عمرى ما كنت من الأشخاص المحظوظة بشكل خاص .. أقدر أقول عادية .. ممكن أتفاجىء بحاجة ظريفة كل فترة كده .. إنما اللى حاططنى أنا تحديداً فى دماغه هو سوء الحظ غير المتصل. ما فى مرة أمشى فى طريق إلا وأتهبد فى نقرة .. ولا مرة تحصلى حاجة بايخة فى يوم ويتكسف على دمه - اليوم - ويقول كفاية عليها كده، لأ.. لازم يكَمِل سيمفونية المواقف البايخة لحد ما اليوم يقضى عليا خالص. حتى فى عالم التدوين، بيحصل إن ضغطى يعلى ودمى يتحرق وأعصابى تنهار.. بيحصل .. زى يومها كده .. لما أصابنى فقع متكرر للمرارة! لسه يا دوبك بقول يا صباح التداوين وبكتب الباسوورد .. لمحت إعلان تدوينة أخ أمريكانى يدرس فى جامعة ما بيشتكى يا عينى من منشور وزعه أحد الدكاترة يدعو لمنع إنتشار الدين الإسلامى بحجة إن ده انتشار هادم للثقافة الامريكية .. وسمى الدكتور ده دعوته بأنها ثقافية وليست عنصرية .. طبعاً فى يوم واحد التدوينة دى كان عليها 150 تعليق .. 100 منهم تتفق مع المدون فى إن دى دعوة للكراهية تتنافى مع الدستور الامريكى اللى بيكفل حرية الدين لكل مواطن أمريكى .. و50 نازلين شتم فى المدون وفى الإسلام ..(أظن واضح كده ليه الفقع كان متكرر). مش بس شتموا .. دول دعوا كل مسيحى مؤمن حقاً إنه يطرد أى مسلم من شغله ولو قدر من بلده .. بما أن القتل مش وارد حفاظاً على سلامتهم الشخصية .. وكانت حجتهم أن الإسلام يدعوا لقتل المسيحيين. واتمنيت ساعتها لو حكيتلهم عن طنط سالى... طنط سالى جارتنا من سنين طويلة .. طنط سالى بتحبنى بجد وكأنها خالة من خالاتى أو عمة من عماتى .. طنط سالى بتزين شارعنا كله بفوانيس عملاقة من الإزاز الملون والنحاس وبتفرحنا كلنا برمضان .. طنط سالى شفتها بالصدفة وهى بتزور ملاجىء أيتام تابعة لجمعيات شرعية إسلامية .. طنط سالى بتوصى أى حد من معارفها مسافر عمرة أو حج يجيبلها سبحة وسجادة صلاة .. طنط سالى بتسمى قبل ما تاكل وبتصوم معانا رمضان زى ما بتصوم صومها وبتوزع شنط رمضان على المحتاجين وعمرى ما شفتها خارجة من غير إيشارب على راسها. فى المقابل ومش عشان لازم يبقى فيه مقابل إنما عشان ده من القلب بجد، كلنا بنحبها أوى وبنعتبرها من عيلتنا .. كلنا بنثق فيها زى ما هى تثق فينا .. عيد الأم عندى يعنى هدية لأمى وهدية لخالتى وهدية لطنط سالى .. ياما فيه مواقف بيننا من أحسن ما يمكن ... ياما إحتاجنا لبعض وياما وقفنا جنب بعض. كتير طلعوا عليها إشاعة إنها مسلمة فى السر .. وعشان أنا بحبها وفى نفس ذات الوقت عشان مفتاح بقى ضايع من زمان، سألتها فى لحظة روقان: - طنط .. إيه حكايتك بقى؟ (مع ابتسامة مُشَجعة) - حكاية إيه يا حبيبة طنط؟ - حكاية الإيشارب الشيك اللى أنتى لابساه وصوم رمضان وشريط دعاء ختم القرآن من مكة اللى سمعت صوته طالع من عندك إمبارح؟ - عادى...زي زيك. - يا طنط .. بجد قوليلى .. حضرتك مسلمة؟ - بصى حبيبتى .. كل واحد فينا إتولد لقى أهله لهم دين .. وكلنا إتبعنا الدين اللى عليه أهالينا .. بس الواحد لازم يفكر ويشغل مُخه .. ولما فكرنا أنا وبابا الولاد - ما إحنا متجوزين صغيرين أوى - لقينا إن مش معنى إننا مسيحين يعنى ما نؤمنش بمحمد والإسلام .. وارتحنا لفكرة إن ربنا كلنا واحد وأن الأنبيا من البشر وكلهم مرسلين من الله وإن كل الأديان حلوة إلا إذا إحنا بوظناها فى حياتنا بغباوتنا .. أهم حاجة محدش يكره حد حتى لو مختلف عنه وأهم حاجة المعاملة الكويسة والرحمة بين الناس .. أما القناعات بقى فكل واحد يختار اللى هو عاوزه عشان دى حاجة بينه وبين ربه. مقدرتش أقول حاجة (وده حدث جلل) وكل اللى قدرت عليه هو أنى أبتسم وأنا فرحانة أن فيه فى حياتى عقلية زى عقلية طنط سالى. إرتحت أن زى ما إحنا شايفين جمال أخلاقها وقربها مننا هى كمان شايفة ده فينا .. إرتحت أن تعليم أمى ليا أن أحسن الظن بكل الناس وأقيم البنى آدمين حسب جودتهم وأخلاقهم جه بفايدة .. والفايدة هى طنط سالى ووجودها القوى فى حياتى. عرفت أن الحل الوحيد للخروج من الحالة المؤسفة للعنصرية داخل مصر أو الهجوم الأعمى خارج مصر هو إن الواحد يركز فى إنه يصلح نفسه وينضف مُخه من أى معتقدات مُضللة مزروعه فيه .. وإننا منبطلش توصيل لفكر الحرية الحقيقى واحترام الغير اللى بجد وتقدير الآخرين بذمة. بس...