«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لو كان فيه هجرة لكندا
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 04 - 2009


زوجى العزيز،
أنا بكتب لك المرة دى علشان حاسة إن فيه مؤامرة بيتم تدبيرها من ورا ضهرى..... مراسلات وإيميلات ومكالمات مريبة... وحاجات كتير بالشكل ده..
أنا عارفه أنت بتعمل إيه على فكرة، هتموت ويجيلك شغل بره مصر، ونازل تدوير فى الإنترنت والجرايد مش عاتق... مش بقولك عندى الحاسة السادسة وفاهماك وعاجناك..
بصراحة بقالك سنة بحالها بتقول كلام حوالين الموضوع ده، وأنا ودن من طين وودن من عجين، لأنى عارفة أنك مش هتاخد خطوة صعبة زى دى بسهولة. وكنت دايماً باعمل إنى سامعاك ومتعاطفة معاك، بس من جوايا كنت بتخنق من كتر شكوتك من حال البلد واللى حاصل فى البلد... وتلميحاتك إننا هنكون أحسن لو عشنا فى أى دولة أوروبية، وإن شاالله حتى نقدم على هجرة لكندا أو أستراليا، ونهاجر ومانرجعش تانى خالص ونرتاح، كنت بحس أن كل الناس عايشة فى مصر مبسوطة ومقضياها ومحدش بيشتكى الشكوى دى كلها غيرك، ومحدش فى الموال ده كل يوم غيرنا.
لكن بصراحة الكلام واللت والعجن زاد قوى فى الفترة الأخيرة، وخصوصا لما بترجع كل يوم من شغلك الساعة تمانية بالليل، ببقى مرعوبة من وقت رجوعك لأنى عارفة بالحرف ما سوف تصرخ به فى وجهي:
"أنا اتخنقت... كل يوم بنزل من البيت وأنا متفائل وسعيد، لكن على بال ما أوصل الشركة فى 6 أكتوبر، بيكون طلع عينى، وكله كوم وميدان الرماية ده كوم، خنقنى، ده ميدان لا مؤاخذة ابن ستين فى سبعين، لأ وإيه، يوم يقولوا هيعملوا فيه نفق، لأ هيعملوا كوبرى، لأ مترو أنفاق... ده الواحد هيكون اتكل على الله وساب الدنيا قبل ما الحكومة تقرر هتعمل إيه، وكله كوم وأنا راجع كوم، والله ببقى عايز أبات فى الشغل علشان المواجهة العظيمة دى ما تتكررش تانى... كل يوم يا ناس أشوفه مرتين... نفس الميدان مرتين، نفس الميدان بزحمته بغباوته بشكله العكر، لأ وإيه الجنينة اللى فى النص، مش فاهم هى عبارة عن إيه، المفروض يعنى دى حديقة عامة؟!"
وبعدين أنا كنت مستحملة النص ساعة دى كل يوم بعد رجوعك من الشغل، وبعدها لما كنت بحضّر لك الأكل، أنت كنت بتنسى وتبدأ تهدى، وكان اليوم بيعدّى وخلاص....لغاية لما الاسطوانة اليومية زادت حتة، وتحولت حالة الكراهية للطرق والشوارع والميادين العامة، إلى خوف قاتل وفوبيا، فاكر لما جيت قلت لى:
"أنا مش عارف ألاحق على إيه واللا إيه، كل الطرق فيها حوادث مرعبة، الواحد مش مآمن على نفسه فى البلد دى، ده لو الواحد حصلت له حادثة على الطريق، على بال عربية الإسعاف ما تيجى فى الزحمة دي، هيكون الواحد اتكل على الله وارتاح، واللا لو لحقوه وراح مستشفى ونسيوا المقص جوه بطنه زى ما بنسمع، واللا المصيبة لو احتاج نقل دم ونقلوا له دم فيه فيروس سى، ده تلت الشعب المصرى عنده الفيروس ده..... ده الواحد مش مآمن على نفسه، أمال الناس اللى بتخلف عيال دى إيه..... مش خايفين عليهم واللا إيه؟؟؟"
وحتى لما كنت أنا بحاول أهدّيك وأعملّك أكلة حلوة بتحبها علشان تاكل بقى وتسكت شوية، كنت بتفكرنى بالمبيدات المسرطنة والخضروات المرشوشة وأنفلونزا الطيور.... الله هى أنفلونزا الطيور دى فى مصر بس واللا إيه، ما هى فى كل الدنيا.... أنت بس اللى دايماً كده موسوس وبتحب تبالغ....
لكن لأن الزن أمرّ من السحر، أنت نجحت فى أنك تسوّد الدنيا فى وشّى بجد، الحياة بقى لونها كحلى على رأى صلاح جاهين، وأنا جالى اكتئاب مزمن، أنت بتجيب كل المصايب وترميها فى وشّى مرة واحدة، وبصراحة نفسى انسدت عن الدنيا، وبقيت أتعمد أنام فى وقت رجوعك من الشغل لو تلاحظ ، علشان أختفى من قدامك.
لأ كل ده برضه كوم، ولما حصلت الطامة الكبرى من وجهة نظرك كان كوم تانى، يوم ما رجعت تقول لى:
"أنتى ماسمعتيش اللى حصل واللا إيه؟؟ "
قلت لك: "الحمد لله... مصر اتعادلت مع زامبيا فى تصفيات كاس العالم، ما أنا عارفه..."
قلت لى : "مصر إيه وكاس إيه، أنتى نايمه على ودانك، أنتى ما سمعتيش الأخبار واللا إيه، بيقولك أتوبيس وقع من على الطريق الدائرى رشق فى بلكونة من بلكونات العماير اللى بتبص على الكوبرى، شفتى المهزلة، ده الواحد ناقص يبقى قاعد فى أوضة نومه واللا فى البلكونة ساعة العصارى يلاقى أتوبيس نقل عام بالسواق بالركاب داخلين عليه... لأ الواحد مش مآمن على نفسه."
أنا بعدها اللى بقيت مش مآمنة على نفسى، لكن حاولت برضه أخفف عنك وأقنعك إن دى حوادث فردية تقع فى كل مكان، حتى فى أمريكا بيحصل لهم كده عادى خالص، دى حتى الحوادث دى بتيجى عندهم فى برامج المواقف والطرائف وحاجات زى كده ، لكن للأسف أنت ركبت دماغك ولم ترتدع، وكأن الحادثة دى هى اللى تسببت فى إصرارك على السفر بأى تمن "قبل ما نلاقى الأتوبيسات والتكاتك منتهكة حرمة بيتنا، ونلاقى نفسنا طالعين فى برنامج تسعين دقيقة مع معتز الدمرداش" على حد قولك.
بس الصراحة بعد حادث الأتوبيس ده، أصبحت نفسى فعلا مليئة بالرعب والتشاؤم، واقتنعت إننا لسنا فى مأمن، مع إننا مش ساكنين جنب الكوبرى الدائرى ولا حتى المنيب... بس برضه الواحد يحرّص أحسن. لكن رجعت وقلت إحنا دلوقتى أنا وأنت بطولنا، طب لو سافرنا بره وخلفنا عيّل، هنربيه أزاى فى الغربة؟؟ هنقول له إيه؟ ينتمى لمصر واللا للبلد التانية؟ نقول له الحياة فى بلدك صعبة لكن لازم تحبها، والحياة هنا أحلى حتى لو إحنا مواطنين درجة تانية؟؟ طب لما يوصل لمرحلة المراهقة، أكيد هنتعب جداً معاه، هنقول له كل اللى حوالينا غلط وإحنا بس اللى صح؟ طب هنربيه أزاى على الأخلاق والدين والعادات والتقاليد بتاعتنا؟؟
ولما جيت أقول لك الكلام ده، فاجأتنى بردك: "عادات وتقاليد إيه أنتى مش فى الدنيا، أنتى فاكره إننا شعب متدين زى ما بيقولوا فى التلفزيون، ده كلام للاستهلاك المحلى وحفظ ماء الوجه، تقدرى تقولى لى كام واحد فى مصر عنده ضمير وبيعمل بالدين فعلا أو بيراعى ربنا؟
ده إحنا لو ربينا ولادنا فى مصر، لازم نربيهم على سياسة اخطف واجرى، والحق دورك قبل غيرك ما يلحق، واقعد فى أول صف فى الفصل، وإوعى تساعد حد، واللى يضربك اضربه يا حبيبى، ثقافة الزحام هى الأنانية والأنمالية والاتكالية، هى دى المبادئ الوحيدة اللى عيالنا هيحتاجوها فعلا علشان يعيشوا فى مصر، ولو ربيناهم غير كده هيتداسوا فى الرجلين ويبقوا ملطشة.
أنتى فاكرة أن المستقبل فى مصر للناس اللى زينا اللى معاهم شهادات وعندهم مُثُل عليا، لا... العلم لا يكيل بالبتنجان، والقوالب نامت والانصاص قامت....على فكرة لو كنتى سافرتى بره كنتى عرفتى أن عندهم إنسانية ورحمة أكتر مننا بكتييير، لما رُحت ألمانيا من كام سنة تبع الشغل انبهرت، كل حاجة فى البلاد دى متصممة علشان (الإنسان)، وراحة الإنسان، وسهولة الحياة، دول بيحترموا جميع الفئات من الصغير للكبير... بقولك البشر ليهم قيمة... واللا الشوارع والمطاعم واللا الحدائق العامة اللى تشرح القلب وإيه، حاجة ببلاش كده، مش زينا هنا فى مصر، عشان تستمتع بأدنى حد من المعيشة الطيبة لازم تكون قادر تدفع، لازم تبقى من (كريمة المجتمع) عشان تشوف مناظر حلوة وتروح نوادى حلوة وتدخّل عيالك مدارس حلوة، وحتى عشان تاخد معاملة حلوة من الناس، ولو إن دى حتى مش مضمونة قوى، ما إحنا بندفع كتير وعمرنا ما بناخد معاملة كويسة أو خدمة من القلب فى أى حتة بنروحها مع إننا دافعين... ومع إن الزبون على حق.."
وبصراحة أنا اقتنعت شوية فعلاً، أو بدأت اقنع نفسى إننا لازم نسافر، ما أنا كنت عايزة أخلص من أسوأ ساعة فى اليوم كله، وهى ساعة رجوعك من الشركة، عشان أنا بكون مضطرة أسمع شكوتك، وضغطى بيعلى، وكمان مضطرة أحضّر لك الغدا مع أنى برضه تعبانة طول اليوم فى شغلى، يعنى بحس بالقهر نوعاً ما، فقلت أضرب عصفورين بحجر، خصوصا إنى بتابع كتير أفلام ومسلسلات أمريكانى، وبحس إن الستات هناك قوية ومفترية، يعنى شغل البيت مش كله على الست زى عندنا، كمان الزوج عندهم بياخد من شغله إجازة لرعاية الطفل، زيه زى الزوجة، يعنى مساواة، برضه أكيد الحياة أسهل، وخصوصا إنى بدأت اسمع مصطلح الإعلام المصرى بيروج له من فترة هو (تمكين المرأة)، وده أكيد جاى لنا من أوروبا والدول المتقدمة، يعنى السفر فيه مصلحة ليّا، لأنى مش هبقى محتاجة (اتمسكن لحد ما أتمكن)، لأ ده أنا (هتمكّن) على طول.....
وبصراحة أنا من ساعتها بدأت اهتم "شخصياً" بموضوع السفر، أنت عارف بقى لما أحط دماغى فى حاجة....قلت مافيش أحسن من فكرة الهجرة، نقدم على هجرة كندا وإن شاء الله إحنا مش أقل من كل الناس اللى اتقبلوا فى الهجرة، واللى ما تعرفوش أنت أنى بدأت أتكلم مع صاحبتى نجلاء على الإنترنت، ما هى عايشة هناك، وبدأت تحكى لى عن الحياة هناك، وأكتر من كده جبت استمارة الهجرة فعلاً، ونويت والنية لله إنى أملاها "بنفسى"، واعملها لك مفاجأة، وطبعا كنت هقولك إن أنا بحقق رغبتك، وماكنتش هقولك الصراحة على موضوع "التمكين" ده اللى أنا نفسى فيه، وفضّلت احتفظ بالسر ده لنفسى...نياهاهاها... ولما نوصل بقى الأراضى الكندية كنت هفاجئك بإنى (اتمكنت)، وأشوف بقى المفاجأة على وشك لما ترجع من الشغل تعبان، ومستنى بقى الدلع زى زمان، تشتكى من تعب الشغل ما تشتكيش، وحتى لو كنت جعان، شوف مين اللى هيهديك ويحضر لك الأكل، ساعتها هقولك بتشفّى "لو جعان جهّز أى حاجة أو أطلب أكل من بره...هو أنا لسه هطبخ.. الموضوع ده قديم قوى يا أستاذ.... أنت فاكر نفسك لسه فى مصر؟؟؟"، وأنت هتعرف ساعتها قيمة الحياة فى مصر اللى أنت متبطّر عليها.
وأصبح الموضوع ده حلم عمرى.. لكن الكسل بقى تقول إيه... كل يوم أقول بكره هملأ الاستمارة... بعد بكره... طب بعد بعده... بعد رمضان... طب آخر كلام بعد إجازة العيد.... لما الشتا يخلص عشان الدنيا برد والواحد مش قادر يمقق عينيه فى الورق ده كله فى عز البرد... وياريت على الاستمارة بس، لأ ده مطلوب ورق كتير واستخراج شهادات مترجمة....
لسه الواحد هيلف على كل المصالح الحكومية دى كلها عشان كل الورق ده... مش معقول... وحتى الاستمارة لما بدأت ألقى نظرة عليها.. مجرد نظرة بس.. أتعقّدت...تفاصيل كتيرة وكلاكيع كده ما تعرف إزاى، الناس دى فاضيه واللا إيه، دى باين عليها ناس مكلكعة، وبلد معقدة مش هتمشى معانا... دى حتى (لمياء) بتقول الحياة صعبة هناك، دى حتى بتقولك عندهم تلج، والناس بتنام من الساعة تمانية بالليل... لأ لأ يا شيخ بلا هجرة بلا قلة قيمة... إحنا هنا فى مصر عايشين فى رحرحة والبساط عندنا أحمدى وحصيرة الصيف واسعة، إيه بقى اللى هيحدفنا آخر الدنيا، ده الاستمارة نفسها معقدة وماعنديش "طقطان" أملاها، أمال لما نروح هناك هنعمل إيه؟؟ من خرج من داره أتقل مقداره، واللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش، وورق إيه اللى لسه هنطلعه؟؟ خلينا هنا متلصمين كده فى بلدنا على الأقل عرفنا ديتها... أنا رجعت فى كلامى الصراحة، ولازم أنت كمان ترجع عن الفكرة دى.
هتقوللى الشوارع فى مصر زحمة، أقول لك أنظر لنصف الكوباية المليان، الزحمة بتديلك فرصة للتأمل والتفكّر، وعلى فكرة بقى دى مجرد إشاعات، طب شوف وقت ماتش مصر وزامبيا، طب شوف وقت الفطار فى رمضان، الشوارع فل الفل والعربيات بتجرى زى الرهوان، والله بقى الإنسان الواعى ممكن ينتهز الفرص اللى زى دى عشان يقضى مشاويره، مش يتحجج بالزحمة ومش الزحمة، يعنى واحد ينزل فى وقت طلوع الموظفين وبعدين يشتكى من الاختناق المرورى، ده يبقى هو اللى مواطن خنيق، إيه اللى نزله من بيته فى ساعة زى دى؟؟ هو ده اللى أنا اقدر اسميه "غباء المواطن" ، أو "مواطن الغباء"...
لأ بس برضه المواطنين عندنا أحسن من غيرهم، لو حصلت حادثة فيه تكاتف بيحصل فى الشارع، كل الناس بتقف وتشاور على العربية المتكسرة، هتلاقى ده فين غير فى مصر؟؟؟
بلاش دي، طب فين تانى فى العالم كله هتلاقى ركنات للعربيات صف تانى وتالت بسهولة وحتى على الكبارى، طب ممكن تلاقى (سايس) فى أى بلد تانية غير مصر؟؟ بلاش دى، هما فى كندا والدول المتقدمة عندهم (بوابين)؟؟ ، طب مين اللى هيشيل لنا الأكياس وإحنا راجعين من كارفور الساعة اتناشر بالليل؟؟ طب فيه هناك (مرات بواب) هتسعفنى وتغسل لى المواعين؟؟
لأ يا سيدى لأ، بلا (تمكين) بلا بتاع، إحنا هنا حلوين والستات زى الفل، على الأقل ممكن استأذن بدرى من الشغل، بيقولوا فى بلاد بره الشغل من تسعة الصبح لحد تسعة بالليل، طب ارتاح أنا أمتى وأتكلم فى التليفون أمتى؟؟ وقال إيه بيقولك أنهم بيستريحوا فى ال (ويك إند)، لا يا عم دى ناس مضحوك عليها ومدفونة بالحيا، طب حتى لما نخلف أفرض الواد طلع غبى هيكون إيه موقفنا؟؟، بيقولوا هناك مفيش دروس خصوصية ولا الكلام ده، لأ الحياة عندهم ضيقة قوى وإحنا مش هنعرف نتعايش فى الجو المعقد ده، ده أنت لو زعقت لابنك هناك يجيب لك البوليس، لو شديت السيفون بالليل الجيران برضه يجيبولك البوليس، دى دولة بوليسية مش هنسلك فيها.... صحيح إحنا هنا فى مصر متبهدلين من أمناء الشرطة فى الشوارع بس اسمنا فى بلدنا، اللى يسرى على غيرنا يسرى علينا... إحنا مش أحسن من المواطنين اللى لسه متمسكين بالحياة فى مصر، ويا سيدى لو قابلتنا مشكلة برضه لينا ضهر، هنبعت لبرنامج (البيت بيتك) زى غيرنا من المواطنين الشرفاء وهنلاقى (محمود سعد) بيكلم المسئولين وبيقلب الدنيا وهيحل لنا كل المشاكل.... اقول إيه واللا إيه، على رأى ستى الله يرحمها "القوالة تاهت"، لازم تفوق وتعرف قيمة بلدك... هى دى مصر بلد الأهرامات والنيل وأحمد زويل... مصر ولادة... مصر غنية بترابها وولادها... إيه ما شربتش من نيلها؟ طب جربت تغنى لها؟؟
مصر دى أمك وأوعى تصدق اللى يقولك دى مرات أبوك...اللى بيقولوا كده دول ناس مدسوسة علينا وأفكارهم هدامة... أنا عايزاك تفتكر الفيلم اللى إحنا بنحبه، "فيفا زلاطة"، لما فؤاد المهندس أبكانا فى آخر الفيلم بأغنية "مصر هى أمى.. نيلها هو دمى"، ياريت تصدق الأغنية دى، وأوعى تصدق الشاعر الحديث اللى بيقولك "مصر هى أمى.. وفيروس سى بيجرى فى دمى"... وعلى فكرة تحضرنى قصيدة متواضعة كنت ألفتها فى الفترة الماضية، وماكونتش عايزة أقولهالك علشان مؤثرة جداً... بس جه الوقت اللى لازم تقرأها وتحطها حلقة فى ودنك.... واسمها (أنا فى بلدى ملكة نفسى)، وده مقطع منها:
أخرج ليه من بلدى يا ناس..... وأنا فى بلدى أميرة وملكة
أخرج ليه من بلدى يا ناس..... حتى لو مش لاقيه اللقمة
بلدى أولى بيا يا ناس.......... خيرها عليا وأنا مش ناسية
أخرج ليه من بلدى يا ناس..... حتى لو كان فيه هجرة لكندا
وسامحنى لو لقيت الجواب ده مبلول شويه، لأن الدمعة فرت من عينى ومش هقدر أكمل كتابة الصراحة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.