر الدول التى تصنفها تقارير الحريات الإعلامية والصحفية على أنها الأكثر استهدافا للإعلام والإعلاميين تأتى الصين وإيران وفنزويلا. ولا يقف الأمر عند حد الاستهداف الحكومى إلا أن دولًا مثل باكستان يكون الاستهداف على يد المتشددين من حركة طالبان وفى كولومبيا تكون جماعات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات هما العدو الأول للإعلاميين وطريقتهم المعتادة هى القتل، معتمدين على نفوذهم الذى يسنده الفساد وعلاقاتهم ببعض رموز السلطة. وفى الصين، الدولة الأكثر تطورا فى الرقابة على الإنترنت فى العالم، تخطط الحكومة لإجبار شركات تصنيع الكمبيوتر على تحميل برامج لاستبعاد المعلومات «غير الصحية»، عن جميع الأجهزة التى ستطرحها فى الأسواق المحلية. والبرنامج الجديد الذى تعمل الحكومة على تعميمه فى الصين معروف باسم «جرين دام» ويستهدف - طبقا لما تعلنه الحكومة رسميا-حماية الشباب من «المحتوى الضار»، لا سيما المواد الإباحية، وأنتجته شركة جينهوى المدعومة من الجيش، وسيتم تحميل تكاليف العام الأول من تعميم ذلك البرنامج على الميزانية العامة. ووفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن البرنامج يقوم بربط أجهزة الكمبيوتر بقاعدة بيانات للمواقع المحظورة يتم تحديثها بانتظام لمنع الوصول لتلك العناوين. وذكرت «مراسلون بلا حدود» أنه منذ مارس، تم تحميل البرنامج ثلاثة ملايين مرة. وفى إيران فرضت السلطات رقابة على مصادر الإعلام المستقلة، سواء المحلية أو الأجنبية كطريقة حكومية لمناهضة المظاهرات التى اندلعت فى البلاد فى أعقاب الانتخابات الرئاسية يوم الجمعة الماضى. وانتقلت عناصر الأجهزة الأمنية إلى مكاتب الصحف حيث يتم فرض رقابة على المحتوى قبل أن تذهب الصحيفة إلى المطبعة. وفى يوم 15يونيو صدرت «اعتماد ملى» صحيفة مرشح الرئاسة مهدى كروبى وفى صفحتها الأولى صورة للرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد فى اجتماع حاشد وبجوارها عمود فارغ دون مادة، بسبب تدخل الرقباء. ولم تتمكن صحيفة «كلامه سابز» صحيفة مير حسين موسوى المنافس الرئيسى لأحمدى نجاد من الصدور منذ 13 يونيو. وأمرت وزارة الاستخبارات جميع الصحف بعدم كتابة أى شىء من شأنه التشكيك فى شرعية الانتخابات. وقبل منع هيئة الإذاعة البريطانية من العمل فى طهران، وطرد مراسلها كانت «بى. بى. سى» أعلنت أن هناك تشويشا إلكترونيا على تقاريرها الإخبارية، بدأ هذا التشويش يوم الانتخابات وازداد سوءا بحلول نهاية الأسبوع. وفى فنزويلا، كثف الرئيس هوجو شافيز حملته على وسائل الإعلام المعارضة خلال الشهر الماضى، وطالب المسؤولين إما باتخاذ إجراءات ضد وسائل الإعلام التى «تسمم» فنزويلا أو الاستقالة. وفى برنامجه الذى يبث عبر التليفزيون والإذاعة «ألو سيدى الرئيس» قال شافيز «عليكم القيام بواجبكم- لهذا السبب انتم فى مواقعكم وإلا فاستقيلوا واسمحوا لشخص يتحلى بالشجاعة بأن يتولى مكانكم». وقالت لجنة حماية الصحفيين أن شافيز وجه هذه الرسالة إلى النائب العام لويزا أورتيغا دياس، ووزير الأشغال العامة والإسكان ديوسدادو كابيلو وإلى محكمة العدل العليا. وجاء ذلك بعد تغطية محطة التلفزيون الإخبارية «جلوب فيزيون» كنتيجة الزلزال الأخير الذى ضرب فنزويلا فى أوائل مايو الماضى، وبعدها تمت مداهمة القناة واتهامها بخرق المادة 29 من قانون المسؤولية الاجتماعية فى الإذاعة والتليفزيون، والتى تجرم وسائل الإعلام التى تعمل على «تعزيز أو تبرير أو التحريض على الحرب وتشجيع، أو التحريض على أو تبرير الإخلال بالنظام العام». وإضافة إلى ذلك، يتم إلزام وسائل الإعلام الخاصة ببث 70 دقيقة دعاية مجانية أسبوعية للحكومة ويجرم قانون «المسؤولية الاجتماعية» بث أو إصدار وسائل الإعلام للمعلومات التى يمكن أن تحمل عدم احترام للمسؤولين. وفى هذا الإطار أصدرت منظمة «بيت الحرية» بالتعاون مع إذاعة أوروبا الحرة وإذاعة آسيا الحرة، تقريرا عن كيفية تحكم الدكتاتوريات فى المعلومات والإعلام تحت عنوان «تقويض الديمقراطية: سلطويات القرن الحادى والعشرين»، قالت فيه إن الأنظمة الاستبدادية تستخدم اليوم تكتيكات أكثر مرونة للحد من الديمقراطية وتنشط «من وراء الكواليس»، فعلى سبيل المثال، تعمل الحكومات على ضخ الأموال فى شركات الإعلام المملوكة للدولة والتى بدورها تعمل على توسيع نطاق تحقيق الحكومة لأهدافها، وقالت المنظمة فى تقريرها إنه بينما تركز الحكومات الديمقراطية على القضايا الأمنية والاقتصادية، تمر انتهاكات حقوق الإنسان فى البلدان السلطوية دون رادع، ونتيجة لذلك تتمكن البلدان التى تعتنق قيما مناهضة للديمقراطية من توسيع نفوذها.