تعمل الانتخابات «كمصيدة متعددة المراحل»، كالتالى: 1- يتم الفرز بين ثلاث مجموعات من المتغيرات، أولاها، متغيرات إجرائية للعملية الانتخابية، ثانيتها، متغيرات الصراع داخل تفاعل الدولة والمجتمع بشأن الحريات وقدرة الديمقراطية على توليد اختيارات عامة ومرغوبة من جمهور المواطنين، ثالثتها، متغيرات الصراع الدولى بشأن مدى ما تشير إليه النتائج من احتمالات للحرب والسلم على المستوى الإقليمى. 2- هذه المتغيرات لها ثلاث مراحل من التفاعل: مرحلة ما قبل العملية الاجرائية الانتخابية، ومرحلة أثناء العملية الاجرائية الانتخابية، ومرحلة بعد العملية الإجرائية الانتخابية. خلال المرحلة الاولى يدور التفاعل بين الثلاث مجموعات من المتغيرات حول قدرة المرشحين على توفير الادوات اللازمة للفوز بالانتخابات، هذه القدرة تضمن، اولا، القدرة الانتخابية لكل مرشح أو مجموعة أو قائمة على تسكين نفسها اجتماعيا وماليا واتصاليا وقانونيا وسياسيا داخل الساحة السياسية بشكل يجعل منها منافسا شرسا وينتظر منه منافسة عنيفة من أجل الفوز، وتضمن أيضا، ثانيا، القدرة على بناء صورة مثلى للمجتمع والدولة فى حالة الفوز، الامر الذى يسمح لغير المحدد ولاؤهم او تفضيلهم الانتخابى بأن يتعاطفوا مع هذه الصورة المثلى ويرغبوا فى تبنيها والوقوف بجوارها، هذا على شرط أن تعتبر هذه الصورة مثلى وفق الافق السياسى والاجتماعى والاقتصادى السائد فى البلاد، تقدما لحالة الديمقراطية، وتضمن، ثالثا، القدرة على بناء تعهدات ضمنية ورمزية أو صريحة بأنه فى حالة الفوز سيؤثر ذلك على إعادة تشكيل ساحة النفوذ الاقليمى، ويتجه هذا إلى ضمان حشد الموارد الدولية او الاقليمية بقصد المساعدة لتمكين اكبر للمرشحين من الفوز أو فضلا عن حشد للوعود إلى جانب التهديدات لكى تخرج الانتخابات النتائج المرغوبة. 3- خلال المرحلة الثانية، وهى أثناء العملية الاجرائية الانتخابية، وهى ليست دائما تتم خلال يوم واحد، بل احيانا خلال عدة ايام سواء متصلة أو متقطعة، يدور التفاعل بين الثلاث مجموعات من المتغيرات حول أى من المرشحين اكثر قدرة على حمل أنصاره على التصويت بكثافة فى الدوائر كافة، وعلى حشد مظاهر السلوكيات غير القانونية أو الاجرائية غير السليمة اثناء عملية التصويت لدى أنصار الخصوم، وتتضمن هذه القدرة، اولا، قدرة كل مرشح على المتابعة الدقيقة للدوائر، وسرعة التدخل فى الدوائر التى ت حتاج إلى تدخله الاجتماعى والسياسى الضرورى، هذا بالاضافة إلى متابعة درجات ومستويات المشاركة السياسية لدى الاطراف المتنافسة كافة، وتتضمن القدرة، ثانيا، على خلق جو من المساعدة العامة له بسبب التعاطف مع مواقفه العامة بشأن دفاعه عن قضايا الحريات والدفاع عن حقوق الانسان، هذا بالاضافة إلى جعل نفسه أو قائمته نقطة للجذب نتيجة استنكار جمهور المرشحين مواقف ورمزية منافسة المنافسين، فيتم خلق جو بالتفضيل بالتصويت له باعتباره كافة يمثل اقل الخسائر حتى لا يذهب الصوت الانتخابى سدى، ويتضمن القدرة، ثالثا، على خلق شرعية دولية للرقابة التصويتية صالحة، وخلق مناخ من التوقع لصالحه من خلال حساب المسح المختار للذين صوتوا له بالفعل وأعلنوا ذالك بعد الخروج من مراكز الاقتراع، الامر الذى يعطى له إمكانية للاتهام بالتزوير إذا جاءت فى غير صالحه، هذا بالاضافة إلى تدعيم الشرعية الدولية للرقابة برقابة من جانب منظمات المجتمع المدنى الداخلى والاقليمى، والمدعمة بخبرات تنظيمية وتكنولوجية دولية، واستخدام فنيات الاعلام الدولى المختلفة ومجالاته من مسموع ومرئى وافتراضى لخلق ما يوصف «بالانطباع الحال» لما يتم توقعه ما بين اغلاق باب التصويت والاعلان الرسمى لنتيجة العملية التصويتية، وما نتوقعه بالاضافة إلى ردود الفعل السريعة والحالة بين القوى التى شاركت فى التصويت على مدى ديمقراطية العملية التصويتية وصحة تمثيلها للجهات العامة لصالح التصالح والتعايش الدولى والسعى للرخاء العام بشكل عام. 4- فى المرحلة الثالثة وهى بعد العملية الاجرائية الانتخابية، والتى تمثل مرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات الرسمية سنتناولها فى المقال القادم لاستكمال أبعاد «المصيدة المتعددة المراحل».