فجور عصابة العسكر ..الشارع المصري يغلى بسبب العيش والحكومة تستعد لرفع أسعار الكهرباء والبنزين    عاجل.. الولايات المتحدة: ننتظر رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار    3 عقوبات أمريكية في انتظار «الجنائية الدولية».. فما هي؟    أمريكا عن مقترح السلام: نريد ردًّا من حماس    ملف يلا كورة.. تدشين مشروع القرن.. عقوبة أفشة.. وموعد عودة فتوح    الأهلي ليلا كورة: وقعنا عقوبة مالية على أفشة.. ولم نقرر تجميده    المصري البورسعيدي يكشف موعد الإعلان عن الملعب الجديد في بورسعيد    تعادل إيطاليا مع تركيا في مباراة ودية استعدادًا ليورو 2024    النائبة مها عبد الناصر تطالب بمحاسبة وزراء الحكومة كل 3 أشهر    «هنلعبوا السنيورة».. أحمد فهمي يطرح بوستر فيلم «عصابة الماكس» استعدادًا لطرحه في عيد الأضحى    برلمانية: نحتاج من الحكومة برامج مٌعلنة ومٌحددة للنهوض بالصحة والتعليم    جورجيا تعتزم سن تشريع يمنع زواج المثليين    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    استعلم الآن.. نتيجة الصف الثالث الاعدادي محافظة أسيوط الترم الثاني برقم الجلوس (الرابط والخطوات)    الإفتاء تحذر المصريين من ظاهرة خطيرة قبل عيد الأضحى: لا تفعلوا ذلك    استغلالا لزيادة الطلب، ارتفاع أسعار سيارات شيري تيجو 7 المجمعة محليا والتطبيق اليوم    وفد «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يصل القاهرة لاستعراض الأوضاع الحالية في غزة    نبيل عماد يكشف حقيقة خلافه مع حسام حسن    السعيد: حب جماهير الزمالك أعادني للحياة.. وسبب الاعتزال الدولي واعتبار تجربة الأهلي    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابين في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف منزلا وسط غزة    ارتفاع مصابي حادث سقوط سيارة أجرة داخل ترعة الخطارة بقنا إلى 15 شخصا    مودي يعلن فوزه في الانتخابات الهندية لكن حزبه سيخسر الأغلبية    أحمد كريمة: من يعبث بثوابت الدين فهو مرتد    الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبحث ملف تطوير البنية التحتية للطاقة النووية في مصر    إبراهيم عيسى: المواطن يشعر بأن الحكومة الجديدة ستكون توأم للمستقيلة    متى يبدأ صيام 10 ذي الحجة 2024؟.. تعرف على فضلها عن سواها    طريقة عمل البرجر، بخطوات سهلة ونتيجة مضمونة    برلمان سلوفينيا يوافق على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة    البابا تواضروس يروي كواليس زيارته للفاتيكان في عهد الإخوان    «شديد السخونة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    متى تنتهي الموجة الحارة ؟ الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024    سم ليس له ترياق.. "الصحة": هذه السمكة تسبب الوفاة في 6 ساعات    محافظ المنوفية: تفعيل خدمة المنظومة الإلكترونية للتصالح بشما وسنتريس    أفريكسيم بنك يدعو مصر للمساهمة في بنك الطاقة الأفريقي لتمويل النفط والغاز    دونجا: جمهور الزمالك بيفهم كورة.. ودا سبب عدم انضمامي لمنتخب مصر    البابا تواضروس ل"الشاهد": بعض الأقباط طلبوا الهجرة أيام حكم مرسي    البابا تواضروس يكشف كواليس لقائه الأول مع الرئيس السيسي    البابا تواضروس: حادث كنيسة القديسين سبب أزمة في قلب الوطن    علماء الأزهر: صكوك الأضاحي لها قيمة كبيرة في تعظيم ثوابها والحفاظ على البيئة    عيار 21 الآن بالمصنعية بعد الانخفاض.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024 بالصاغة    البابا تواضروس يكشف تفاصيل الاعتداء على الكاتدرائية في عهد الإخوان    «التموين» تكشف احتياطي مصر من الذهب: هناك أكثر من 100 موقع مثل منجم السكري (فيديو)    الأهلي يوقع اتفاق «مشروع القرن»    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ الحكومة تحسم الجدل    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    حمو بيكا يهدي زوجته سيارة بورش احتفالا بعيد ميلادها (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 5 يونيو لمواليد برج الثور    حظك اليوم| الاربعاء 5 يونيو لمواليد برج الميزان    البابا تواضروس: التجليس له طقس كبير ومرسي أرسل رئيس وزراءه ذرًا للرماد    إعدام 3 طن سكر مخلوط بملح الطعام فى سوهاج    عقار ميت غمر المنهار.. ارتفاع أعداد الضحايا إلى 5 حالات وفاة وإصابة 4 آخرين    إمام مسجد الحصري: لا تطرد سائلا ينتظر الأضحية عند بابك؟    "تحريض على الفجور وتعاطي مخدرات".. القصة الكاملة لسقوط الراقصة "دوسه" بالجيزة    وزارة الصحة: نصائح هامة يجب اتباعها أثناء أداء مناسك الحج    مع اقتراب عيد الأضحى.. 3 طرق فعالة لإزالة بقع الدم من الملابس    عيد الأضحى 2024 : 3 نصائح لتنظيف المنزل بسهولة    مؤسسة حياة كريمة توقع اتفاقية تعاون مع شركة «استرازينيكا»    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تعايرنى .. ولا أعايرك
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 01 - 2010

بينما كنت أمارس حياتى بشكل عادى لا بيّا ولا عليّا.. أدخل صراعات وأحارب حروب وأتخانق وأشد شعرى.. وأحياناً بلا قصد وعن غير تعمد والله أشعر بالسعادة أو النصر أو.. أو.. فوجئت بأعراض غريبة تهاجمنى.. تغيرات عجيبة تتسلل رويداً رويداً إلى جسدى.. تبدأ بسيطة فأنتبه لها ثم أتعود عليها فتصاب بالمرعة وتبدأ فى الإعلان عن نفسها بوقاحة وقلة أدب.. كنت أتعامل معها بمنطق واحد رخم بيغلس عليا فأستاء منه مرة وأرد غلاسته مرة ثم أقرر أن أتركه يهوهو وأكبّر دماغى.. إلى أن اضطررت لأن أتحرى الأمر فصدمتنى عبارة توقفت أمامها كثيرا وكأنها لم تمر بى من قبل.. دايماً الواحد كده.. يتخيل أن كل الأشياء تحدث للآخرين إنما هو.. لأ‎.‎
حاولت أن أبحث عن الشخص السئيل ابن السئيلة الذى أطلق عبارة «سن اليأس» على المرأة التى بلغت سن الأربعين وطالع، بحيث تحولت هذه التسمية إلى وسيلة لمعايرتها والإشارة إلى أنها انتهت كامرأة وأنثى.. ولم تبق لها إلا الأدوار ثقيلة الدم لتلعبها بسماحة كاذبة من المجتمع على اعتبار أنها تلعب فى الوقت الضائع، وأنه يسمح لها بذلك من باب التكريم يعنى وكده.. وإذا نجحت فى هذه الأدوار وبلغت منصباً مهماً وتم ترشيحها مثلاً لمنصب قاضية.. خرج عليها الرجل يسوق حججاً فاشلة وبايخة من عينة أن المرأة لا تحتمل مشقة هذه الأدوار لأنها متغيرة المزاج بحكم الدورة التى تأتيها كل شهر.. مع إنه لسه قايل عليها من شوية إنها بلغت سن اليأس وانقطعت عنها هذه الدورة.. بواخة وخلاص يعنى.. المهم‎.‎
فى عرض سريع لسن اليأس هذا فهمت أنه سن انقطاع الدورة الشهرية نتيجة لانخفاض معدل ضخ هرمون الإيستروجين الذى يمد المرأة بالقدرة على التبويض والإنجاب، كما يقوم بمهام تجميلية مثل نعومة الجسد ونمو الثديين وحلاوة الصوت وصلابة العظام وشوية حبشتاكات كده.. يعنى هو يأس من الإنجاب فقط على اعتبار أن العدة بتعطل يعنى‎.‎
وبدأت أركز لألاحظ تأثير انسحاب هذا الهرمون من جسدى.. فوجدت أنه مظلوم بعض الشىء.. فهناك عامل آخر يتحالف معه فى هزيمتى.. إنه الجاذبية الأرضية، تلك الجاذبية التى نهلل لها دائماً ونشكرها على أنها تقوم بتثبيتنا فى الأرض وتمنعنا من أن نحلق فى الفراغ ونطير زى رواد الفضاء اللى بيقعدوا يلعبوا فى الجو دول.. واكتشفت أن هذه الجاذبية تمارس عملها بإخلاص شديد لدرجة أنها لا تقوم فقط بمهمة مسمرتنا فى الأرض وإنما تشد كل شىء داخلنا لأسفل.. وكأنه صعبان عليها أن يظل أى شىء محتفظاً بكرامته رافعاً رأسه فى شموخ.. فتجد مع تقدم العمر كل الأشياء تتقوس إلى أسفل.. مثل شعار الوجه الباكى للمسرح.. كله بيبص لتحت.. الحواجب والعيون وزاويتى الفم وطرطوفة المناخير وشحمة الودن واللُّغد.. ومن هنا ونازل.. كل الأشياء واخدة وضع القفز من فوق المنط لتغطس فى رحاب الجاذبية.. ويبدأ الواحد منا فى الاقتراب من الأرض كلما قصرت قامته.. يمكن تمهيد لأنه رايحلها رايحلها.. ولأن الواحد منا يرفض الهزيمة.. ده اللى روحه لسه صاحية يعنى.. فإنه يبدأ فى النظر حواليه فى اعتراض طفولى واحتجاج عنيد بعبارة مثل: واشمعنى إحنا الستات يعنى؟.. إيه الرجالة المفترية دى؟.. شوف شوف الألاطة؟.. ينظر إلينا الرجل وهو قالب شفته وحاسس بامتعاض قوى وخلاص هيجيب اللى ف معدته.. دى ست قالبة العداد وتاريخ صلاحيتها خالص.. سن اليأس بقى يا صديقى.. إنما شوف المزة الورور اللى ماشية هناك دى؟.. كل شىء بيفط وينط وباصص لفوق فيها.. راقبت هذا لفترة وقررت ألا أنفعل.. لامؤاخذة الإنسان بشخصيته بقى والعبرة بالذكاوة يعنى مش بالتضاريس المتفجرة دى.. ولا أخفيكم أن الحقد الدموى الذى سكن نفسيتى قادنى لأن أبحث أكتر.. ما أنا عايزه أطلع أى عيوب فاطسة بقى دفاعاً عن وجودى.. فاكتشفت ما هو مكتشف من قبل طبعاً بس أكيد متعتم عليه لأهداف ذكورية بحتة.. اكتشفت أنه فى نفس التوقيت بتاعنا يحدث للرجل شىء مشابه.. هرمونات الرجل المنشطة تبدأ فى الضمور وتقل إفرازاتها فى الجسم وأهمها هرمون النمو اللى باين اسمه التيستيستيرون الذى تفرزه الغدة النخامية فى الدماغ والذى بانسحابه تحدث تغيرات عقلية وجسمية ونفسية لديه.. ده اللى هو مين؟.. الراجل‎.‎
يعنى مع انسحاب هرمونه يبدأ شعره فى التساقط تمهيداً للصلع الذى يصيب حواجبه أيضاً.. ويبدأ كرشه فى البروز تدريجياً إعلاناً عن بدء عصر اليأس الرجالى.. وبعد فترة ييأس أكتر فيبدأ فى الاستدارة والانفصال عن باقى البودى ليشكل شيئاً يشبه صينية البطاطس كأن حد لازقها بالمقلوب على وسطه.. ثم تتقوس ذراعاه للخارج ويسيبوا فراغ كده حوالين جسمه.. كما تقوم بنفس النشاط ساقاه اللتان تتباعدان تاركتين جسمه ماشى لوحده.. كأنهم مخاصمينه.. وبما إن كل الأشياء بتتباعد فإن التوازن يقل، وبناء عليه تلاقى الراجل بيمشى فى مرحلة سنية معينة زى مخرطة الملوخية.. ويشترك الصوت فى هذه المظاهرة الانسحابية فيخشنّ أكتر ما هو خشن بالإضافة إلى إن السنان بتفلّق من بعضها.. وبما إن هناك تشابه فى الحروف بين الخشونة والشيخوخة.. فإن الصوت يخشوشن شيخوخياً.. إيه الهطل ده؟.. وبعدين بقى يبتدى يبقى عصبى وبيشخط.. فيقولك ده مهيب ووقور.. وهو لا مهيب ووقور ولا نيلة.. الأخ عصبى مش طايق ترترة مناخيره من كتر انسحاب الهرمون.. وتتدخل أختنا الجاذبية الأرضية لتلعب أروع أدوارها.. فتقوم بشد كل شىء لأسفل بسخافة منقطعة النظير.. ده من وجهة نظرهم طبعاً.. على فكرة أثناء البحث العلمى قوى بتاعى ده اكتشفت قلة أدب الجاذبية.. لأنها بتنشن على المناطق التى سبق الافتخار بها قبل ما نيأس.. فمثلاً أول ما تشد فى الرجل تقوم شادة الثديين.. فجأة ينزله ثديين.. زى الإرهابى اللى فجأة بتنزله دقن.. بعد ما كانوا منفوخين وعضلات بيقعد يلعّبهم زى الجدع اللى كان قاعد ورا عادل إمام فى شاهد ما شافش حاجة ومش عايز ينتشر.. تلاقيهم على حين غرة خدوا على خاطرهم كده ويئسوا وراحوا باصين لتحت كأنهم عاملين عملة.. وتستمر الجاذبية فى حصد كل أسباب الفخر والعزة طول ما هى ماشية.. ولحد هنا والديك صاح وسكتت عن الكلام غير المباح‎.‎
وعشان ما نظلمش الرجالة.. حاكم تلاقى الستات دلوقتى قاعدة تصقف بشماتة وفرحانين فيهم موت.. هناك كثير من الأشياء المشتركة فيما بيننا نحن اليائسين‎.‎
فقضية الخشونة والهشاشة وطقطقة الركب وتزييق المفاصل تجعلنا نشكل معا أوركسترا سيمفونى ضخم.. فإذا ما استطعت أن تفصل جميع الأصوات الموجودة فى الشارع وقفلت محبس الكلاكسات والسيارات وكله وأصغيت السمع.. ستفاجأ بفرقة حسب الله تعزف لك لحن الركب اللى بتطقطق والمفصلات اللى بتئن والنهجان م المشى.. اقترب قليلاً بمكبر صوت هتلاقى زوام داخلى طالع من نفافيح الصدر عمال بيقول «آه يانى يامه.. يا رُكبى.. يا مفاصلى.. يا عصعوصى‎»..
‎■ الآن ارتحت نفسياً.. ماحدش بقى لما أبقى أوصل للسن ده ‏- خلى بالك قوى م الجملة اللى فاتت دى - يبقى يشاور عليا ويقول تاريخ صلاحية والكلام الزنخ ده.. هتلاقينى دبيت صباعى فى عينه على طول وأنا بقوله: «لا تعايرنى ولا أعايرك.. اليأس طايلنى وطايلك‎».‎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.