أكد عدد من الخبراء السياسيين، أن تركيا تلعب دورا إقليميا «فريدا من نوعه» فى منطقة الشرق الأوسط عامة والوطن العربى خاصة، مشيرين إلى أن هذا الدور تمتع «بمقبولية» شديدة لم تحظ بها دولة إقليمية أخرى فى المنطقة، على عكس أدوار دول أخرى واجهت بعض الانتقادات. وذكروا خلال مؤتمر «تطور الدور الاقليمى لتركيا وأثره على الأمن والاستقرار بالمنطقة»، الذى نظمه المركز الدولى للدراسات المستقبلية والإستراتيجية أمس الأول، أن الولاياتالمتحدة تدعم بقوة الدور التركى فى المنطقة، ليكون عاملا موازيا وندا لتنامى الدور الإيرانى، معتبرين فى الوقت نفسه أن الديمقراطية التى تتمتع بها ساعدتها على «تحرير» سياستها الخارجية. وأشاروا إلى أن أنقرة نجحت فى تكوين «صورة جميلة» لها، من خلال سياستها الخارجية تجاه دول المنطقة، والتى كان أبرزها موقفها المعلن تجاه الهجوم الاسرائيلى على قطاع غزة. وقال حسن أبوطالب، مدير معهد الاهرام الإقليمى للصحافة، إن حركية وديناميكية الدور التركى وتصاعده فى منطقة الشرق الأوسط، لا يعنى بالضرورة تراجع الدور الإقليمى للاعبين الأساسيين فى المنطقة، وعلى رأسهم مصر والسعودية، لافتا إلى أن أنقرة تلعب دوراً متكاملاً مع تلك الدول، من خلال الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والعسكرية. وأضاف أبوطالب: «تحرك أنقرة تجاه المنطقة نابع من وجود دعم معنوى ورأى عام قوى من الشعب التركى نفسه، وموقف وزير خارجيتها فى دافوس وانسحابه من المؤتمر، لا يعبر عن رأى القيادة السياسية فقط، وإنما جاء مدعوماً من الشارع التركى». وتابع: الدور التركى يحظى بقبول كبير فى المنطقة، إلا أنه يواجه العديد من القيود، أبرزها المساحة التى يمكن أن يسمح بها اللاعبون الاساسيون فى المنطقة، لتنامى هذا الدور، بمعنى أنه لولا المساحة التى تركتها الدول الإقليمية لتركيا، لما برز الدور التركى بهذا الشكل. وأرجع الدكتور مصطفى اللباد، مدير مركز شرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية، سبب تصاعد الدور الاقليمى لتركيا إلى الفراغ السياسى الذى شهدته المنطقة العربية، مع وجود تفعيل لهذا الدور من قبل واشنطن كعامل مواز لتحركات طهران، فضلاً عن أن العائد والمكاسب التى حققتها أنقرة من هذا الأمر أقل بكثير من ناحية التكاليف السياسية التى تكبدتها بعض الدول، مثل إيران الذى ظلت تعمل 30 عاماً، من اجل الوصول إلى مكانتها الحالية فى المنطقة. وأوضحت الدكتورة باكينام الشرقاوى، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن النظام الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة داخل تركيا، ساعدها فى رسم صورة جيدة لها داخل المنطقة، كما ساعدها على التحرر من سياسة الاملاء التى تفرضها الولاياتالمتحدةالأمريكية فى التعامل مع الدول التى تعانى من مشاكل سياسية داخلية. وانتقدت الشرقاوى من يغفل تنامى الدور التركى فى المنطقة مستشهدة بالاتفاقيات التى وقعتها أنقرة فى أكتوبرالماضى مع اليونان وارمينيا وسوريا، وزيارات مسؤوليها إلى شمال وجنوب العراق. وأكد الدكتور إبراهيم البيومى غانم، أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون التركية، أن الفراغ السياسى الذى شهدته المنطقة العربية، وخاصة بعد سقوط العراق كدولة قائد فى المنطقة العربية، وتخلى مصر والسعودية عن القيام بمهمات دور الدولة القائد، أتاح الفرصة لإيران وتركيا من أجل التنافس على لعب دور إقليمى، مع اختلاف السياسة التى لعبتها الدولتان، فإيران استخدمت لغة «القوة الخشنة» فى حين استخدمت تركيا لغة «القوة الناعمة».