بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة شرم الشيخ للسلام    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    ترامب: الصراع في غزة انتهى والإدارة الجديدة ستباشر عملها قريبًا    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مدينة خان يونس    منتخب مصر ينتصر على غينيا بيساو بهدف نظيف في تصفيات كأس العالم 2026    بولندا تواصل تألقها بثنائية في شباك ليتوانيا بتصفيات المونديال الأوروبية    بوركينا فاسو تختتم التصفيات بفوز ثمين في ختام مشوار إفريقيا نحو المونديال    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    ترامب: الحرب في غزة انتهت ووقف إطلاق النار سيصمد    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن من غزة بداية من الساعة 8 غدا على دفعتين    زيلينسكي: بحثت مع ترمب تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك وأنظمة باتريوت    منتخب مصر يتقدم على غينيا بيساو بهدف بعد مرور 15 دقيقة    ذهبية المنياوي وبرونزية صبحي تزينان اليوم الثاني من بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    باحث فلسطينى: زيارة ترامب لمصر محطة مفصلية لإحياء مسار السلام    وائل جسار يُحيى حفلا غنائيا فى لبنان الأربعاء المقبل    الخارجية الفلسطينية تؤكد أهمية ربط خطة ترمب للسلام بمرجعيات القانون الدولي    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    قافلة طبية بجامعة الإسكندرية لفحص وعلاج 1046 مواطنًا بالمجان في الكينج مريوط (صور)    خاص للفجر.. يوسف عمر يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل فيلمه الجديد مع أحمد عز    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    محافظ القليوبية يقود حملة مفاجئة لإزالة الإشغالات بمدخل بنها    في حب المعلم    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل الدعوى المقامة ضد إبراهيم سعيد لمطالبته بدفع نفقة ابنه    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    20 أكتوبر.. انطلاق جولة «كورال وأوركسترا مصر الوطني» بإقليم القناة وسيناء    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الأهلي يحدد 20 أكتوبر موعداً لحسم موقف إمام عاشور من السوبر المصري    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مشروع الفستان الأحمر    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السعيد»: «الإخوان» لديها جهاز معلومات يرصد تحرك المؤسسات والأحزاب (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 01 - 2013

«قد تتفق فى كثير من الآراء أو تختلف مع الدكتور رفعت السعيد، ولكنك - فى النهاية - لا تستطيع أن تنكر أنك أمام سياسي ومفكر وباحث فى تاريخ الحركة الوطنية المصرية. فالسعيد هو معارض يسارى له مواقفه الثابتة التى أدخلته فى كثير من المعارك السياسية والفكرية.
الدكتور رفعت السعيد، هو أحد الأسماء البارزة فى تاريخ اليسار المصرى منذ أربعينيات القرن الماضى وحتى نهاية السبعينيات، واعتقل عدة مرات. إلى جانب كل هذا عرف بمعارضته لجميع الرؤساء الذين حكموا مصر، إلا أن معارضته للرئيس السادات كانت الأكثر جذرية وعمقاً. وللسعيد - أيضاً - عدة مؤلفات نقدية لحركات الإسلام السياسى»، وهو من أشد المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين.
هذه المعارضة ل«الجماعة» كانت المحور الأساسى للحوار معه، بعد الوثائق التى انفردت بنشرها «المصرى اليوم»، حول ملفات الإخوان فى البوليس السياسى.
■ بصفتكم راصداً وباحثاً فى الحركة الوطنية المصرية... كيف ترى تحول الإخوان من الدعوة إلى العمل السياسى؟
- فى رأيى أن الإخوان لم يتحولوا على الإطلاق. فهم من البداية كانوا تنظيماً سياسياً، وهذا التنظيم السياسى كانت له بواعث سياسية. وجاء هذا التنظيم بدفع من أطراف متعددة، كانت ترى أن إضاعة الخلافة هى إضاعة للذات، وأنه يجب تجاوز فكرة هزيمة الخلافة فى تركيا. وكما هو معلوم فإن الملك فؤاد فى أواخر عشرينيات القرن الماضى، كان يتطلع إلى فكرة الخلافة وأن يصبح خليفة للمسلمين. وفى نفس هذا التوقيت كان هناك انهيار للمجتمع الرأسمالى العالمى نتيجة أزمة الكساد العالمى. وهنا ظهرت دعاوى عدم نجاح المجتمعين الرأسمالى والاشتراكى، وأن الحل هو إقامة المجتمع الإسلامى. وهذه الفكرة تحمس لها المفكر رشيد رضا.. ورشيد على رضا هو «سلفى» من تلامذة محمد عبده، ولكنه تخلى عن رسالة محمد عبده التقدمية والليبرالية، وواصل معركته ضد ما سماه التغريب والحداثة وضرورة العودة إلى أصل المجتمع الإسلامى الأول.
وحسن البنا قالها صريحة: «نحن سلفيون من اتباع الشيح رشيد رضا». وفى هذا التوقيت كان المجتمع المصرى يحاول أن يستعيد فكرة الحداثة، والتى بدأت منذ عصر محمد على. ولذلك فإن هجوم تيارات الإسلام السياسى على الليبراليين لم يكن وليد اليوم، وإنما منذ عصور سابقة.
■ كيف؟
- الهجوم على الليبراليين فى هذه الفترة كان هجوماً عنيفاً، وبدأ يستخدم لغات حادة ورديئة. فبدأ الهجوم على سلامة موسى على أساس أنه «نصرانى»، وأنه يحاول أن يهدم الإسلام. ولهذا فجماعة الإخوان بدأت كمؤسسة سياسية تستهدف استعادة الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية، مرتدية فى ذلك رداءً دينياً، وهو ما أعطاها قدراً من الجاذبية.
■ ولكن كيف حصلت الجماعة على الدعم السياسى لها من قبل بعض القوى السياسية الأخرى؟
- هذا التحرك «السياسى» لجماعة الإخوان خلال حقبة الأربعينيات لفت أنظار خصوم حزب الوفد، ودفعهم إلى استخدامها الاستخدام الأمثل لضرب حزب الوفد. وكان الإخوان فى هذا التوقيت يدعمون - وبشدة - حكومة إسماعيل صدقى، ويتفاخرون بذلك..
■ ولكنهم انقلبوا عليه بعد ذلك..؟!
- نعم.. فهذه عادتهم.. فلعبة المصالح المشتركة مع «الطاغوت» تعمل بشكل جيد فى فكر الإخوان.. فالأصل هنا أن جماعة الإخوان فكرة سياسية، واتخذت من الدعوة سبيلاً لتحصين هذه الفكرة ضد خصومها السياسيين. فمثلاً حينما وضع حسن البنا برنامج الجماعة فى مؤتمرهم الخامس قال «هذا المنهج كله من الإسلام، وكل نقص منه نقص من الإسلام»... هذه العبارة فى أصلها هى عبارة اقصائية واستحوازية، فهو يريد أن يستحوز على الإسلام، وأن يستخدم الإسلام فى مواجهة الخصم. وبالتالى هذه المحاولات كانت تستهدف قدر الإمكان فرض «وصاية» إسلامية على العمل السياسى، وفى نفس الوقت كان البنا ضد فكرة «الحزبية» من الأساس.
■ يرى كثيرون أن قيادات الإخوان يسعون بشكل - أو بآخر - إلى «تزييف التاريخ»، وصنع «بطولات وهمية» فى بعض الأحيان، وربما إنكار الحركة الوطنية من الأساس، وخاصة عندما يتحدثون عن بدء الحركة الوطنية منذ عشرينيات القرن الماضى - فى إشارة إلى تاريخ نشأة الجماعة - ألست قلقاً على تاريخ مصر ومن يكتبه فى المرحلة المقبلة؟!
التاريخ كعلم دائماً ما يسطو عليه الحكام.. وهذا حقيقة! ففى أحيان كثيرة يفرض «السلطان» إرادته عن التاريخ. فمثلاً أثناء الوحدة المصرية - السورية كان ممنوعاً أن تصدر كتاباً يحمل اسم مصر، وهناك كتاب كثيرون اضطروا لحذف اسم مصر من عناوين مؤلفاتهم واستبدلوها بأسماء عربية لتفادى هذه «الأوامر»!.
وفيما يتعلق بالإخوان، فإنهم أثناء مشاركتهم فى حرب فلسطين دفعوا بالقوى الأخرى إلى الصفوف الأمامية بينما بقوا هم فى الصفوف الخلفية!... ومشاركتهم هنا كانت بمنطق محاربة اليهود وليس مقاومة «الفكر الصهيونى»، وحولوا القضية إلى صراع مسلم- يهودى.
وفيما تلى ذلك وأثناء حرب 1956 كانت السجون المصرية تضم عشرات من قادة الإخوان، الذين كانوا يهتفون «الله أكبر ولا عدوان إلا على الظالمين»، وكانوا سعداء بالهجوم على «حكم الكفرة» فهم لا يرون أن المحتل جاء للهجوم على مصر!
■ وماذا تقول للشباب الذين تحولت كل «أوهام الكفاح المسلح» إلى حقائق فى عقولهم.. حتى إنهم اضطروا فى النهاية إلى تصديقها؟!
- فى رأيى أن هذا يتوقف على «ماكينة الإعلام»، بمعنى أننا مطالبون بشرح وجهات نظرنا وكشف الحقائق أمام الرأى العام. فجماعة الإخوان لديها أدوات تستدرج العضو ليودع عقله فى «خزينة» مكتب الإرشاد، وبعد ذلك تتعامل معه، وهو بلا قدرة على أن يقول «لا». وهنا ينشأ التناقض الذى يشير إليه الأمام الغزالى «بين العقل الفاعل.. والعقل المنفعل».. هم يتلقون دون التفكير.. فالعقل المنفعل يمكن أن يفعل أى شىء فهو لا يعتبر نفسه «سياسياً» ولكن مجاهداً، فمجرد التفكير وإعمال العقل هو خروج عن مبدأ السمع والطاعة، الذين يعنى أن تظل مسلماً حقاً. ولذلك فهم يعملون على تدمير شخصية العضو فى البداية. فمثلاً عندما انضم جمال عبدالناصر وخالد محيى الدين إلى جماعة الإخوان، ادخلوهما إلى «الجهاز السرى»، واحضروا لهما رجل «مدنى» لتدريبهما على كيفية «فك» القنبلة وهما ضابطان بالجيش. ومن المفترض أن يعلما هذا «المدنى» كيفية التعامل مع القنابل، ولكن فكر الجماعة يريد أن «يكسر» بداخل الأعضاء الجدد مجرد «التفكير» وتدمير الشخصية فى المقام الأول، بحيث يسهل عليه أن يتقبل فكرة السمع والطاعة!
■ من بين الوثائق التى انفردت بها «المصرى اليوم» التقرير السرى للمفوضة الروسية بمصر، والذى يشير إلى أن الشيخ البنا اتفق مع البوليس السياسى على إمدادهم بقوائم بأسماء قادة الحركة الشيوعية فى مصر للتخلص منهم... بصفتكم مفكراً ومؤرخاً للحركة الشيوعية المصرية.. ماذا تعنى هذه الصفقة بين المرشد العام للإخوان والبوليس السياسى؟
- الإخوان أنفسهم لا ينكرون مثل هذه الوقائع، فهم فى كثير من اعترافاتهم خلال المحاكمات قالوا إننا كنا نستهدف الحركة الشيوعية المصرية. وكذلك حينما التقى حسن البنا، السكرتير الأول للسفارة الأمريكية بالقاهرة «فيليب إيرلاند» فى منزله بالزمالك قال له: نحن على استعداد أن نساعدكم فى مقاومة الشيوعيين.. إنما «ده عايز فلوس كتير»..! وهذا يعنى أن «البنا» استخدم التحالف ضد الشيوعية فى جلب أموال طائلة من الأمريكيين..!
■ فى نفس الوثيقة هناك حديث صريح حول اتجاه شعب الإخوان لجمع المعلومات حول حالة الأمن المصرى من حيث العدد والتسليح... لماذا يرصد الإخوان دائماً حالة الأمن؟ وما مدى انعكاس ذلك على الوضع قبل ثورة يناير؟
- حتى الآن - وليس فى التاريخ فقط- الإخوان لديهم جهاز «معلومات» على درجة عالية من التقدم، وهذا الجهاز يستهدف «رصد» كل التحركات داخل مختلف المؤسسات وحتى الأحزاب السياسية. وهذا نوع من التركيب العقلى، الذى غرسه حسن البنا فى عقول كوادر الإخوان.. أما عن العلاقة بين الإخوان والأمن قبل ثورة يناير، فليس لدى معلومات عن ذلك..
■ دائماً ما يتحدث الإخوان عن «ادعاءات جهادية «فى حرب فلسطين» وصلت إلى حد «الأساطير» فى منطقة القناة عقب الغاء المعاهدة عام 1951.. رغم أن كفاحهم تاريخياً يستند إلى عمليات ضعيفة «ومحدودة» لا يمكن مقارنتها بما قدمته الحركات الوطنية ككتائب التحرير مثلاً أو الشيوعيين أو شباب حزب الوفد الذى هو صاحب قرار إلغاء المعاهدة.. كيف ترى مثل هذه الادعاءات؟!
- أولاً أن الإخوان شاركوا فى حرب 1948.. فهذا صحيح. وقد شكلوا كتائب أغلبها من غير أعضائهم، ولكن المثير للدهشة هو أن الذى تولى القيادة أحد الشيوخ، وأفتى بأن قول الحق «إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص» هى الأصل فى القتال. وما كان من الشيخ إلا أن قام بصف المقاتلين صفاً واحداً.. وجاءت مدرعة إسرائيلية وحصدت أرواحهم جميعاً ! وهذا يوضح أن الإخوان – كما أشرت من قبل- يحاربون معركة دينية بالدرجة الأولى.. أما فيما يتعلق بالكفاح المسلح فى منطقة القناة عام 1951، فالمرشد حسن الهضيبى نهى شباب الإخوان عن المشاركة.. وقال مقولته الشهيرة: «اعكفوا على قراءة القرآن»!.. على الجانب الآخر كان هناك شباب وطنيون بمنطقة القناة منهم شيوعيون ووفديون وأعضاء بمصر الفتاة، وأذكر أن الشيوعيين قدموا شهيداً اسمه عباس الأعصر من الإسكندرية.. ودائماً هم كذلك «الإخوان» - وكما هم على مر التاريخ - يستغلون ضعف الذاكرة الوطنية وعدم يقظة المؤرخين، أو رغبة كثير منهم فى عدم الدخول فى معارك سياسية معهم..
■ أو ربما الخوف من الإخوان..؟!
- دعنا نكون «مؤدبون» حتى النهاية! فالشىء المؤكد أن كل الذين تقابلوا مع كوادر الإخوان المحاربين فى فلسطين لم يجدوا لديهم أى عمليات جهادية ذات قيمة.
■ هم يدعون دائماً أن البطل أحمد عبدالعزيز.. من «الإخوان»، رغم أن حديثه مع الأستاذ هيكل ل«أخبار اليوم» قبل استشهاده بأيام لم يتطرق إلى مشاركة للإخوان بالمعركة.. ما رأيك؟
- أنا لا أعلم كان أحمد عبدالعزيز إخوانياً أم لا... ولكن المشاركة الشعبية فى البداية كانت كبيرة إلا أنها بدأت فى الانخفاض، لأن الكثيرين ممن ذهبوا للقتال فى فلسطين، وجهت لهم انتقادات من الفلسطينيين لضعف قدرات الجيش المصرى فى مواجهة العصابات الصهيونية.
■ وما رأيك فى «تفاهمات» الإخوان عموماً مع السلطة فى هذه الحقبة؟
- حسن البنا كان يتميز بمساحة علاقات واسعة مع جميع الاتجاهات، بما فيها السلطة والحكومات المتعاقبة. وفى اعتقادى أن هذه العلاقات تجلت أثناء حكم إسماعيل صدقى عام 1946، فعندما عاد إسماعيل صدقى ، املاً معه مشروع اتفاقية «صدقى - بيفين»، استدعى صدقى البنا وعرض عليه المشروع قبل أن يعرضه على شركائه فى الائتلاف - هيكل والنقراشى - ممثلى الأحرار الدستوريين والسعديين فوافق عليه البنا، والخطير أن هذا المشروع على وجه التحديد رفضه الشعب المصرى بالإجماع.. الطريف أن حسن البنا خرج فى مظاهرة «تأييد» - كالتى نراها الآن - لإسماعيل صدقى، وكان راكباً سيارة سليم زكى «باشا»، حكمدار بوليس العاصمة «المكشوفة»، وأثناء تحرك السيارة كان البنا يحيى مؤيديه بينما وقف إلى جواره حكمدار البوليس، والمثير للدهشة أنه بعد سنوات قليلة ألقى الإخوان قنبلة على سليم «باشا» وأردوه قتيلاً!
■ وزير الداخلية الأسبق أحمد مرتضى المراغى ذكر فى مذكراته أنه حينما كان مديراً للأمن العام عام 1948 طلب الشيخ البنا لقاءه فى بيته بحلوان قبل حل الجماعة بأيام.. وطلب منه التدخل لدى النقراشى لوقف قرار الحل.. كيف ترى ذلك؟
- البنا كانت علاقاته «جيدة» مع الأمن ومع غير الأمن. فقد كان فى بعض الأحيان يستخدم الجهاز السرى فى ترويع الأمن نفسه لكى يسارع الأمن باللجوء إليه. وهناك واقعة شهيرة أنه عندما اختلف البنا مع الأمن فى عام 1946، فوجئ المواطنون بتفجير عدد من أقسام الشرطة - فى توقيت واحد- وفى أكثر من مكان بما فى ذلك نقاط بوليس صغيرة كنقطة بوليس المدبح. وهذه ليست أو ادعاءات ولا افتراءات تاريخية ..ولكنها اعترافات «صلاح شادى»، مسؤول قسم الوحدات فى جماعة الإخوان!
والخطير أن صلاح شادى فى كتابه «حصاد العمر» كان يتباهى بذلك، والأخطر أنه دخل فى تفاخر مع أحمد عادل كمال - وهو أحد قادة التنظيم الخاص - حول أى منهما ارتكب جرائم «إرهابية» تجاه الموطنين الأبرياء، فى سلسلة من الفضائح أقل ما توصف به بأنها «مخجلة».
■ ما بين المقر العام للإخوان المسلمين بالدرب الأحمر خلال النصف الأول من القرن العشرين، والمقر العام للجماعة فى المقطم مع الألفية الثالثة.. كيف ترى هذا التحول المكانى؟
- فى اعتقادى أن حسن البنا كان يسعى إلى خلق مجتمع «إخوانى»، فالاتجاه نحو المقطم لن يكن وليد اليوم، وإنما كان ذلك منذ أربعينيات القرن الماضى واتجهت بالفعل عائلات إخوانية للاستقرار بالمقطم، فكانت هناك عائلات «سلام»، التى شيدت مسجد المقطم، وبدأوا التصاهر مع بعضهم البعض وربما كان تواجدهم بالمقطم باعتباره مكانا يسهل الدفاع عنه. وعلى أى حال فهم اشتروا مقرهم الجديد من المهندس كمال غنيم، وهو واحد من كبار المؤسسين فى المقطم.
■ فى تقرير من ضابط الاتصال بالإسماعيلية الصاغ «الرائد» شريف العبد، قال إنه راقب الشيخ حسن البنا بناء على تكليف من مدير البوليس السياسى أثناء إحدى زياراته للإسماعيلية للاشتباه فى اتصاله بضابط بالمخابرات البريطانية يدعى «ليز»، فيما ذهبت وثائق غربية إلى أن الجماعة حصلت على تمويل بريطانى منذ عام 1942.. ما تعليقكم؟
- فى بداية الأربعينيات اعتقل حسن البنا. وتم الإفراج عنه لأسباب غير معلومة، إلا أن الدكتور محمد حسين هيكل أشار فى مذكراته إلى أن القصر تدخل للإفراج عن البنا. وكان البنا فى هذا التوقيت متهم بأنه على علاقة بعلى ماهر وعزيز المصرى، وأن الاثنين يقومان بتمويله ويقربانه من القصر، وأنهم جميعا كانوا على علاقة ب«هتلر» النازى وأجهزة مخابراته!
وبذكائه تشمم حسن البنا رياح المستقبل، وأبلغ السفارة الإنجليزية بأن جماعة الإخوان لن تشارك فى المظاهرات التى ستخرج هاتفة: «إلى الأمام يا روميل» فى إشارة إلى تقدم قوات المحور نحو العلمين. ومن هنا تجددت العلاقة بين البنا والسفارة الإنجليزية. وفى هذا التوقيت بدأت جماعة الإخوان فى تلقى دعم خفى وعلنى من الحكومة. فقد حصلت على إعانات لبناء المدارس، وكان وزير المعارف «العشماوى» أول من تعاطف معهم وأيدهم، وكذلك منحهم إسماعيل صدقى فرصة العمل فى حل قضية « ورق الصحف»، حيث كانت غالبية الصحف تعانى من قلة الورق لتعطل السفن القادمة من الغرب نتيجة الحرب. وبذلك تمكن الإخوان من إصدار صحفهم بكل سهولة ويسر!
■ وهل ترون أن هجوم الإخوان على القوى السياسية، يأتى فى إطار «ممنهج»، خاصة بعد حديث الرئيس مرسى عن حقبة الرئيس عبدالناصر بقوله: «الستينيات.. وما أدراك ما الستينيات»؟!
- بالتأكيد الرئيس مرسى كان يقصد بالستينيات فترة «العصف المحتدم»، بقادة الإخوان، وهو يقصد سيد قطب - على وجه التحديد - لأن الإخوان جرى العصف بهم فى 1954. والغريب أن الدكتور مرسى لم يهتم بشهداء جماعة الإخوان، وإنما صب حديثه نحو سيد قطب الذى أعدم فى الستينيات، لأنه ببساطة محمد بديع «قطبى» وامتدادات الفكر «القطبى» لا زالت مسيطرة على الإخوان.. وما زالوا يعجزون عن نقد حرف واحد من كتابات سيد قطب.. وأعتقد أن عبارة «وما أدراك ما الستينيات» تكشف انتماء الدكتور مرسى إلى أكثر المدارس الإخوانية، وحشية وتكفيرية وعنفاً.
■ البعض يرى أن الإخوان لن يرحلوا عن الحكم إلا ب«الدم»، من هذه الآراء رأى الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى.. كيف ترون هذا الرحيل، وهل يمكن أن تتحول مصر فى يوم من الأيام إلى بحر من الدماء من أجل رحيل الإخوان بدلا من التداول السلمى للسلطة بالطرق الشرعية؟
- هذه التنبؤات مستقبلية، ولا يمكن أن تكون رؤية مستقبلية فى هذا الوقت المحدود. ولكننى أنظر دائما إلى التاريخ لأننى مهتم بذلك. وعلى أى حال من الممكن أن تقع معارك وربما تصل إلى الدم.
■ وما حكمة التاريخ هنا؟
- حكمة التاريخ تقول إنك لو نظرت إلى الوضع الحالى، فقد حمى الجيش الثورة، ولكنه أوصل الإخوان إلى الحكم، وهو ليس لديه أدنى استعداد للمجازفة!
■ إذن مفهوم «الإطاحة» مستبعد؟
- آلية الإطاحة بحكومة مستبدة وضعت لنفسها قاعدة فى 25 يناير تحت عنوان «فرض إرادة المتظاهرين» هى آلية صعبة التحقيق فى الوقت الحالى.. ولذلك هم يلجأون دائما إلى ما يصفونه بالمليونيات فى الميادين لمجابهة ذلك.
■ لكم مقولة شهيرة، وهى: «أن دولة الإخوان لو قامت ستكون دولة مكتب الإرشاد، وأنهم لو وصلوا للسلطة لن يرحلوا عنها».. فى رأيك.. مصر الآن فى أى مرحلة من مراحل حكم دولة الإخوان؟
- اسمح لى أن أضيف إليها كلمة «برضائهم».. فهم لن يرحلوا بإرادتهم.. نحن بالفعل نعيش عصر دولة «مكتب الإرشاد».. وأنا أؤكد أن القرارات الأساسية فى التعامل مع مؤسسات الدولة والحكم لا تتخذ فى قصر الاتحادية ولكن داخل مكتب الإرشاد بالمقطم!
■ قضية تمويل جماعة الإخوان عادت لتفرض نفسها على الساحة، خاصة بعد المطالبات بتقنين أوضاعها، وتحويلها إلى جمعية أهلية تخضع لرقابة الدولة.. كيف تكون هذه الإشكالية؟
- هى إشكالية حقيقية، لأنك أمام جمعية لا «ضابط ورابط» لها. فالدكتور أحمد أبوبركة مثلاً قال إن الجماعة تقدمت بطلب لتأسيس جمعية ذات نفع عام. فقمت بالرد عليه واكدت أن الجمعية ذات النفع العام لا تعمل بالسياسة.. ولم اتلق رداً مقنع!
■ قبل أسبوعين، أدلى الكاتب الكبير والمفكر السياسى محمد حسنين هيكل بحديث تليفزيونى أثار المزيد من الجدل حول جماعة الإخوان، ومن بين ما تحدث عنه حول «الاغتيالات السياسية» تأكيده بأنها ربما تكون «ثقافة متوارثة» تنتقل بين الأجيال.. هل هذه «الثقافة» موجودة بالفعل.. وهل ما حدث أمام الاتحادية هو امتداد لهذه الثقافة؟
- الشعار الرئيسى الذى كان يحرك الجهاز السرى أو التنظيم الخاص للإخوان هو «شهداؤنا فى الجنة.. وقتلاهم فى النار»، وذلك استناداً إلى مقولة شهيرة ل«حسن البنا» تقول: «إن على الإخوان أن يدركوا فن الموت». وبالتالى فقد نشأت أجيال متتالية على هذه الثقافة، وأن من يعادى الجماعة فقد عادى الإسلام، وأن من يناصرها إنما يناصر الإسلام، وأى محاولة لانتقاد الإخوان أو برنامجهم هو انتقاد للإسلام وخروج على مبادئه.
■ هل ترى أن هذه المعتقدات هى التى تم على أساسها تخطيط «سيناريو الاتحادية»؟
- دعنا ننظر إلى الوضع العام ليس إلى حادث منفرد، هم يعتقدون أن وصول الرئيس مرسى إلى سدة الحكم هو وصول للإسلام إلى مقعد السلطة، وأن كل من يحاول أن يزيح الرئيس عن مقعد الحكم هو يزيح الإسلام. وفى هذه الحالة فإن كل من ذهب للدفاع عن الرئيس هو ذاهب للدفاع عن مبدأ «الجور على الإسلام».
■ معنى ذلك أن الجهاز الخاص أو التنظيم السرى للجماعة مازال قائماً حتى الآن؟
- بكل تأكيد الجهاز الخاص للإخوان لايزال قائماً، وهو يهدف إلى ما يسمى ب«حماية الدعوة».
■ تحقيقات لجنة تقصى الحقائق فى أحداث ثورة 25 يناير أشارت إلى وجود تنظيم يعرف باسم «95 إخوان».. هل تعتقدون أن هذا هو التنظيم الخاص الحالى؟
- قضيتى الأساسية هى التاريخ، وليست لدى معلومات مؤكدة حتى الآن حول تنظيم «95 إخوان» ولكنى على يقين أن هناك تنظيماً خاصاً تحت عنوان «الأحرار» وهو ما ظهر خلال محاولات اقتحام مكتب النائب العام وكذلك الأزهر الشريف وحصار المحكمة الدستورية.. كل هذه الأحداث تشير إلى وجود هذا التنظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.